آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-01:05م

أدب وثقافة


القناص -قصة قصيرة

الخميس - 13 سبتمبر 2018 - 03:01 م بتوقيت عدن

القناص -قصة قصيرة

صالح بامقيشم

 

قصة قصيرة / الصفحة الثقافية

كانت شوارع الحي فارغة وحالة صمت جنائزي مهيب تهيمن على المكان ، مرقت سيارة دفع رباعي لتكسر خرس الشارع المقاببل يتشبث اربعة من المسلحين في مؤخرتها
في الاثناء ومن بعيد كانت الدوشكا تقهقه كسكير سمع نكتة ثقيلة واسراب غربان كثيفة تطير ناعقة كلما قطع صوت الرصاص غفوتها .
ازيز رصاصة حمقاء صافحت اذنه اليسرى ومضت في سبيلها اوقظه من تأمله فانطلقت اللعنات من شفتيه ..عاد ليتكور في مكانه وعينيه كصقر يترقب فريسته تسترق النظر من ثقب صغير في العمارة القديمة .

داعب بندقيته بحزن ..فتح هاتفه الذكي لينطلق صليات من رسائل الواتساب ..حملق ببلاهة في المنشور .. عععع عا..عاااجل ..قوات الش..ررر...الشرعية ..رمى الهاتف بملل ولعن في سره باقذع الالفاظ الوغد الذي اخترع هذا الجهاز واردف بلعن من تسبب في حرمانه من التعليم ..
فكر في امه ..لاشك انها تشعر بقلق بالغ حين تصلها انباء الاشتباكات في عدن
ثم تذكر شقيقه علي الذي اصبح مرافقا شخصيا لاحد قيادات المقاومة ..وانطلق شريط افكاره ..كم قلت لذلك الابله ابق بجوار امك ، كل ماتحتاجون اليه ساسعى لاحضاره لكم ، الايام الصعبة قادمة ومستودع المؤن فارغ..


آه ..علي المسكين ..انه صغير على الحروب والدماء ، كم قلت له ان يجلس الى جوار امه ..لاشك انه يتمترس مع قائده الان في ركن من المدينة بعد ان اعلن ذلك القائد تاييده للطرف الاخر..

السيارة تحوم في الجوار واصوات اطلاق نار متقطع يعاود الصراخ
نظر الى بندقيته ، يا اله السماوات والثلج ..يااله عدن والكائنات التي لم توجد قط ..هذه الالة اللعينة هرست ثلاثة رؤوس منذ البارحة ..يارب ..كن معي لانجو .

انصت الى صوت موسيقى نشرة الاخبار من البيت المجاور الذي هرب جميع سكانه ولم يبق فيه سوى ابنهم الاكبر ..

المعارك تستمر .. ...!! في عدن وسط ..... من تحول الحرب الى مناطقية ...هاه هل قالت تلك المذيعة ...حرب مناطقية!

شعر بقشعريرة تغزو كل مسام في جسده وهو يرى سيارة الدفع الرباعي تقترب الى اسفل العمارة التي يختبيء فيها ..زادت انفاسه ركضا ...قفز احد الملثمين من السيارة واندس كثعبان في البناية الملاصقة..انه شاب صغير ..اها ...يبدو انهم يريدون التمركز هنا ليتخلصوا منه ..
وضع فوهة بندقيته في الثقب ..وحبس انفاسه كصياد اعتاد القنص بانتظار ان يلمح الفريسة ..
عاد صوت التلفاز ليشوش افكاره : ...ويتخوف سكان عدن من حرب شبيهة بصراع يناير من القرن الفائت ...وووو...
لمح راس الشاب الملثم امامه فملأ رئتيه بالهواء ثم احتفظ به..انتظر و تركه ليخرج بكامل قوامه ثم وجه الفوهة الى صدر الفتى....وضغط على الزناد !! فارتطم جسد الخصم بالارض ..
لقد كانت معركة قصيرة ..فكر بارتياح ..لقد ارتفع عدد ضحاياه الى اربعة .

في الظهيرة ..
شعر بالامان وقرر القفز الى العمارة الملاصقة ليرى العدو القتيل ..تسلق الجدران وقفز بخفه ..اقترب من الجسد النحيل ..وسحب اللثامة عن وجهه ليشعر بزلزال بقوة عشرة ريختر يهز كيانه ..صاعقة تنفجر شظاياها في وجهه .. ردد جبل شمسان نحيبه المكتوم ..

يا الهي ماذا اقترفت ؟!

انه" علي" !!!