آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-01:37م

ملفات وتحقيقات


تقرير:الدراما العدنية وموقعها من الخارطة الفنية في اليمن

الإثنين - 06 أغسطس 2018 - 11:28 ص بتوقيت عدن

تقرير:الدراما العدنية وموقعها من الخارطة الفنية في اليمن
نجوم مسلسل فرصة الاخيرة العدني

عدن(عدن الغد)تحقيق: عبد اللطيف سالمين

 

للدراما التلفزيونية اثر مجتمعي بارز في شتى مجالات الحياة. وتشكل وجبة مسلية للمشاهد في كل عام وتحمل دور كبير  للمساعدة في رفع وعي المجتمع عبر أفكارها  الممزوجة  بقالب قصصي مؤثر يبرز جل قضايا المجتمع.

وكانت عدن سابقة في مجال التلفزيون والإذاعة والمسرح. وبرزت الدراما العدنية قبل أكثر من خمس عقود  في المسرح التلفزيوني في منتصف الستينات من القرن الماضي لتنطفئ فيما بعد.

وفي السنين الأخيرة التي شكلت فيها الدراما غياب واضح وتام عن المشهد أتى مسلسل فرصة أخيرة ليكون بمثابة الفرصة الأولى لعودة الدراما العدنية للواجهة  لما حواه العمل من قالب اجتماعي هادف، مواكبا بذلك حياة الشارع العدني بحذافيرها  لتبدو الفرصة الآن وكأنها كانت الأخيرة، حيث أن الأعمال التي تلتها فيما بعد لم ترقى للمستوى المطلوب ليعود السؤال مرة أخرى، ما موقع الدراما العدنية من الخارطة الفنية في اليمن ؟، وما هي الأسباب التي أدت إلى ما نحن عليه اليوم، كيف يمكن خلق بيئة مناسبة تبرز من خلالها الدراما العدنية في الشاشات التلفزيونية اليمنية منها والعربية.

ركود درامي يخنق الفنانين.

 تطالب الإعلامية سمر علي بالاهتمام بدور المرأة في  الدراما،  وتنويع أعمالها في الإنتاج الدرامي لخلق بنية درامية متماسكة في عدن.

وترى أن الركود الإعلامي يجعل الممثل في خانة ضيقة جداً ، نضرا لغياب شركات الإنتاج عن المشهد.

وتتابع؛ نحتاج إلى  دولة حقيقة ترعى المبدعين وتساندهم، مشيرة إلى دور الدولة  اللازم في الدعم لإنتاج دراما قادرة على المنافسة والإبداع، وتفعيل للمؤسسة العامة للسينما في مدينة عدن.

وتضيف علي انها على قناعة تامة  أن كل ما هو إنساني لا يتعارض أبداً مع الدين الإسلامي وان العمل الدرامي له دور بارز في مكافحة الإرهاب بمختلف أنواعه.

الشركات الرأس مالية تفرض وجودها غالباً وهو ما ينصب على الربح بعيدا عن المحتوى.

شركات الإنتاج تتاجر بالفنانين العدنيين وتستغل ظروفهم  بأعمال رديئة وهذا ينعكس على حساب الممثل، هذا ما يراه الممثل التلفزيوني والمسرحي" أكرم مختار" والذي يضيف أن المنتجين لا يخاطرون  أبداً  بإنتاج مسلسل إلا إذا كانت فرصة الربح كبيرة لهم دون أي اهتمام بنوعية المادة المقدمة أو الممثل.

وأضاف ممثل أخر أن قناة السعيدة التي كانت غالباً ما تنتج مسلسلات الدراما العدنية تعاني من إفلاس في السيولة مما جعلها تعزف عن أنتاج العديد من المسلسلات كان أخرها مسلسل بالعدني.

وتحدث ممثل أخر من طاقم أعداد مسلسل بالعدني، أن شركات الإنتاج تستغل ظروف الممثلين المادية، وتستغل أسمائهم لأعمال رديئة المحتوى، حيث يرى ان النص يفقد للخبرة، و يعد كاتبه لا يفقه في كتابة السيناريو شيء.

وتابع :حين رأيت ممثلين كبار لهم أسمائهم المعروفة في المجال الفني، تحمست للقبول بالعمل. رغم استلامي فقط للسيناريو بدون الحوارات. وهو ما ندمت عليه فيما بعد لان المسلسل لم يكن بالمستوى الفني.

الصعوبات التي يواجهها الممثلون مع شركات الإنتاج.

تحدث لعدن الغد مصدر من أسرة عمل مسلسل بالعدني، على أن العمل كان يجب ان تنتجه قناة السعيدة التي قدمت مبلغ مالي لشركة الجيل، كقيمة لجزء من حلقات المسلسل، وحين أتى موعد تسليم الحلقات الجاهزة تفاجئ العاملين بالقناة أن التصوير لم يتم البدء به بعد، لتنسحب من إنتاج العمل.

وتابع؛ لذا  أخدت شركة الجيل على عاتقها إنتاج العمل، وتم التعاقد مع ممثلين كبار والاتفاق على حيثيات العمل و بعد كل ذلك أنتجت فقط سبع حلقات لتبيع المسلسل لشركة إنتاج أخرى. لتكمل انتاج بقية الحلقات.

وفي حديثه عن الظروف المحيطة بالعمل، شكى الممثل من انعدام المصروف اليومي وان ملابس الممثلين هم من كانو  يأتون بها من منازلهم، لتنسرق هي الأخرى فيما بعد من صاحب الموقع الذي يتم التصوير فيه، والسبب عدم دفع الشركة أيجار الموقع.

وكان قد انسحب كثير من الممثلين من العمل بعد قيام شركة الجيل  ببيع العمل لشركة أخرى بعد الحلقة الثامنة. كان لنا حديث مع احد هؤلاء وهو الممثل العدني" أكرم مختار" والذي صرح لـ " عدن الغد "

انه تم تأخير مستحقاته المالية ولكن بعد شد وجذب قام  بأخدها  ليفاجئ فيما بعد للأخبار التي تصدر من شركة الجيل الفني للإنتاج. وتأسف أكرم من التعامل الذي وصفه بالغير مهني، حيث تم الحديث عنه بقيامه بالإتيان ببلاطجة لتهديهم لأخد مستحقاته المالية وهو الأمر الذي لم يحدث على الإطلاق كما قال أكرم: الذي قال انه ذهب لاخد ماله برفقة زميلته الممثلة ، فهل أضحت ممثلاتنا اليوم بلاطجة!

غياب شركات الإنتاج وانعكاسه على أصحاب الصنعة.

لعل الاختبار الأكثر قسوة في أرشيف الدراما في عدن كان من نصيب  المخرج العدني عمرو جمال، والكاتب مازن رفعت، عمل جاهز لم يجد طريقه إلى دور الإنتاج. بعد ان كانت قناة السعيدة قد قامت بطلبه من البداية واهتمت بالأمر، لتنسحب في النهاية،  فجرى حفظ النص طمعاً بفرصة أخرى في العام القادم.

يرى رفعت ان قناة السعيدة هي القناة التجارية الوحيدة في سوق الإعلام التي تنتج المسلسلات.

وأبدى مازن تأسفه على  انسحاب القناة من إنتاج العمل للأريحية التي كان يشعر بها  في عمله مع القناة  وذلك لعدم تقيدهم بأدليوجيات محددة كبقية غالبية القنوات المنتجة الحزبية والتي يكون غالبيتها إصلاحية تقوم بفرض رؤيتها على الدراما وهذا بحد ذاته كارثة كبيرة، كما يرى.

وشكل واقع المسلسلات الاجتماعية في عدن خيبة أمل أخرى للكاتب حيث

أكد ان غياب الشركات الإنتاجية يسبب شرخ كبيرا، وان وجدت فأن إنتاجها يقتصر على الكليبات الغنائية او الأفلام القصيرة التوعوية مشيراً إلى ضعف الإنتاج ان وجد بسبب السيولة المالية القليلة التي يقدمها المنتجون الآخرون.

 

مؤامرة أو انعدام صنعة؟

يرى بعض الناس أن أزمة انعدام المسلسلات العدنية مؤامرة تهدف إلى تهميش الفنانين في مدينة عدن عن الدراما اليمنية بشكل عام، وعن خارطة العرض في شهر رمضان.

وهذه ما يؤكده لعدن الغد: الممثل التلفزيوني والمسرحي" سامح عقلان"

ويشاركه الرأي كاتب السيناريو مازن رفعت. حيث يرى أن غياب شركات الإنتاج عن الصناعة العدنية سببه أنها أعمال غير مرغوبة سواء في الشمال أو الجنوب شانه شان الهوية العدنية الضائعة. وكل ما يخص مدينة عدن يقابل بالكره من الجميع.

وفي الجانب الأخر يرى الإعلامي يوسف المقطري ان انعدام الصنعة حالياً هو سباب غياب الدراما، مستدلاً بجهل المجتمع اليوم  بالشيء الذي باستطاعت الدراما ان تقدمه، وانعدام المدارس والخبراء الذين بإمكانهم تطوير ومتابعة هذا الفن وإضافة كل جديد له.

مشيرا إلى انه متى ما ظهرت الدراما بصورة واضحة وحقيقة وتم توعية الناس بهذا المجال ستنفجر في الأجيال القادمة مواهب كثيرة .

ويشاركه الرأي الناشط الحقوقي حسان الجيلاني،  عضو ومؤسس في الرابطة الإعلامية الجنوبية. حيث يشير إلى ان  السبب هو انعدام وجود بيئة مناسبة تضع قاعدة وأساس تؤمن به حياة الأديب والكاتب والمثقف. اننا  في مرحلة النضال لأجل البقاء على قيد الحياة، لا مجال للإبداع.

ويرى الجيلاني ان الحل يكمن في إيجاد الوطن للأمن المستقر الذي يمكن أفراده من الولوج في غور تخصصاتهم ومجالات إبداعهم.

حلم إعلام خاص في عدن.

 الخوض في الحديث عن إعلام خاص ومستقل في مدينة عدن يعد ضربا من الجنون لما يحتاجه الأمر من استقرار سياسي، وهو ما  يبدو بعيد المدى.

ويقف الجمود السياسي والثقافي والاجتماعي في وجه تحرير إعلام داخل مدينة عدن، الأمر الذي يجعل المنتج الدرامي مضطرا لصناعة مسلسل وفق مقاسات بعيدة عن هذه المدينة التي تمتلئ بالعديد من الوجوه الشابة والمخضرمة في المجال الفني.

في ظل هذا  الواقع المتردي، نحن بحاجة لعودة الدراما العدنية لسابق عهدها، وتوفير البيئة اللازمة لصنع مستقبل أفضل عوضا عن التباكي والوقوف على أطلال ماضينا الجميل.

نحتاج إلى بناء اللبنة الاساسية لخلق جيل فني حقيقي وتوفير جل وسائل الانتاج المطلوبة لبناء دراما تليق بهذه الصنعة العريقة.

فالمعاناة واضحة من شحة الإنتاج الدرامي في عدن، وان وجدت أعمال بسيطة لتليق بالمستوى فإنها تكون متقطعة النظير، وتعاني من سيطرة شركات الإنتاج على الأعمال المحلية وتهميش الدراما العدنية بشكل واضح.

إن الإنتاج الإعلامي  في عدن بجميع أنواعه يرتبط بشكل وثيق بالحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تسود في المدينة اليوم. وإذا ما أردنا النهوض حقاً لابد من ترتيب كل أوراقنا للعودة مجدداً للواجهة بشكل مشرف، يبرز مكانة عدن الحضارية والثقافية ويعود بثغر اليمن الباسم  إلى المسار الصحيح.