آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-06:59ص

أدب وثقافة


الخفايا .. (الحلقة الثالثة)

الثلاثاء - 14 أغسطس 2018 - 07:13 م بتوقيت عدن

الخفايا .. (الحلقة الثالثة)

كتب / عصام عبدالله مسعد مريسي

تفتح باب الشقة وصغيرتها تنتظر في صدارة الغرفة لتبهج أمها بحصولها على المركز الأول وعينيها تمتلان بالبهجة والفرح سرعان ما تظهر علامات الاستغراب والدهشة فخلف أمها رجل بمنظر قبيح بشع عينان محمرة فسرعان ما عاد  إلى مخيلتها صورة الأب السكير الذي لا تفارق الحمرة بياض عينية ، تسارع الأم بالإجابة على الاسئلة التي في عيني طفلتها الحائرة :

إنه زوجي .. سيكون مثل أبيك

ترتسم علامات الحزن والاسى في عيني الصغيرة ، تفطن الأم إلى الألم في ملامح صغيرتها فتستدرك:

أحسن من أبيك .. لا تقلقي صغيرتي

تقترب من صغيرتها تعانقها تقبل رأسها والضيف الغريب ما زال يرقب الموقف بين الأم وصغيرتها وهو لا ينتظر إلا نصيبه من الصفقة ليلة حمراء مع الحسناء التي طالما اشتهها وهي في قبضة سيده المدير حتى جاء دوره في الاستمتاع ، تلتفت إليه طالبةً منه المغادرة:

أرجوك .. أرحل الليلة ولنا لقاء أخر

يغادر الشقة وهو ممتعض غاضب مما فاته في هذه الليلة يتمتم بكلمات غير مفهومة للصغيرة وأهمها:

عندما أقترب موعد الوليمة كثرة المنغصات

تقترب الأم الغارقة في شهواتها واستمتاعها بحياة رخيصة بعد أن جعلت من نفسها سلعة رخيصة يشتريها من يريد وربما بدون مقابل وكأنها تنتقم من نفسها لنفسها ، تفتح ذراعيها ترتمي الصغيرة في أحضانها وسرعان ما تضع بصرها في عيني أمها سائلةً لها عند ذلك الغريب المتطفل:

أمي مَن هذا البشع الذي جاء بصحبتك.

تنكس الأم الطائشة بصرها فارة به من تساؤلات صغيرتها الحائرة ولكن أمام تكرار الصغيرة سؤالها والحاها تجيب وبصرها يتجول في كل انحاء الغرفة لم تستطع مواجهة طفلتها وهي تطقطق أصابعها دون شعور:

إنه زوجي الجديد

تجهش الصغيرة بالبكاء وتطلق تساؤلات :

لماذا يا أمي .. إنَّ مظهره بشع ... كيف سيعيش بيننا

تمسح الأم بكفيها الملطختان بالمعصية كي توصل احساس الدفيء إلى صغيرتها  ولكن أنىَّ للخائف المتخبط أن يرسل إلى غيره احساس الدفيء والأمان ـ تنام الطفلة أو هي تتناوم وتنام الأم وهما مقبلتان على حياة المجهول مع الضيف الطامع في لحظات استمتاع عابرة ثمن لسكوته على خيانة سيدة والجميلة المتخبطة المشاعر والسلوك ، وكل واحدة منهما تشعر بما يدور في خلد الأخرى والأم تلوم نفسها على سلوك تجد نفسها فيه مورطة صغيرتها في تبعاته ولكن بلادة مشاعرها وتخبط قراراتها وسوء تدبيرها لأمورها دائماً ما يقودها إلى عواقب وخيمة تتحمل معها صغيرتها وزر أخطائها ليشكل كل ذلك سلوك الصغيرة نحو الانتقام ومحاولة رسم وجود لنفسها لإحساسها بضآلتها عند الاخرين فتتصنع الكبر الممقوت والكذب لا خفاء واقع يأملها ويمزق شخصيتها.