آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-06:51ص

ملفات وتحقيقات


خطبة يمانية في قلب القاهرة

الجمعة - 27 يوليه 2018 - 05:52 م بتوقيت عدن

خطبة يمانية في قلب القاهرة

القاهرة ((عدن الغد)) خاص:

سعيت مع ولدي الطفل زين العابدين إلى ذكر الله لحضور خطبة الجمعة في أقرب مسجد لمسكني في أرض اللواء وكانت العادة أن نحضر خطبة باهتة باردة يصيبنا فيها النعاس ونمارس عادة التثاؤب. 
كنت أنتظر الخطبة على فرش خارج المسجد مع جمهور من المستمعين، وما أن صعد الخطيب على المنبر وبدأ بخطبة الحاجة وجدتني أمام خطيب ثابت الجنان فصيح اللسان تجمل صوته لهجته اليمنية، فنهضت من فوري وتسللت من الباب لعلي أعرف من هو هذا الخطيب اليمني الواثق، فجلست على كرسي في مؤخر المسجد ،فإذا صديقي(طارق هيثم) يقف مستقيما مطمئنا على المنبر ببنطاله ونظارته وشياكته المعتادة، ليوقف المصلين على معاني(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فأخذ يشرح الآية معتمدا على القرآن الكريم والأحاديث النبوية وعلم الاجتماع، مستخدما الفلسفة وتجارب الواقع وشواهد التاريخ، وكان يوزع نظراته بثبات في كل زوايا الجامع ويستخدم لغة اليدين وحركة الجسد بأبرع ما يكون، ورأيت الجمهور ولأول مرة مشدوهين نحو الخطيب وقد تسمرت أعينهم وصغت أسماعهم لهذا الشاب اليمني. 
فكان يقول : إن سنن الله الكونية لا تعترف بالفروق بين الناس من جهة أديانهم أو جغرافيتهم فهي لا تحابي أحدا لأنها قوانين ثابتة غير متحيزة.
لقد شغلتنا الأقول عن المشاريع والأعمال. 
نحن لسنا أمة متخلفة فالمتخلف يسير في آخر الركب ونحن نسير في عكس إتجاه حركة التطور. 
لماذا أقوى دولة في منطقتنا هي إسرائيل وأضعف الدول في أوربا هي ألبانيا والبوسنة وكوسوفو. 
لماذا يحصد المزارع الإسرائيلي عشرة أضعاف مايحصده المزارع الفلسطيني الذي لا يبعد عنه سوى خطوات قليلة. 
كل الأمم تتجه إلى الأمام ونحن نحن للعودة إلى الماضي؟ 
ألم يكن وضعنا قبل عشر سنوات أفضل من وضعنا اليوم؟ 
عباد الله :
إن الظلم هو سبب زوال الدول وليس الشرك(وما كان ربك مهلك القرى بظلم(شرك) وأهلها مصلحون ) .
ومازال هذا الشاب يلقي كلماته النيرة على الجمهور وهم يستمعون إليه وكأن على رؤوسهم الطير،حتى قضي خطبته وصلى بالناس بقراءة مجودة وبصوت جميل .فما سلم إلا والناس تتقاطر لتسلم عليه على غير المعتاد. 
حفظ الله مصر وأهلها وبارك الله في أخينا الفيلسوف طارق هيثم الكلدي. 

ناصر الوليدي - القاهرة 
الجمعة - ٢٧ يوليو٢٠١٨م