آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-05:33م

أخبار وتقارير


التعليم وظاهرة الغش .. (الأسباب والمعالجات)

الثلاثاء - 17 يوليه 2018 - 03:10 م بتوقيت عدن

التعليم وظاهرة الغش .. (الأسباب والمعالجات)

كتب / د.أمين مهيوب شريان

ترتبط مستويات الطلبة بمستوى ما يقدم لهم من خدمات تعليمية؛ تمكنهم من عملية التعلم وتزودهم بالقيم والمعارف والمهارات، التي تمكنهم من التكيف والإنتاج والتميز والإبداع، في المستقبل...

 

هذا يستوجب قناعة المعلم والقيادات التربوية بأهمية العمل التربوي وأهمية تحقيق الأهداف التربوية لدى طلابهم، ومدى قدرتهم على تمثل هذه الأهداف التربوية أولا، وقدرتهم على إقناع طلبتهم بها، ومن ثَم إكسابهم هذه الأهداف نظريا وعمليا وسلوكا...

 

ما لم يقتنع الطالب بأن معلمه هو قدوته وأسوته وبأنه محتاج للمعلم كي يرشده إلى طريق المستقبل؛ فلن يتعلم منه إلا مكرها أو متحاذقا، من باب تضييع الوقت!

 

تحديد ما اكتسبه الطالب من القيم والمعارف والمهارات، أمر في غاية الأهمية، وهذا يعني أن المعلم والقيادات التربوية وإدارات التقويم والامتحانات سيضعون المقاييس اللازمة لتحديد مستويات الطلبة، مراعين الفروق الفردية فيما بينهم، كل طالب على حدة...

 

تعتمد غالبية إدارات التوظيف في المؤسسات العامة والخاصة وكذلك الجامعات وإدارات البعثات، على هذه التقديرات في المفاضلة، كليا أو جزئيا، بين المتقدمين لطلب الوظائف، أو الالتحاق بالتخصصات المهمة في الجامعة، أو الحصول على المنح الدراسية...

 

هذه الأهمية للنسب المئوية أو المعدل الدراسي للطالب، لا سيما في الصف الثالث الثانوي، أدى إلى التنافس في الحصول على أعلى المعدلات، بغرض الحصول على وظيفة أو منحة أو الالتحاق بالتخصص المفضل لدى الطالب وأهله...

 

من هنا بدأت فكرة الغش والتزوير، فقد عمد الأقوياء من المسؤولين والأغنياء من الميسورين، إلى العمل بطرق مختلفة لحصول ذويهم على معدلات مرتفعة، تمكنهم من تحقيق مبتغاهم، ومن ثَم بدأت المنافسة بين المناطق، وبدأت معها التبريرات لتلك السلوكيات المنحرفة المرتبطة بهذه الظاهرة، كما بدأت الوسائل والأساليب والوسائط، المرتبطة بظاهرة الغش، بالتطور واتخاذ طرق كثيرة، إلى أن وصلت إلى مرحلة ( لا خجل!)، فتوسعت حتى أصبح الأب يبحث عن الغش لابنه، والمسؤول يسهل والسياسي  يتدخل، ثم إلى هات تنجح، ثم إلى الغش للجميع، وبعض المعلمين للأسف أصبحوا شركاء...

 

بالرغم من هذا السقوط المدوي للتعليم، استمر عدد لا يستهان به، من المعلمين والموجهين، في محاربة هذه الظاهرة، لكنهم في الغالب آثروا الانسحاب بعد شعورهم بالعجز!، لاسيما في هذين العقدين الأخيرين ...

 

إذن سقط بعض المعلمين من أعين طلابهم واعتبروهم شقاة، وأصبح الطالب لا يشعر بالحاجة للمعلم ولا للتعلم، ويرى أن النجاح عبر الغش أسهل، ثم إن الطالب يرى أنه ليس من العدل أن يذاكر ويتعب ويجتهد، ثم بعد ذلك يحصل على معدل أقل من أقرانه الذين ناموا ثم غشوا ونجحوا بمعدلات كبيرة، حصلوا عليها من النقل المباشر من الكتاب أو البرشوم أو من على السبورة، كما وصل إليه الوضع حديثا...

 

هناك محاولات كثيرة تمت لمنع الغش، دون جدوى، واليوم يقترح البعض وضع كاميرات، والبعض يرى أخذ متوسط درجات السنوات الثلاث للتعليم الثانوي، وهناك رأي آخر يرى أن الحل يكمن في عدم الاعتماد على هذه الشهادة (الثانوية العامة) واستبدالها بامتحانات قبول للمتقدمين،  في الجامعات وإدارات التوظيف وإدارات البعثات الخارجية...

 

في كل الأحوال: الشهادة ورقة والعلم نور يضيء طريق من امتلكه وعند السؤال والموقف يفتضح الغشاشون، ومن تغدى بالكذب ما تعشى به...

 

لا بد من توعية الطلبة بأهمية العلم والتعلم، وكذلك توعية الآباء والمسؤولين، واعتماد الدولة لمعايير عادلة في توزيع الوظائف والمنح على المناطق، أما التخصصات في الجامعات فيمكن حلها من خلال امتحانات القبول، علاوة على أن الطالب الذي حصل على الشهادة بدون مجهود، سوف يسقط في أول فصل دراسي، مهما بذل من مجهووود!  أما إذا التحق بتخصص سهل، فسيكون محظوظا إن حصل على النجاح بتقدير مقبول!

 

أدام الله حب العلم واحترامه واحترام أهله في قلوبنا جميعا، وأصلح الله حال الجميع...