آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

ملفات وتحقيقات


تقرير:الشارع الذي فقد معنى اسمه

الثلاثاء - 24 يوليه 2018 - 08:56 م بتوقيت عدن

تقرير:الشارع الذي فقد معنى اسمه
شارع الحب بمدينة الشيخ عثمان

عدن(عدن الغد)خاص:

 

تقرير وتصوير: عبداللطيف سالمين

شارع يعرف بشارع الحب، مرتاديه يدمنون المشي فيه ، لما يحمله هذا الشارع من معاني ورموز تتعلق باسمه, شارع الحب كما يطلق عليه الناس منذ زمن. أو شارع الذهب وهي التسمية الرئيسة له قديما.

هو احدى شوارع الشيخ عثمان القديمة، الجميلة، كانت تملائه روائح زكية كالعود والبخور والاخضرين، اخد نصيبه من اسمه من طبيعة المدينة القديمة المنفتحة للحب والحياة.

من عقود كثيرة مضت حين يأتي وقت العصر يشكل هذا الشارع ملتقى للاحبة من الجنسين، كل مظاهر المدنية والحياة كانت هنا يوم ما، صيحات الموضة قصات الشعر، الملابس الجميلة والفاتنات من النساء. كل هذا تبدل وتغير ولا ترى اليوم الا  كتل شبابية رثة الللبس والمظهر تنتشر على اركان هذا الشارع  وتمضغ عشبة القات. او اكوام من القمامة المتكدسة هنا وهناك، المنتشرة في طريق مرورك فيه. وانهار سوداء من مياه الصرف الصحي التي أصبحت تفترش الطريق في مشهد يومي، نهاية الشارع وتحديداً بجانب فرزة الهاشمي.

اليوم لا وجود لملامح الحب فيه، فقط صورة مقززة تبقى في ذهن كل من يرتاده، مظاهر سلبية كثيرة تطغى على كل جمال سابق كان هنا، عشوائية في وقوف الباعة المتجولين يغلق الخط تماما، ولايبقى موضع قدم حقيقي لمرور الناس عليه. والكثير من الاصوات المزعجة من مايكرفونات الباعة ومواطير المحلات التي تصدع باصوات مزعجة تجعلك ترغب بمغادرته فور وصولك اليه .

 

يتسائل العديد من المواطنين عن الحال الذي وصل به شارع كان يعد رمزاً من رموز الجمال في شوارع عدن، ومن اكثر الشوارع نشاطا في التجارة. وكان لنا في عدن الغد استطلاع لمعرفة الوضع المزري  والمتردي الذي وصل اليه الشارع في الأونة الاخيرة.

 

*عشوائية الباعة المتجولين تجنى على هوية الشارع.

مع الانفلات الامني التي تشهده مدينة عدن شكل الباعة المتجولين  منضراً عشوائيا، وتحول إلى مكان يشبه سوق الحراج واكثر منه عشوائية بكثير، لا تجد بقعة ارض الا وفيها باع متجول يفترشها وكانها ملك له.

يقول محمد فارس: انا اعيش في هذا الشارع منذ اكثر من عشرين عام، لم اشهده بهذا الوضع المزري أبداًَ الا الان. كم اتمنى ان يعود لما كان عليه من قبل، حين كان يعتبر متنفس لنا نخرج لنبتاع امورنا الضرورية للمنزل او لنسائنا.

ويضيف فارس: كان الباعة متواجدين دائماً ويشكلون جزء من تاريخ هذا المكان ، ولكن في الارصفة بجانب بعض المحلات، واليوم يفترشون كل الطريق بشكل مقزز، يضفي على دهن المار فيه انه في قرية وليس في مدينة عدن.

وتابع فارس: البعض يستعير من اسم الشارع، ويفضل ان يطلق عليه شارع الذهب، ولكن الحقيقة هو شارع الحب شارع الحياة، ولكن اصبحنا نستحي ان نطلق عليه هذا الاسم. لكثرة المظاهر الغريبة التي لم نعهدها من قبل.

ويذهب فارس إلى سرد جزء من شريط ذكرياته والعبرة تخنقه: في الماضي حين كنت اجلس هنا في ركن الشارع بانتظار رؤية حبيبتي التي تخرج برفقة زميلاتها، كل ماكنت أناله حينها نضرة تشعل الحب في قلبي، وحين تذهب ابقى في مكاني ارتشف الشاهي وأتبادل الحديث مع أصدقائي. وحبيبتي تلك هي زوجتي وام عيالي الان ولهذا نطلق عليه هذه التسمية، كان يبدو الشارع واسعاً في الماضي واليوم اصبح يخنق من يمر فيه.

 وشاركت  منار علي ذكرياتها ايضاّ، وهي ربة منزل تعيش في احدى البيوت المطلة على الشارع:

قضى الباعة على كل الطرقات ، اذكر في الماضي كان المكان جميل وبسيط، وتجد كل حريتك للمشي فيه، الان لا تجد مكان، أصبحت اتحاشى المرور هنا لكثرة الزحمة الخانقة .

وتابعت علي: عدد البسطات اكثر من البشر في كل متر اكثر من بائع يفترش الارض، لابد ان يتصرف الأمن عاجلا او اجلاً .

وأضافت:  قبل اشهر كانت هناك حملة ازالة الباعة وكل العشوائيات من وسط الطريق، فرحنا حينها وكنا نخرج نمشي بكل أريحيه وهدوء ولسان حالنا يقول: العيد اتى باكراً هذه المرة، لان العيد هو الوقت الوحيد الي يكون فيه الشارع مرتبا وخاليا من كل هذه العشوائية، ولكن للاسف يومان فقط وعاد الوضع لما كان عليه مسبقاً .

 

انهار من مياه الصرف الصحي.

يقول خالد محمد: وهو مالك محل في الشارع.

للاسف لم يعد هناك أي شيء يدل على ان هذا شارع الحب الذي عرفناه،  المجاري تطفح بين كل فترة واخرى ولا احد يحرك ساكن. يتوقف العمل بكل مرة تطفح فيها المجاري ونتكبد خسائر كثيرة في الارباح.

وتابع: الجهات المعنية لا تحرك ساكن لحل المشكلة وكان الأمر لا يعنيها ابداً ،لذا نلجأ غالباً إلى الاستعانة بعمال البلدية لتدارك المشكلة ومن حسابنا الشخصي.

وأضاف محمد: متذمراً: على السلطة المحلية ان تحل مشكلة الصرف الصحي، لان استمرار الامر يشكل كارثة بيئة وصحية لن يتحمل تبعاتها إلى المواطنين الساكنين بالقرب من الشارع، او الاطفال والنساء الذين يمرون من هنا.

 

 

شارع الحب او الذهب كل المعاني تؤدي إلى هنا.

 

يقول وسام ناصر: مالك محل ذهب.

يسمى شارع الذهب لكثرة محلات الذهب فيه، ولكن لا فرق بنظري عن الاسم اليوم فلا شيء يهم مع هذا الوضع المزري. ومهما اطلقت عليه من اسم في كل المعاني تؤدي بك إلى هنا، حتى وان قلت شارع نهر المجاري!

وتابع ناصر: زبائننا كثيراً ما يعزفون على المرور لنا ويعتذرون في الغالب بسبب الزحمة الخانقة وريحة القمامة والمجاري وازعاج الباعة المتجولين.  

واضاف: تغير الامر كثيرا في السنين الاخيرة، بشكل مخيف لم نتدارك معه انفسنا الا وقد اصبح الحال بهذا الوضع الماساوي. وما استغرب منه اين مأمور الشيخ عثمان من كل يحدث في هذا الشارع العتيق.