آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:46ص

ملفات وتحقيقات


في حرب اليمن..الأطفال يقاتلون ايضا.. ضعف الدولة وغياب الرقابة دفع الأطفال لخوض غمار الحرب

الأحد - 29 يوليه 2018 - 04:58 م بتوقيت عدن

في حرب اليمن..الأطفال يقاتلون ايضا..  ضعف الدولة وغياب الرقابة دفع الأطفال لخوض غمار الحرب

القسم السياسي بصحيفة عدن الغد

 

فقر بعض الأسر دفع الابناء للتجنيد سعيًا وراء المال

المدارس مدمرة والآباء عاجزون


تقرير/صالح المحوري

نفض جلال أحمد 12 عاما، الغبار من على زيه الفضفاض ممتشقًا بندقية عتيقة تفوقهُ طولًا، وقال مفاخرا أنه ذاهب لقتال الحوثيون في المخأ عند المنطقة الإستراتيجية على ساحل البحر الأحمر.

ومع ان بنيته الهزيلة علاوة على صغر سنة قد شكلا عائقين أمامه في البداية إلا أنهُ قاتل بالفعل بشكل جيد كما يقول أحد رفاقة المخضرمين .

وجلال الذي ترك المدرسة وتحول إلى محارب .لا يعد الوحيد في قائمة المقاتلين الواعدين الذي خاضوا الحرب ضد الحوثيين المتحالفين مع ايران ، لصالح حكومة الرئيس عبدربة منصور هادي التي يدعمها تحالف عسكري تقودة المملكة العربيةالسعودية.
فهناك آخرون ايضا.

وبينما يستميت مقاتلين محليين موالين للقوات الحكومية في صد هجمات الحوثيين في مناطق التماس متفرقة.يبدو ان من بين هؤلاء محاربين صغار من الفريقين.

ويأمل هؤلاء الصغار ان تتكلل مهمتهم بالنجاح ويعودون أحياء إلى منازلهم مرة أخرى مع حفنة من الأموال.بيد ان هذه مهمة شاقة.

ويقول اخصائيون نفسيون ل"عدن الغد" ان تجنيد الأطفال والزج بهم في القتال قد يجعلهم أشخاص غير صالحين في المستقبل. كما انهم قد يتحولون إلى محاربين شديدين يعشقون الدماء.

وتشير تقديرات أممية إلى تزايد عدد المجندين الأطفال دون سن الثامنة عشر في الصراع الأهلي في البلد المضطرب منذ العام 2011.

ويتصدر الفقر وتحسين الوضع المادي قائمة اسباب كثيرة تدفع بعض الأسر لتجنيد ابنائها غير ان هناك أسباب أخرى يبدو البعض منها مرتبط بالنشأة الاجتماعية.

 

قتال لأجل المال

في قلب مدينة عدن الجنوبية حيث تقيم الحكومة المعترف بها دوليا.التقينا جلال للمرة الأولى وهو قال أنهُ سيغادر مع اصدقائه على متن شاحنة عسكرية صوب بلدة المخأ جنوبي غرب البلاد.

والمخأ هي بلدة ساحلية حررت القوات الحكومية مركزها الرئيسي قبل حوالي عام وأكثر وهي تطمح للتقدم أكثر فأكثر في محيط المنطقة الاستراتيجية هناك.أخبرنا جلال انهُ واحد من حوالي 5 مقاتلين دون السن القانونية.شاركوا في تلك المعركة ولم يكن أحد ليمنعهم من ذلك.

قال جلال"رأيت الدماء للمرة الأولى وصدمت ..كان الوضع مخيف.أجساد هزيلة يخترقها الرصاص .كانت الرمال تغطي بعض الجثث"
وقال"كان هناك أطفال ايضا".

استقل جلال معقد متوسط في شاحنة عسكرية رفعت فوقها أعلام الجمهورية السابقة في جنوب اليمن، وصور لحكام خليجيين.كان إلى جانبه أربعة مسلحين بملابس شعبية وأحدهم قال ان العمر لايشكل فارقا كبيرا مادمت قادرا على التحكم بالبندقية.

وهذا الأخير يقول ان لا أحد يطلب منهم القتال من الجانب الحكومي لكنهم يفعلون ذلك خدمة لوطنهم كما قال.

وبُعيد اعلان عدن مدينة محررة من الحوثيين .قادت قوات الحكومة المدعومة من الرياض حملات تجنيد عشوائية في قوات الجيش والأمن ويعتقد ان من بين هؤلاء شباب صغار شاركوا في القتال ضد الحوثيين في بلدات الساحل الغربي ومناطق أخرى وقتل بعضهم في حوادث تبناها متشددون اسلاميون ضد مواقع عسكرية في المدينة.

ويعتقد ان من بين قتلى هجومين داميين تبناهما تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على مدرسة كانت تضم مركزا لمجندين محليين-كانوا يتدربون للقتال على الحدود السعودية- وآخر على قاعدة عسكرية عريقة.العديد من الشباب دون السن القانونية للتجنيد.


وترفض الحكومة اليمنية تجنيد الاطفال في الصراع الدائر منذ عامين. لكن ربما تعلم ان ثمة مقاتلين صغار يحاربون لصالحها.


ويقود الحوثيون الذين أنقلبوا على الرئيس اليمني الذي أنتقل إلى عدن، ومنها إلى الرياض، قبل ان يحاربهم بدعم خليجي. حملة واسعة لجلب المزيد من المقاتلين الصغار.


وأظهرت صور بثتها قناة المسيرة التابعة للجماعة.أطفالا يرددون شعار الجماعة الشهير ويلوحون بأسلحتهم في صعدة معقل الحركة الشيعية.


وتداول نشطاء يمنيون قبل مايقارب العام، مقطع فيديو يظهر جنودا تابعين للجماعة،يتشاجرون مع أستاذتين أمام بوابة مدرسة خاصة في صنعاء، بعد ان منعتهم من تجاوز البوابة.كان الجنود ينوون الذهاب ببعض الأطفال لقتال حلفاء الحكومة التي تدعمها الرياض.

في محافظة حجة على الحدود مع المملكة العربية السعودية دأب مسلحون حوثيون على تنظيم زيارات إلى مدارس إبتدائية وثانوية والتحدث مع الطلاب مباشرة عن ضرورة مواجهة ما أسموه "العدوان"في إشارة منهم للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية.


وقال مقاتل محلي "عدن الغد" ، يقطن في مديرية مبّين التابعة للمحافظة الحدودية مع السعودية ، عبر الهاتف ، كان رفض الكشف عن أسمه خوفا من إيذائه ان الحوثيون يدفعون مبالغ رمزية لبعض الآباء مقابل ان يقاتل الأبن إلى جانبهم.

وقال"كانوا يدفعون لنا بعض الأموال..قالوا أنهم سيعتمدونا رسميا ضمن الجيش..أحدهم كان يقول ان السعودية ستهاجمنا ان لم ندافع عن أرضنا ووصفنا بالأبطال".

والمقاتل الذي يبلغ من العمر 13 عاما قال ان قادة حوثيون زاروا قريته ذات يوم بحثا عن مقاتلين صغار، وأخذوا شقيقه الذي قال أنهُ قُتل لاحقا في غارة جوية للتحالف الذي تقودة السعودية على تجمع للحوثيين في بلدة ميدي.


وتقول الكاتبة والناشطة اليمنية وميض شاكر لصحيفة "عدن الغد"إن عملية تجنيد الاطفال تنشط عندما تكون الدولة ضعيفة ومضطربة.

وتمضي شاكر قائلة (الحل المستدام في اليمن هو إستعادة مؤسسات الدولة وبنائها، والتنمية مهمة أيضًا لإزالة فقر الاطفال اي حصولهم على الغذاء والصحة والتعليم).

وتضيف ( الدولة تتحمل المسئولية بطبيعة الحال لتقصيرها في حماية مواطنيها وفي مقدمتهم الاطفال والعمل على تلبية احتياجاتهم الاساسية)


وتردف شاكر( القانون الدولي يعتبر تجنيد الاطفال انتهاك جسيم من ضمن الانتهاكات الستة الاولى اثناء الحروب وصدر بذلك قرار من مجلس الأمن، ومن يثبت القيام به سواء دولة او جماعة خارج الدولة يدرج ضمن قائمة العار ويترتب على ذلك ملاحقة قانونية وعقوبات ).


في الساحل الغربي لليمن ،حيث يقاتل إئتلاف جنوبي ، متعدد التوجهات، منقسم بين قوات رسمية ومسلحين محليين وإسلاميين.يتلقى المقاتلون هناك دعما كبيرا ومن بين هؤلاء شبان صغار.


يُدفع في اليوم 2000 ريال يمني للمحارب الواحد ،مقابل ألف ريال سعودي مرتب شهري لكن ذلك يتطلب وفق معادلة الأخذ والعطاء، البقاء شهر أو شهرين في ميدان المعركة.


ومع ان ثمة رؤية موحدة حول الدافع الأبرز لقتال الحوثيين ، عند المقاتلين الموالين للحكومة التي يدعمها تحالف عسكري تسانده الولايات المتحدة.لا يعرف المقاتلين الصغار الكثير عن هذا لكنهم يطمحون لكسب المال.

ويعتقد ان سوء إدارة الحكومة اليمنية وتردي الاوضاع في البلد الفقير، ربما يقف خلف أسباب كثيرة تدعم انضمام بعض الشباب المراهقين لفصائل او جماعات عنف.

وقال مصدر اشترط عدم ذكر أسمه  ل"عدن الغد""هناك الكثير من الشباب تم تجنيدهم لصالح فصائل جهادية..أعرف الكثير منهم..غياب الحكومة لعبت دورا في هذا"

وقال"يعرف الكثير من الاباء إلى أين يذهبون ابنائهم لكن بعد ان فشلت الحكومة في صرف مرتباتهم صاروا يتقبلون هذا الوضع عنوة".

وكان الحوثيون قد جنّدوا المئات من الاطفال لمحاربة القوات الحكومية منذ بداية الصدام القديم مع نظام الرئيس السابق في العام 2004 قبل ان يصادقهم هذا الأخير لمحاربة قوات الرئيس عبدربة منصور هادي.لكن صالح قُتل بعد ان بدٌل ولائه لصالح التحالف الذي تقوده السعودية.

وترفض الحكومة اليمنية تجنيد الاطفال في الصراع الدائر منذ عامين.لكن ربما تعلم ان ثمة مقاتلين صغار يحاربون لصالحها.

وزير حقوق الانسان في الحكومة المعترف بها دوليا ابدى في البداية استعدادة للرد على سؤالنا حول موقف الوزارة من السماح لبعض الاطفال بالقتال لصالح قوات نظامية و فصائل موالية.وحينما بدأنا في ارسال الاسئلة على رقم هاتفه قرأ الرسائل لكنه لم يعلق.

 

وتقول وزارة حقوق الانسان اليمنية ان الحوثيين يدفعون الاطفال في اليمن صوب محرقة كبيرة بعد ان جندت الجماعة العديد منهم.

ولا يؤكد الحوثيون هذا أو ينفونه لكن منظمات حقوقية دولية أثبتت إن الجماعة المسلحة المدعومة من طهران تجند الأطفال في حربها ضد القوات الحكومية اليمنية.