آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


استطلاع : الدراجات النارية في عدن مصدر للدخل ووجه أخر للموت.

السبت - 14 يوليه 2018 - 06:57 م بتوقيت عدن

استطلاع : الدراجات النارية في عدن مصدر للدخل ووجه أخر للموت.

تقرير: عبد اللطيف سالمين

في الآونة الأخيرة تشهد مدينة عدن انتشاراً ملحوظاً وواسع للدراجات النارية، ولم يعد الأمر يقتصر على الاستخدام الشخصي أو هواة ركوب الدراجات. ليصل إلى منعطف جديد يحمل هوية تجارية، ويتحول إلى مصدر دخل يومي  لبعض الشباب العاطل عن العمل، أو من يرغب بتحسين دخله اليومي.

 وصل الأمر بالبعض لعمل شركات نقل صغيرة خاصة بهم، فتجد من يمتلك لوحده أكثر من عشرين دراجة يقوم بإيجارها لعمال آخرين مقابل مبلغ مالي يومي.

 

*حضور يومي في الشوارع والأزقة 

باتت الدراجات النارية في عدن تسجل حضورا يومي في الشوارع والأزقة يكاد يفوق حضور البشر، الأمر الذي لا يعد مقبولاً في مدينة تفتقر للبنية التحتية الأساسية ، وتشهد أزمة ازدحام خانق في غالبية شوارعها التي تتسم بالطابع الشعبي في مختلف المديريات.

 

ولان الأمر أصبح مصدر للدخل، فإن غالبية سائقي الدراجات هم ممن يصنفون تحت السن القانوني، ويفتقرون للمهارة الحقيقة والخبرة اللازمة للسواقة.

 

*مشهد يومي متكرر لوسائل النقل الجديدة

في كل يوم وفي أي مديرية من مديريات محافظة عدن، وأينما ذهبت ترى العديد من الدراجات النارية منتشرة في كل مكان، تنتظرك لتركب.

أصبحت هذه وسيلة النقل الجديدة في غالبية المناطق الشعبية بمختلف المديريات.

ولمعرفة سبب رواج استخدام الدراجات كوسيلة, تحدث المواطن منصور علي ل"عدن الغد" وهو سائق ومالك لدراجة نارية يستخدمها في العمل: بسبب الزحمة الخانقة غالبا ما يلجـأ الناس لركوب الدراجات لسهولة التنقل فيها والوصول للمكان في زمن قياسي.

وتابع: لا تستهلك الدراجة كميات وقود كثيرة وهذا يعد أمر مربح لنا في وقت نفتقر فيه إلى فرصة عمل حقيقة .

وتابع: أعي تماماً خطورة الموضوع، ولو كان الأمر يعود لي لعملت في أي شيء أخر، وأبقيت الدراجة للاستخدام اليومي الضروري في المشاوير القصيرة.

 

 

*حوادث الدراجات النارية أكثر خطورة على الحياة.

حوادث كثيرة أشهدتها المدينة في هذا العام ما بين وفيات وإصابات خطرة ومزمنة. وهو الأمر الذي أكده المتحدث الإعلامي لمستشفى الجمهورية" عمرو قريش" مضيفاً إلى وصول العديد من الحالات وبشكل يومي لحوادث خطرة سببت بها الدراجات النارية او كانت جزء منها.

وفي الشهر المنصرم، أصيب شاب من مديرية دار سعد يعمل في هذه المهنة،  إصابة خطيرة كادت ان تؤدي بحياته، نتج عنها شلل جزئي أقعده طريح الفراش.

وقال صديق المصاب لعدن الغد: لم يكن يحب هذه المهنة ولكن صعوبة توفير لقمة العيش أجبرت صديقي على مواكبة الظروف والعمل سائق دراجة نارية تعود ملكيتها لشخص أخر.

وتابع: الآن هو طريح الفراش، ومالك الدراجة الأصلي يطالب بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بدراجته، وهذا يعد أمر مضحك ومبكي بنفس الوقت.

وأضاف: مؤسف الحالة التي وصلنا لها في مدينة عدن، ان يرمي الشباب أنفسهم لأعمال خطرة لأجل توفير لقمة العيش، في وقت لا يوجد معيل أخر لأسرتهم سواهم.

وندد: على ضرورة الحد من انتشار هذه الظاهرة الجديدة قبل ان تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.

 

وفي السياق: قال مصدر في مستشفى الجمهورية في عدن: يأتينا بشكل يومي العديد من الحالات الحرجة الناتجة عن حوادث بين سائقي الدراجات النارية, بعضهم يدخل في غيبوبة طويلة، والبعض يفقد أحد إطرافه.

وأكد المصدر: على أن الحالات التي تأتي من حوادث الدراجات النارية تعد خطورتها اكبر من مثيلاتها الناتجة عن حوادث السيارات.

وتابع: غالباً ما تكون الحوادث مميتة خاصة وان كان الحادث بين سائق دراجة وسائق شاحنة.

 

 

*تجني على هوية عدن الحضارية.

تحدث المواطن محمد علي: الانتشار الكبير للدراجات النارية  يعتبر تجني على هوية مدينة عدن الحضارية، حتى في القرى لا تشهد مثل هذه المضايقات المستفزة.والإزعاج والعشوائية في الطرق.

وتابع محمد: لا استطيع المرور في سيارتي في الشارع بسلام، لا أصدق أن أتخلص من زحمة الجولة، حتى يأتي سائق دراجة يقود بشكل متهور ليصدمك، أصبحت السواقة تحتاج يقظة كبيرة من كل الجوانب.

 

*وجوب حظر استيراد الدراجات النارية في عدن

لا شك أن هذه المهنة توفر الآلاف من فرص العمل في المدينة ولكن سلمى محمد، والتي تدرس في الخدمة الاجتماعية ترى أن على القائمين بشؤون إدارة محافظة عدن القيام بحضر استيراد الدراجات النارية في المدينة، في وقت أصبح الجميع يعاني من تبعات هذا الأمر.

 

وتابعت سلمى: لا نريد أن يتم ظلم الشباب مثل ما حدث قبل سنوات في عهد النظام السابق حين تم منع ركوبها ومصادرة أي دراجة يتم رصدها في الشارع وقطعها إلى أشلاء.

لكن أقلها يجب أن يتم حل الأمر بأقل الأضرار الممكنة.

 

*وسيلة مفضلة للاستخدام في الاغتيالات.

حتى العام السابق والحالي ومن سنين كثيرة كانت الدراجات النارية العامل المشترك في غالبية عمليات الاغتيال، ليصبح الأمر كمثال شعبي يتم تداوله بين المواطنين تحت عبارة" السيكل يدور"

وهو ما أرق مضجع العديد من الناس، ليصل بهم الأمر لدرجة الوسواس القهري حين يسمع صوت دراجة قادمة، خوفا على حياتهم من هؤلاء المرتزقة.

نماذج كثيرة لشباب تم اغتيالهم بمساعدة هذه الوسيلة لما تحمله من خصائص تساعد المجرمين في الهرب من الأزقة الضيقة ، والاختلاط السريع بين الناس وصعوبة تمييز الدراجة عن السيارات.

 

 

الأمر الذي لا يختلف عليه اثنين ان الدراجات النارية حلت مشاكل وأزمات العديد من الأسر، وفي الجانب الأخر يبقى ما لا يمكن إنكاره أبدا يطفو على السطح بارزا وواضح ووضوح الشمس. ان هذه الوسيلة وان كانت مصدر جديد للدخل، فهي تعد وجه أخر من وجوه الموت في مدينة عدن.