آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-04:38ص

ملفات وتحقيقات


تعز: طريق الكلائبة.. الحل ينبع من الداخل

الخميس - 05 أبريل 2018 - 05:02 م بتوقيت عدن

تعز: طريق الكلائبة.. الحل ينبع من الداخل

تعز (عدن الغد) خاص:

تقرير: بديع سلطان 

 

تعودت المجتمعات على وجود رادع يمنع تفاقم خلافاتها، وينظم حياتها.. قد يكون هذا الرادع ذاتيا، أو قد يكون مؤسسيا، تفرضه قوة القانون.

لكن عندما يغيب هذا الأخير، بداعي غياب المؤسسات السلطوية، لا يبقى أمامنا سوى الرادع الأول، وهو الرادع الذاتي.

ثمة بديهية مسلم بها، تقول: "لا يمكن لأي مشكلة أن تجد طريقها إلى الحل مالم ينبع هذا الحل من الداخل".

عندما غابت السلطات الفارضة للقانون، المانعة للنزاعات، لم يكن بدا من التفتيش عن سلطات ذاتية تقوم بهذه المهمة.

 

البحث في الداخل

منظمة البحث عن أرضية مشتركة، وبالتعاون مع شركاءها المحليين، بحثت وفتشت عن قدرات المجتمعات المحلية في منع النزاعات بين أفرادها، ودفعت جهودهم نحو تحقيق السلام الدائم.

كان هذا واضحا وجليا في نزاع نشب بين أهالي عزلة الكلائبه، بمديرية المعافر، محافظة تعز، حول طريق من المفترض أن يحقق تنمية وتطورا للعزلة، غير أنه تحول لعنة تهدد بانتشار النزاع في المنطقة.

 

طريق النزاع

طريق البويب النوتية، ضاق على أهله، وتحول من منفذ على العالم لأهالي المنطقة إلى بؤرة نزاع تهدد سلمهم.

تعددت أطراف النزاع، غير أن أهمهم وأكثرهم تضررا، كان أفراد المجتمع المستفيدين من خيرات هذا الطريق.. ويقف في ضلعي المثلث الآخرين، ملاك الأراضي المتوسعين على حساب فسحة الطريق، وأصحاب وسائقو مركبات النقل الكبيرة، ممن لا يجدون متسعا لمرور عرباتهم.

 

سم الخياط !

يؤكد الأهالي أن الممر الذي كان شركة عامة ينهل من ثمراته الجميع، ومن خلاله تصل التنمية إلى قرى عزلة الكلائبه، بات يضيق أكثر فأكثر بسبب توسع ملاك الأراضي المجاورة للطريق.

مضيفين: تكررت عمليات الاعتداءات على حرمة الطريق، حتى اضطر الأهالي إلى حمل المواد الغذائية وحاجياتهم على ظهور الحيوانات، بعد أن عجزت سيارات النقل على المرور من (سم الخياط)، بحسب وصف الأهالي لما تبقى من الطريق.

 

طريق العقل

استمر الوضع على ما هو عليه في ظل غياب الرادع الذاتي، والمبادرات الذاتية، وعدم وجود مؤسسات سلطوية تفرض هيبتها وقانونها على الوضع العام.

عندها تدخلت منظمة البحث عن أرضية مشتركة، وشركائها المحليين منظمة نهضة يمن ومؤسسة الود التنموية، بحثا عن أرضية يشترك عليها الجميع ويقفون فوقها، وينظرون بعين العقل لمنع تفاقم المشكلة.

الدور الكبير الذي تكفلت به المنظمات - على عظمته - كان بسيطا ونابعا من داخل المجتمع بأفراده المتنازعين.

وما قامت به المنظمات تركز في تجميع أطراف النزاع الثلاثة، وتركهم يرتبون بيتهم الداخلي بوازع من ذواتهم، يتناقشون ويتحاورون للخروج برؤية حل عملي ينتزع النزاع من بينهم، ويحل بدلا عنه سلاما دائما، وتبقى المنظمات ضامنة وداعمة لأي حل يخرج به المجتمع.

 

طريق الحل

التقى الجميع، وتوصلوا إلى تشكيل لجنة من الوجاهات والشخصيات الاجتماعية والمشايخ، للنزول الميداني وتحديد المواقع التي يحتاجها الطريق للتوسعة، والتواصل مع ملاك الأراضي بهذا الشأن، وأثمرت جهود عمل اللجنة بالتوقيع على وثيقة الحل النهائي.

 

الحل النهائي

الحل النهائي، كان تدخلا مجتمعيا، نابعا من داخل المجتمع بأفراده من أهالي العزلة المتضررين، ممن تواصلوا مع ملاك الأراضي المجاورة للطريق وأقنعوهم على توسعته.

حيث قام المجتمع بتوسعة وشق الطريق، وإزالة عوائق الأحجار والأشجار من جانبيه.

ولم ينس أفراد المجتمع التأكيد على ضرورة توعية مختلف فئات العزلة بأهمية الطريق والحفاظ عليه، مؤكدين على الدور الذي تلعبه التوعية في إدراك حيوية الطريق وإسهاماته في التنمية.

هنا دعمت منظمة البحث عن أرضية مشتركة تلك الجهود والحلول التي توصل إليها المجتمع، من خلال التكفل برصف الطريق بالأحجار لمسافة أربعة كيلومترات، مع بناء جدران ساندة في أماكن معينة ومحددة لمنع التسلب، والحفاظ عليه، بتكلفة 11,855 $ ( احد عشر الف وثمانمائة وخمسة وخمسون دولار ) .

 

حتمية الحل الذاتي

لا مناص من استشراء السلام في المجتمعات، مادام هناك استعداد ذاتي ينبع أولا من داخل هذه المجتمعات، وهو أمر حتمي موجود في جينات وخصائص أي مجتمع، فقط يحتاج إلى استفزاز ودعم حتى يبرز ويرى طريق النور.