آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-06:18ص

ملفات وتحقيقات


إنهم يهينوننا بريالاتهم .. برامج لبيع الوهم في رمضان

الإثنين - 08 أغسطس 2011 - 08:12 م بتوقيت عدن

إنهم يهينوننا بريالاتهم .. برامج لبيع الوهم في رمضان
الا يعلمون بأننا استغنينا عن بعض أساسيات حياتنا ، وأصبحنا نعيش على مشي حالك ، الا يعلمون بأن قيمة ما نهبوه مننا وهبوه لمن هم نائمون على فراش مخملي ، الا يعلمون بأن التسلية في رمضان لا تكون على حساب شعب تعاني معظم محافظاته من حرب حقيقية

عدن ((عدن الغد )) خاص:

 كتب / أماني بيحاني

في أول أيام  رمضان الكريم لم أكن متفائلة كثيرا بأن يشبه رمضان زمان لأن رمضان زمان لم نكن نعرف شيء غير التسابق في هذا الشهر على عمل الخير ، كانت والدتي لديها برنامج يوميا لإفطار صائم ، وقبل الإفطار بنصف ساعة كانت تبدأ رحلتي اليومية وذلك لتوزيع تشكيلة من ما تطبخه والدتي على الجيران ، وبمجرد عودتي الى المنزل أجد أيضا جيراننا يتسابقون معنا وأجد مالذ وطاب مما طبخوه .

 

رمضان الآن تخلوا مائدتنا غير مما نطبخه نحن ، لم أعد أعلم ما طبخت جارتنا  ، ولا حتى اشتم رائحة طبخها الشهية ، ألم تعد جارتنا تطبخ أم أغلقت النوافذ جيدا حتى لا نعرف ما لديها ، هل تخاف من الحسد أم أن مائدتها خالية بسبب ضيق الحال  ، لم أعد اسمع الأطفال يرحبون برمضان مثلما كنا نفعل نحن ، هل أصبح هذا الضيف العزيز الذي يزورنا مرة فقط بالعام غير مرحب به من قبل الأطفال ، حقيقة لم ألقي لتصرف الأطفال أي تفسير .

 

أتذكر جيدا كيف كانت أختي لا يحلو لها الطبخ الا على صوت الراديو وبرنامج مسابقات رمضان ونبيلة حمود  في الساعة الرابعة عصرا ، كنت أحب هذا البرنامج كثيرا وكنت أشارك فيه ، صحيح لا يمسك الخط الا بعد أيام وأيام ولكن على الأقل لم أكن اخسر شيء  ، وفاتورة هاتفنا الأرضي لا يتم استهلاكها إطلاقا وان مسك الخط فتكلفة المكالمة لا تتعدى بضع ريالات لأن الاتصال محلي  ، ومازلت أتذكر عندما أجابت نبيلة حمود على اتصالي وأتذكر سؤالها جيدا وأجبتها إجابة صحيحة ، وكنت من ضمن خمسة فائزين وتم اختياري عن طريق القرعة ، أتذكر حينها كنت صغيرة ولم تكن لدي بطاقة شخصية واشتركت بأسم أختي  .

 

لم يهتموا لذلك فكل ما كان يهمهم أن أحصل على جائزتي التي استحقها ، كانت خمسة آلاف ريال ، ولكن عندي كانت تساوي الكثير والكثير فالربح المعنوي كان لا يضاهيه ثمن ، وجوائز المسابقات كانت حقيقية  ومن إدارة الإذاعة والتلفزيون نفسها ولا يدفعها مواطن  بسيط على قد حالة تم الاحتيال عليه  عن أي طريقة من الطرق التي ظهرت الآن  ،رمضان حاليا مختلف ،  كل شيء فيه لا يشجع على الفرح والسرور .

 

 لن احكي لكم عن الوضع فالكل يعلمه ولن أحكي لكم عن انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستفز لأن الكل كذلك يعاني منه فرمضان بالصيف وكهرباء ساعتين مقابل ساعة فلم تكن لدي أي نية لمشاهدة أي مسلسل لأني اعلم جيدا ستنقطع الكهرباء وانا أشاهد ، فأخذتها من قاصرها واكتفيت بالدعاء على من يعيشنا بتلك الحالة في أيام مباركة .

 

وبينما كنت في تلك الحالة اليائسة وصلتني رسالة بالهاتف الجوال تقريبا في الساعة الواحدة بعد منتصف  الليل ، سمعت رنة الهاتف ولأن الكهرباء مقطوعة لم أجده بسهولة  ، صحيح قمنا بشراء مولد كهربائي ولكن لا يوجد لدينا بترول ، وكنت أتخبط حتى وجدته ، وقلقت كثيرا فليس من العادة أن يرن هاتفي بهذا الوقت وقلت قد يكون هناك طارئ وسارعت بفتح الرسالة  وكان مفادها (اختارتك mbc .يمكنك اللعب مباشرة للنقود وشيفرولية جديدة ! أجب حروف الآن ).

لم استوعب المكتوب وقلت معقول ولكني لم اشترك في المسابقة برغم انا من اشد المعجبين بالبرنامج لأنه سلس وفيه معلومات بسيطة ولكن قيَمة ، كنت لا أثق بحظي خصوصا ان الموضوع يتعلق  بــ كلمة اشترك وسيختارك الكمبيوتر من ضمن ملايين المشتركين  .

 

لا أخفيكم تنططت من الفرح وقلت : بدأ خيرك يهل يا رمضان . واتصلت بكل معارفي ليشاهدوا البرنامج الذي سأشارك فيه ، وسارعت بشحن خطي بكرت لأي طارئ ، قد يطلبوا مني إرسال رسالة أو ما شابه في اللحظات الأخيرة ، وبعد كل ذلك صحيت وتذكرت بأن الكهرباء مقطوعة ، ولكن لم أشأ أن أخرب فرحتي وقلت : (أبو مهند ما راح يقصر وسيتفهم الوضع  ، فهو يعلم حال اليمن فليس من المعقول أنه لا يشاهد الأخبار وبالتأكيد سيساعد أبناء هذا الشعب الذي يعاني كثيرا) ، وبدأ البرنامج ووضعت هاتفي فوق النافذة  قد تنقطع الشبكة فالمكان الآمن هو النافذة وانتظرت و انتظرت و انتظرت  ، وانتهى البرنامج وراحت الألوف وراحت الشفرولية ، وبعد ذلك بدأ هاتفي يرن ليس من mbc  ولكن من اللذين جندتهم أمام التلفاز والكل صار يضحك عليه .

 

ونسيت الموضوع أو بالأصح تناسيت حتى لا أزعل على نفسي ، وفي صباح اليوم التالي وصلتني رسالة أكثر إقناع وهي ( فرصة أخرى لـــ009677………  اخترت لتضاعف فرصك للنقود والسيارة . أرسل حروف ) وهذه المرة كتبوا رقمي  يعني يقصدوني ، وأرسلت طبعا بحسب علمي تعريفة الرسالة 50  ريال يمني طبعا ، وعند إرسالي تفاجأت عندما تم سحب 150  ريال  دفعة واحده ، وقلت أكيد هذا نصب من أحد رواد الانترنت مثلما يحدث أحيانا ، ولكن الرسائل لم تتوقف فقد وصل معدل الرسائل في اليوم الواحد عشر رسائل .

 

في كل رسالة طريقة نصب مبهرة ومغرية ، وأرسلت مرة أخرى عندما كتبوا رقمي في رسالة مع ملاحظة تفيد أن هذا اليوم هو آخر يوم للعرض ، ووقت البرنامج لم يعبرني أحد ولم يرن هاتفي حتى بالغلط ، وحينها اتصلت بالشركة لمدة ثلاث أيام متواصلة وفي كل مرة لا يتم وصلي بخدمة العملاء بل ينقطع الخط ، ولكن من شدة غيضي لم أيأس وفي هذه المرة أجابني  الموظف وقلت له عن الرسائل التي تصلني وان تسعيرة الرسالة ارتفعت  ، فقال بكل برود بأن شركتهم ليس لها أي دخل بالموضوع وان من يراسلني هي القناة وان هي من قامت برفع التسعيرة . فقلت له : اعلم ذلك ولكن  جميعنا يعلم بأنكم تتناصفوا قيمة الرسالة ، وكان يجب على اقل تقدير لمشتركيكم أن يتم أشعارهم بأن تكلفة الرسالة قد ارتفعت . لم يجبني بشيء فقلت له : اتقوا الله في الناس . وأنهيت المكالمة .

 

تحولت من محبه جدا لهذا البرنامج الى كارهة له وبشده ولا أطيق مشاهدة حتى الإعلان ، وبصراحة إعلان كابوي مناسب جدا لسياسة البرنامج وهي النصب والاحتيال ،  ألا يعلم القائمين على قناة mbc  بأننا شعب منهك حتى النخاع ، الا يعلمون بأننا نتمنى أن ننام بسلام ، الا يعلمون بأن الجوع والعطش أنهك هذا الشعب المسكين ، الا يعلمون بأننا لا نطمع بألوفهم ولا حتى سياراتهم ونفترض وصلت السيارة فلا يوجد لدينا بترول ، الا يعلمون بأن أحلامنا بسيطة وهي ان نعيش ببلد يستتب فيه الأمن والامآن .

 

الا يعلمون بأننا استغنينا عن بعض أساسيات  حياتنا ، وأصبحنا نعيش على مشي حالك ، الا يعلمون بأن قيمة ما نهبوه مننا وهبوه لمن هم نائمون على فراش مخملي  ، الا يعلمون بأن التسلية في رمضان لا تكون على حساب شعب تعاني معظم محافظاته من حرب حقيقية  ، الا يعلمون بأني اشتقت لأهلي في الريف ولا استطيع الذهاب أليهم بسبب حرب أبين ، الا يعلمون بأني أتقطع من داخلي وانا أتذكر منظر أبين وهي مدمرة .

 

الا يعلمون أن أبين عند سفرنا كانت أول مدينة تستقبلنا في الصباح الباكر وكنت استمتع برؤية  الجميع وهو ذاهب الى مصدر رزقه ، كنت أشاهد الرجال والنساء وطلاب المدارس في السابعة صباحا وهم كتلة نشاط وحيوية  ، كنت اشعر حينها بالنشوة والنشاط والحيوية ، وأقول يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ، أرزقهم من عندك  ،وكانت تودعني هذه المدينة بأشجار متكاثفة  مثل أهلها الطيبين وكأنك تسير في نفق وارف الخضرة والجمال  .

الا يعلمون بأن أبين تحتضر ، الا يعلمون بأنها أصبحت خاوية على عروشها ، وليتهم تركوا عروشها بل دمروها بالطائرات وبكل ما أوتوا من قوه ، الا يعلمون بأني لا استطيع أن أتخيلها بلا بشر تسير على أرضها .

الا يعلمون بأن البرنامج يبدأ وينتهي والكهرباء عندنا مقطوعة وهذه هي المفارقة المضحكة .

 

عزيزي القارئ لو تخيلنا بأن أصحاب القناة لا يعلمون أو بمعنى أدق ، لا يهتمون ، او بالأصح حياتهم ماشية مالهم ومالنا وطز فينا أهم شي البرنامج يدخل قيمة الجوائز بأي طريقة كانت ، فهم عايشين في رغد ونعيم ، ولكن الذي يغيضني كثيرا هو شركات الاتصالات لدينا فأنها تعلم وتعلم و تعلم وغير مقبول إطلاقا ان لا تهتم لنا  ، ياريت لو تصل هذه الكلمات الى مالكي تلك الشركات ، الا يكفي ما نحن فيه من معاناة وتدهور وارتفاع أسعار ، اتقوا الله علينا وأشعلوا الغيرة بقلوبكم عسى أن يجعل لكم ربي خير في ذلك وتجدوا من يدعو لكم بالخير في هذا الشهر الكريم .  

 

الا يكفيكم يا مالكي هذه الشركات أن شركاتكم قائمة على استنزاف الشعب في سباقكم  الداخلي المحموم من عروض وهمية ، الا يكفينا رسائلكم التي تصلنا يوميا ، هل نحن مجبورون على  استقبال رسائل غبية من القنوات الفضائية  ، الا يكفيكم ارتفاع أسعار الكروت بشكل لا يطاق ، الا يكفيكم بأن كرت الشحن صار يصغر ويصغر و يصغر وسعره يرتفع ويرتفع

ياااارب أهدهم جميعا الى ترك حب المال ، فمرضاة الله لا تقدر بثمن .

الآن وصلتني رسالة تقول  ( 009677…….. اخترت لتضاعف فرصك للنقود والسيارة . أرسل حروف )

اتمنى ان تتوقف هذه الرسائل الغبية المستفزة لنا جميعا