آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

اليمن في الصحافة


شتات اليمنيين في جيبوتي .. أميركيون محرومون من استقدام عائلاتهم العالقة بسبب قرار ترامب

الإثنين - 30 يوليه 2018 - 03:46 م بتوقيت عدن

شتات اليمنيين في جيبوتي .. أميركيون محرومون من استقدام عائلاتهم العالقة بسبب قرار ترامب

(عدن الغد) متابعات:

تعيش الثلاثينية اليمنية أماني علي أحمد على أمل حصولها هي وطفليها على تأشيرة "فيزا" من السفارة الأميركية في جيبوتي منذ فبراير/شباط 2015، إذ غادرت مدينة عدن جنوبي اليمن برفقة طفليها محمد وعصماء عبر سفينة نقل للماشية من أجل إتمام إجراءات الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأميركية للحاق بزوجها الأميركي من أصل يمني عبدالله أحمد دحان.

أنفقت الأسرة 39 ألف دولار من أجل إجراءات نيل التأشيرة كما تقول أماني مستدركة بحزن "صعوبة العيش بسبب غلاء الأسعار، حرمت طفلي من الالتحاق بالمدارس، بعد خسارتنا المالية لآلاف الدولارات في انتظار الفيزا".

وتعد أسرة أم محمد واحدة من 1000 أسرة يمنية، تعول 5 آلاف شخص بينهم 2000 طفل انتقلوا إلى جيبوتي للحصول على "الفيزا" الأميركية، من أجل اللحاق بأرباب أسرهم في أميركا، بعد تعليق السفارة الأميركية في العاصمة صنعاء عملها في 11 فبراير/شباط 2015، غير أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحظر سفر حاملي جنسيات 6 دول إسلامية بينها اليمن الصادر في 28 يناير/كانون الثاني 2017 عرقل حصولهم على الفيزا بحسب تأكيد الخبير القانوني اليمني في مركز الحقوق الدستورية في نيويورك (منظمة غير حكومية) إبراهيم القعطبي، والذي قال لـ"العربي الجديد" إن إجراءات استخراج الفيزا كانت تستغرق في السابق من 8 إلى 16 شهر، وهو ما يؤكده صادق السلمي الخبير القانوني المتابع للقضايا القانونية للجالية اليمنية عبر مكتبه "الزاوية اليمنية لخدمات الهجرة" في نيويورك قائلأ لـ "العربي الجديد": "أي مواطن يمني يحمل الجنسية الأميركية، ويريد استقدام فرد من عائلته إلى أميركا يقدم استمارة تحمل اسم " form i-130 " إلى دائرة الهجرة الأميركية، ثم يذهب الفرد المعني في العائلة لإجراء مقابلة في السفارة الأميركية باليمن، ومن ثم السفر إلى أميركا، لكن الأمر تغير بعد قرار ترامب".

 

معاناة العائلات اليمنية في جيبوتي

ضاعفت قرارات ترامب من معاناة الأسر اليمنية العالقة في جيبوتي، بعد أن أجبرت على مغادرة اليمن بسبب الحرب الدائرة في اليمن منذ 26 مارس/آذار 2015، وفق ما وثقه معد التحقيق مع 8 حالات تعاني من تلك القرارات التي وضعت شروطاً تعجيزية على طالب الفيزا، من بينها طلب فحص جيني وراثي (DNA) لثلاث مرات بتكلفة 2000 دولار في المرة الواحدة، ولأن مدة الفحص 6 أشهر، وإنّ تأخر المعاملة في السفارة الأميركية بجيبوتي أكثر من تلك المدة، يقتضي إعادته مرة أخرى، ناهيك عن الفحص الطبي الذي يجرى أكثر من أربع مرات كـ"فحص الدم وفحص الحالة النفسية والبدنية، والفحص بالأشعة السينية"، مع استثناء الأطفال والنساء الحوامل من ذلك، من دون أن يستطيعوا الحصول على الفيزا في نهاية الأمر، ومن هؤلاء الذين وثق معهم معد التحقيق، اليمني فؤاد أمين حسن الصيادي الذي يحمل الجنسية الأميركية منذ العام 2003 والموظف في شركة النقل MTA، الذي ذهب إلى العاصمة الجيبوتية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 من أجل الالتقاء بأطفاله الأربعة واستكمال معاملة استخراج الفيزا لهم من هناك للالتحاق به في أميركا، ولكنه فؤجي بعرقلة السفارة الأميركية لمعاملته وتم الرد عليهم بأن هناك تعليمات صارمة لا تسمح باستخراج الفيزا لأولاده رغم أنه يعتبر مواطنا أميركياً وذلك من حقه كما يقول لـ"العربي الجديد".

يضيف الصيادي أن خسارته بلغت 35 ألف دولار أميركي في جيبوتي من دون نتيجة، وهو ما يؤكده القعطبي الذي زار جيبوتي في 15 مارس/آذار 2018 مع فريق قانوني من مركز الحقوق الدستورية في نيويورك وخريجين من كلية القانون بجامعة ييل الأميركية، التقوا خلالها بالعائلات اليمنية هناك لمعرفة أوضاعهم ونقل معاناتهم إلى الرأي العام الأميركي وبقية المنظمات الحقوقية، مضيفا في مقطع مصور لـ"العربي الجديد" :"اطلعنا على حجم الضغط النفسي والمعاناة المادية التي تعيشها تلك العائلات هناك، بعد أن أضاعوا أشغالهم ومدارس أطفالهم، ويحتاج البعض منهم عند العودة إلى أميركا وقتا طويلا من أجل سداد الديون التي اقترضها لهذا الغرض، رغم أن بعضهم أكملوا الإجراءات المطلوبة، لكنهم فوجئوا برد السفارة الأميركية بالرفض كما حدث مع عائلة الصيادي"، الأمر الذي دعا مركز الحقوق الدستورية إلى تشكيل مبادرة أطلقوا عليها "العدالة للمجتمع اليمني الأميركي" (يبلغ عدد الجالية اليمنية في أميركا 350 ألف مغترب وفقا لرئيس الجالية فتحي علاية).

 

ما هي شروط الحصول على الفيزا؟

تشترط الإدارة الأميركية على مقدم الطلب للحصول على الفيزا أن يكون مؤهلاً لذلك من كافة النواحي، ولا ينطبق عليه أي استثناء وارد في القرار الرئاسي رقم 9645 والذي بُدئ بتنفيذه في 8 ديسمبر/كانون الأول 2017 وحظر القرار على مواطني الدول الست تأشيرات فئة ب1/ب2 (تعني B1 زيارة عمل، بينما تشير B2 إلى القدوم من أجل السياحة)، وتأشيرات الهجرة والتأشيرات المتنوعة ولكن في حال كان مقدم الطلب مؤهلاً للحصول على التأشيرة من كافة النواحي الأخرى ما عدا الإعلان، ولا ينطبق عليه أي استثناء، يسمح الإعلان للمسؤولين القنصليين بمنح إعفاءات ويأذن بإصدار تأشيرة على أساس كل حالة على حدة عندما يثبت مقدم الطلب بحسب تقدير المسؤول: (أ) أنّ منعه من الدخول في خلال فترة التعليق سيتسبب له بمشقة لا داعي لها، (ب) أنّ دخوله لن يشكل تهديداً للأمن القومي أو السلامة العامة للولايات المتحدة، (ج) أنّ دخوله في المصلحة الوطنية، بحسب إفادة خاصة لـ"العربي الجديد" من وزارة الخارجية الأميركية والتي أكدت ردا على أسئلة الجريدة، أنه يجب على من يرغب في السفر إلى الولايات المتحدة من اليمن التقدم بطلب للحصول على تأشيرة والكشف في خلال مقابلة الحصول على التأشيرة عن أي معلومات قد تؤهله للحصول على استثناء أو إعفاء.

وتابعت الوزارة في الإفادة "سيقوم المسؤول القنصلي بالتنسيق مع الإدارة القنصلية وبعد أي معالجة إدارية مطلوبة بمراجعة كل حالة بعناية لتحديد ما إذا كان مقدم الطلب يتأثر بالإعلان، وما إذا كانت حالته مؤهلة للحصول على إعفاء، إذا كان الأمر كذلك"، غير أن القعطبي علق على هذه النقطة بالقول: "هذه مبررات غير منطقية، لأن أغلب من قدموا على الفيزا، هم من الأطفال وتم رفض معاملاتهم، رغم أنهم لا يشكلون أي تهديد للأمن القومي الأميركي وتنطبق عليهم شروط الاستثناء، إذ إن بقاءهم بعيدا عن آبائهم يعتبر من أكثر الأضرار التي قد تؤثر على حياتهم".

ويصف المحامي اليمني عبد الرحمن برمان عضو الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات "هود" (هيئة مستقلة تعمل في اليمن) المقيم في الولايات المتحدة تلك القرارات بالعنصرية والظالمة، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن القرارات الأخيرة حرمت حاملي الجنسية الأميركية من أصول يمنية من أبسط حقوقهم التي يكلفها الدستور والقانون الأميركي وهو لم الشمل مع أسرهم وأطفالهم.

 

مخاوف أميركية

تعيد وزارة الخارجية الأميركية في ردها المكتوب على أسئلة "العربي الجديد"، سبب عدم منح الفيزا للعائلات اليمنية في جيبوتي إلى التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة اليمنية حاليا في إدارة الهويات والتي تتضخم كما تقول بفعل الوجود الإرهابي داخل أراضيها، كما أنها لا توفر متطلبات أهم المعايير الخاصة بإدارة الهويات، ولا تشارك اليمن المعلومات المتعلقة بالسلامة العامة والإرهاب بشكل كاف، لكن سفير اليمن في واشنطن أحمد عوض بن مبارك يقول إنهم قاموا بالتأكيد للخارجية الأميركية بأن الحكومة الشرعية أصبحت قادرة على إصدار هويات وجوازات سفر مستقلة عن تلك التي يسيطر عليها الحوثيون، ويتم حاليا العمل على توفير ضمانات ومعلومات إضافية للجانب الأميركي من أجل إعادة النظر في إدراج اسم اليمن ضمن قائمة الحظر، مضيفا أن سبب المشكلة الحقيقي يعود إلى الهاجس الأمني لدى السلطات الأميركية، ولاسيما بسبب قدرة المليشيا الحوثية سابقا على إصدار جوازات سفر يمنية، دون رقابة في المحافظات التي تقع تحت سيطرتهم.

 

محاولات حكومية للحل

عمل وزير المغتربين اليمني بالحكومة الشرعية علوي بافقيه خلال زيارته التي انتهت 10 إبريل/نيسان الماضي للولايات المتحدة على تطمين المسؤولين الأميركيين بشأن الجانب الأمني لأوراق اليمنيين ومحاولة عمل استثناء لهم والرجوع إلى الوضع السابق حسبما قال لـ"العربي الجديد".

وطالب الجانب الأميركي الحكومة اليمنية بتوفير ضمانات دقيقة للهويات الصادرة من مراكز الإصدار الآلي للحكومة الشرعية وترتيب آلية واضحة للتنسيق الأمني عبر سفارات البلدين بحسب بافقيه، موكدا أن الحكومة تعمل حاليا على تنفيذها، فيما تعمل الجالية اليمنية في أميركا على متابعة قضية العالقين في جيبوتي من خلال التواصل مع القضاء عبر فريق من المحامين والقانونين والتنسيق مع الكونغرس ومنظمات حقوق الإنسان بهذا الشأن حسبما قال فتحي علاية رئيس الجالية اليمنية في أميركا لـ"العربي الجديد"، لكن عائلة المواطن الأميركي من أصل اليمني محمد الرميحي المكونة من الزوجة و3 أطفال فقدت الأمل، وعادت من جيبوتي إلى اليمن مطلع يناير/ كانون الثاني 2018 بعدما باعت كل ما لديها هناك كما يقول لـ"العربي الجديد"، "أعيش حاليا مع واحد من أطفالي فقط في ولاية نيويورك بعدما تمكنت من استقدامه في مارس/آذار 2013".