آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


تحليل سياسي.. السجون والمعتقلون بين التوظيف الحزبي والتخبط الإعلامي

الثلاثاء - 17 يوليه 2018 - 03:46 م بتوقيت عدن

تحليل سياسي.. السجون والمعتقلون بين التوظيف الحزبي والتخبط الإعلامي

عدن (عدن الغد) خاص:

كتب: صلاح السقلدي

 

تتخبط  السلطة اليمنية المعترف بها دوليا "الشرعية" والتحالف "السعودية الإمارات" بشدة في تصريحاتهم ومواقفهم بشأن موضوع المعتقلين المخفيين قسرا والسجون السرية -الافتراضية- في عدن والمكلا بالذات, والتي تتحدث عنها بعض أجنحة هذه السلطة بين الحين والآخر, حيث تؤكد هذا الأمر تارة, وتنفيه تارات أخرى.

عاد هذا الموضوع ليفرض نفسه بقوة قبل أيام ويتصدر اهتمام جهات محلية وإقليمية ودولية, موزعة بين جهات اقليمية ومحلية- كالإمارات العربية المتحدة والمجلس الانتقالي الجنوبي- تنفي ذلك وتعتبره مجرد افتراءات ومكايدات اعلامية مغرضة لمآرب حزبية,متهِـمةً حزب الإصلاح" إخوان اليمن" وجهات جنوبية داخل الشرعية مقربة من الرئاسة بالوقوف وراءها, وبين جهات  محلية ودولية أخرى تؤكد ذلك منها الأمم المتحدة وحزب الاصلاح ووسائل إعلامية قطرية وعربية أخرى وشخصيات جنوبية كبيرة داخل الشرعية.

 يوم الأحد الماضي وبعد أن ارتخت عُــقد التفاهم الأخير  بين الإمارات والشرعية الذي تم ابرامه قُــبيل قرار اقتحام مدينة الحديدة الذي تعرض هذا الأخير للتعثر العسكري, وتجاوبا مع الدعوات المحلية والخارجية التي تطالب بالكشف عن المسجونين والاسرى المخفيين  لدى كل أطراف الصراع باليمن والسجون السرية التي قيل أنها تتبع الإمارات في عدن وفي منطقة بير أحمد "غرب المدينة" تحديدا وسجون سرية تتبع أيضاً امن عدن قام  اللواء محسن لخشع نائب وزير الداخلية التابعة  لحكومة أحمد عبيد بن دغر في عدن بزيارة لعدد من السجون في عدن, وأصدر على إثر ذلك تصريحا إعلاميا  أثار عاصفة من التعليقات بين مؤيد ومندد, نفى فيه بشدة تلك الأخبار موجه اتهامه بمن أسماهم بوسائل الإعلام المتحزبة والمأجورة, في اشارة  واضحة لحزب الإصلاح "إخوان اليمن" بالوقوف خلف تلك الإشاعات ,وأردف قائلاً : (لا وجود للسجون السرية في المحافظات اليمنية المحررة، والقضاء يشرف على كل السجون في المناطق المحررة). هذا التصريح الذي أتى محاكاة للرغبة الإماراتية على ما يبدو- و يندرج ضمن تفاهمات إماراتية شرعية كما اعتقد البعض- ونال رضاء وزير الدولة لشؤون الخارجية الاماراتي د.أنور قراقاش الذي أحتفى به واعتبره شهادة براءة بلاده من تهمة تطالها  من قِــبلِ الشرعية-,كان أي تصريح لخشع  في المقابل محل انتقاد واستهجان عاصف من داخل هذه الشرعية وبالذات حزب الإصلاح ووزارة الداخلية ممثلة بوزيرها السيد \ أحمد الميسري الذي دأب بشدة على تأكيد وجود تلك السجون ووجود مخفيين قسراً , والذي أكد ذلك مجددا يوم الاثنين الماضي أمام وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي حين قال لها بأن الوقت قد حان لإغلاق السجون السرية والكشف عن المخفيين, اضطر معها اللواء لخشع بعد أقل من 24ساعة الى التنصل من تصريحاته تلك, وإصدار عِوضاً عنها تصريحات جديدة مناقضة لها تماما وملمحا بذات الوقت بوجود معتقلين مخفيين بقيادة أمن عدن حين قال: (إن «مطابخ إعلامية قذرة روّجت لتصريحات مغرضة فهو عارٍ عن الصحة تماماً، ولا صحة لما يتم تداوله عبر الأبواق الإعلامية من المرتزقة والمأجورين وأصحاب الدفع المسبق..فأي عائلة لديها شخص مفقود ولم تعرف مكانه، القيام بتسجيل اسمه في مكتب إدارة أمن عدن).

وبالعودة الى تصريحات الميسري القوية ,بالذات الأخيرة الذي قالها أمام الوزيرة الإماراتية فلم تمر سوى ساعات قليلة وبصورة مضطربة ومفاجئة يطلق تصريحات مناقضة لسابقاتها تماما, حين أكد أنه لم تعد هناك أية سجون أو مساجين خارج اشراف الشرعية, في ذات الوقت الذي كانت فيه منظمة العفو الدولية تؤكد وجود السجون ووجود انتهاكات خطيرة  وتطالب بالتحقيق بالأمر, وفي قوت ما زال حزب الإصلاح يقول عكس كلام الوزير,وبصورة مثيرة للريبة والتوجس تخفي خلفها دوافع سياسية حزبية بحتة  ومصوبة جنوباً وبالذات بوجه الانتقالي الجنوبي..!

لم يتوقف الأمر عند هذا السجال بهذا الموضوع الشائك بل دخلت اللجنة الوطنية المكلفة بالتحقيق بمزاعم انتهاكات حقوق الإنسان على الخط حين ألتقت يوم الأثنين الماضي بالاخ اللواء / شلال علي شائع مدير امن عدن لمناقش ذات الموضوع ,قبل أن يوصل الأمر الى مستوى رفيع حين أثير  الموضوع بلقاء الرئيس هادي بالوزيرة الإماراتية ريم الهاشمي, مع أن مصادر إعلامية مقربة من هادي لم تشر لذلك واكتفت بإشادة الرئيس بعملية الاغاثة التي تقم بها الإمارات باليمن , مما يرجح أن الرئيس هادي أحجم عن اثارة هذا الموضوع الحساس خشية من غضب أبو ظبي الذي قد يعيده إلى الرياض مرة أخرى.

من المؤكد أن ثمة سجون ومساجين يقبعون في سجون مجهولة المكان لدى جهات كثيرة من كل أطراف الصراع باليمن وليس فقط بعدن والمكلا بل في مأرب وتعز وصنعاء و أسرى كُــثــر لدى الأطراف المتقاتلة, وبعيدة كل البعد عن إشراف الجهات الرسمية أو المنظمات الحقوقية الدولية,وهذا ما تعترف به  صراحة بعض الجهات ولو بشكل غير مباشر حين تؤكد أن غياب عمل القضاء بشكل طبيعي يفرض تكديس المتهمين بأعداد كبيرة  بل وأن بعض المسجونين- بحسب تلك الاعترافات- وبالذات المتهمين بعمليات ارهابية قد تم ترحيلهم الى الخارج ,و أن الوضع الأمني الغير مستقر يفرض عليها أي تلك الجهات  عدم الافصاح عن أماكن الاحتجاز, فضلاً عن ان اشخاصا خطرين من بين المسجونين خصوصا في عدن والمكلا يكون من الصعوبة بمكان الكشف عن أماكنهم والسماح بزيارتهم لدواعي أمنية بحت. ولكن يظل هذا الموضع يكتفنه الغموض خصوصا أنه بات مادة سياسية خصبة للتجاذبات والمناكفات السياسية أكثر منه موضوع انساني واخلاقي يفترض التعاطي معه بتجرد من أي حسابات سياسية محلية واقليمية نظير المال والمكاسب السياسية التي تجنيها تلك الأطراف...وبالأخير يظل الأبرياء و أسرهم  هم وحدهم مَــن يدفع الثمن.