آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-08:19م

أدب وثقافة


قصة قصيرة .. الحراج المحرم

الأربعاء - 18 يوليه 2018 - 07:54 م بتوقيت عدن

قصة قصيرة .. الحراج المحرم

كتب / عصام عبدالله مسعد مريسي

هو الشاب صاحب الأخلاق المحافظ على كل شعائر دينه القادم من الريف اجتمع في سكن الطلاب مع بعض الشباب ممن حاول أن يجره إلى الرذيلة غيرةً مما هو عليه من اخلاق وعفاف حتى اجتمعوا على اغوائه فقال أحدهم:

أنا أقوده إلى أرذل الأفعال .. اتركوني وسأريكم ماذا سأفعل؟

وإذا به يتقرب إلى الشاب حتى يعمق علاقته به ، فيرافقه في كل مكان حتى يكون مثل ظله ويسوغ له بعض الأفعال حتى يقوده إلى بيت مجهول الملامح تقف خلف بابه امرأة في منتصف العمر الجميع يناديها بالخالة ، يطرقا الباب ينفتح الباب رويداً رويداً ، تتحقق المرأة الجالسة خلف الباب من شخصية الزائرين لوكرها الموبوء

فإذا بهما شابان في مقتبل العمر كان أحدهم زائر مستمر والأخر لأول مرة يزور وكرها المنتن تطلق عبارات الترحيب بصوت محشرج  والدخان ينطلق من بين شفتيها الغليظتان وأصبع السيجارة مرتسمة بين أصابعها المترهلة :

أهلاً ..أهلاً بالرجال ..أيش طلبكم اليوم

يشعر الشاب القادم من الريف بالريبة والخوف والخجل مما هو عليه ويلوم نفسه على قدومه هذا المكان الموبوء

يرد الشاب الذي عزم على سوق صاحبه إلى الرذيلة :

طلبي معروف .. أحب الحاجات الحلوة .. أبيض صغير

الشاب القادم من الريف يقلب نظره في المكان فإذا بالريبة موسومة في كل ركن منه ، البيت مقسم بفواصل من الستائر الحمراء كي تخفي ما وراءها من البغي والعفن لكن أنى لستائر من قماش أن تمنع رائحة التعفن من الانتشار فالمكان يوحي بالريبة والفحش في كل زاوية من زواياه, صوت سعال الخالة صاحبة وكر البغايا يرتفع محشرج :

والضيف الجديد ... أيش طلبه

بصوت مهزوز مخنوق وقد بهت لون وجهه :

أيَّ حاجة .......أيِّ حاجة

ترد الخالة بائعة البغي بنبرة ساخرة من إجابة الشاب:

الطلب عندنا على قدر ما في الجيب

يجيب الشاب ومازال صوته مخنوق متردد ونظره إلى البوابة :

يعني أيش يا..........

لم يستطع أن يناديها يا خالة كما يناديها جميع الحاضرين ، وبوقاحة المرأة القوادة تخبره بتسعيرة الاصناف المتواجدة عندها:

صغير أبيض الجلسة بخمسة ألف ، صغير أسمر الجلسة أربعة ألف ,وسط الجلسة ثلاثة ألف ,كبير الجلسة ألفين

وكان صاحبه قد فارقة ليحضر إحدى جلسات الخالة المشؤومة ، وقف الشاب يقلب ما في جيبه فلم يجد سوى ألفين ريال وهذا يعني أنه سيحضر جلسة خاصة مع اربعينية أو خمسينية، دفع ما في جيبه ومازالت نظراته نحو الباب ، يجر خطواته بطيئة بين الستائر الحمراء وكلما ألتفت لمح خلفها ظل جلساء في حال من النشوة واللذة المحرمة وهذا كان يدفعه ليدخل الستارة المقصودة لكن العفة التي تربى عليها مازالت تجعل بصره نحو بوابة وكر البغايا لينطلق مغادر المكان، وصل ليقف خلف الستارة المقصودة مكث قليلاً يلتقط أنفاسه فهو قادم ‘لى انتهاك عفته واختراق حد عظيم ، تستدعيه البغية من خلف الستارة فهي وظيفة مستدامة لها تريد أن تنجز عملها مع أكبر قدر من الزبائن حتى يكون ربحها الخاسر وفير:

عجل بالدخول

مازال الشاب يسحب قدميه حتى سحب الستارة الحمراء ليرى امرأة قد جاوزت الأربعين بكثير مستلقية وجهها مكسو بالوان قد تداخل بعضها ببعض فقد قضت يومها منهمكة في عملها المنتن ،يتقدم الشاب وكلما تقدم شعر بالخوف والازدراء وكلما نظر إلى البغية وهي ناصبة ساقيها لتؤدي عملها المحرم وفرجها ظاهر وبقايا بلل تسيل منه أثر جلسة سابقة شعر الشاب برغبة في التقيؤ وغادر مهرول من المكان وهو يلقي ما في بطنه قيء وجميع من وراء الستائر يكشفون خدورهم ليرون ما يدور ومن هو المتقيء الذي أخرج أهل الستائر من حالة النشوة إلى حالة من الدعر والاستغراب وهم في دهشة مما يرون الشاب يهرول نحو بوابة الوكر يفتح الباب وهو يتمتم:

إنه مكان ملعون .. ملعون من فيه

يغادر المكان ويستمر في الركض حتى يغيب الشارع عن ناظريه فإذا به تلوح أمامه منارة المسجد في أخر الشارع يقف يشعر بالهدوء والاطمئنان يستمع الأذان يدخل ليتطهر ويستغفر ما بذر منه من محاولة التعدي على الحدود ‘يتكأ على أحد جدران المسجد تدب السكينة جسده يشعر بالراحة تغفو عيناه ولا يشعر إلا بمن يوقظه ليؤدي الصلاة .