آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-12:17ص

ملفات وتحقيقات


الحلقة الثانية .. طلاب تحت الأنقاض .. رغم أنفاس الموت التي تُسمع .. طلاب مدرسة عراكبي بالعين لايملكون أي خيار .. !

الأربعاء - 28 مارس 2018 - 12:03 م بتوقيت عدن

الحلقة الثانية .. طلاب تحت الأنقاض .. رغم أنفاس الموت التي تُسمع .. طلاب مدرسة عراكبي بالعين لايملكون أي خيار .. !
احد الفصول الدراسية بمدرسة عراكبي

العين(عدن الغد) خاص

معاناة يخطها / فهد البرشاء
بعيداً عن لغة التلميع ، وبعيداً عن الاقلام التي تزخرف واقع التعليم الهش،وبعيداً عن تلك الكلمات المعسولة التي جعل منها البعض سلم للوصول لغاياته وأهدافه بينما واقع التعليم ومعاناة الطلاب تحكي عكس ذلك ..

وبعيداً عن العالم الهلامي الكاذب الاوهن من بيت العنكبوت الذي صنعه المتمصلحون عن التعليم، دعونا نبحر اليوم مع معاناة جديدة وواقع مؤلم عن التعليم ومايعانيه الطلاب في مناطق مديرية لودر، أكان بفعل سياسة التجاهل والتجهيل،أو بفعل الحرب الضروس التي تركت معظم المدارس كـ(الرميم)، لنضع على طاولة كل من له صلة أو علاقة بالتعليم وأهله في محافظة أبين ومديرية لودر تحديداً تلك المآسي لمدارس أقل مايمكن أن نطلق عليها أنها ركام أو أنقاض ..

ولنحلق إلى قرية عراكبي التي لاتبعد عن مدينة العين سوى ثلاثة كيلومترات وإلى الجنوب منها..وسنحط رحالنا هناك ونتوقف عند هذه المعاناة والواقع البائس لطلابها ومعاناتهم مع التعليم من حيث المبنى،وسندع القلوب الحية السليمة هي من تقف على هذه المعاناة وسننتظر مايجود به (يراع) الأقلام الصادقة بعد أن تشاهد المعاناة التي يندى لها الجبين ويتفطر منها القلب..

فالحاجة وقلة حيلة الأهالي هي من وقف حائلاً بينهم وبين حلمهم فكان لازاماً عليهم القبول بهذا الواقع وهذه (الخرابة) التي ننطلق عليها مدرسة، رغم الخطر الذي يهدد الطلاب فيها وذلك بسبب المسافة الكبيرة بين المدرسة (الأم) بالعين وصغر (سن) الطلاب هو من جعل الأهالي يرضخوا ويقبلوا أن يتعلم أبنائهم في هذه المباني التي ربما تنهار في أي لحظة ..

سنوات عجاف وطويلة جداً والطلاب على هذا الحال يدرسون في هذا المبنى المتهالك فيتخرج جيل ويلحق بهم الآخر ويواصلون مشوار المعاناة ومسيرة الألم تحت الأنقاض على أمل أن تلتفت لهم الجهات المعنية وتنتشلهم من (جب) المعاناة ومن تحت هذا الركام وهذه الأنقاض، ولكن دون جدوى، تمضي السنون في ركبها وتمر الواحدة تلو الأخرى، ونسمع (جعجعة) ولكن دون أن نرى (طحيناً) ..

خمسة فصول دراسية هي قوام هذه المدرسة،بل هذه الأطلال والمبنى المتهالك الذي يحتوي بين جنباته أطفال في عمر الزهور الذين لايفكر الواحد منهم برفاهية المباني وجمال المقاعد الدراسية ونظارة السبورة، بل لم يفكروا قط بحياتهم التي يهددها هذا المبنى المتهالك الذي قد ينهار بين لحظة وأخرى،فجل همهم هو أن ينالوا (حظاً) من التعليم بعد أن بات التعليم في خبر كان، وأن يحصلوا على حقهم المكفول (شرعاً) ليجابهوا به شبح الأمية والجهل القاتل..

لا أدري لماذا يتجاهل المعنيون في وزارة التربية ومكاتبها هذه المعاناة التي تنوء منها الجبال،ولماذا لم يحرك فيهم حال وواقع هذه المدرسة ساكناً ولم (يستفز) آدميتهم (المنقرضة) منذ سنوات، ولماذا لا يأبهون بحياة الطلاب ولا بمستقبلهم الذي بات على شفا جرف هار ربما ينهار بين لحظة وأخرى ويسحق هؤلاء البراعم دون رحمة ..

كنت أتوقع أن يكون لمثل هذه المدارس أو المباني المتهالكة الأولوية في أي (مِنح) أو مساعدات مالية وأن تحظى بإهتمام كبير من قبل المعنيين في الوزارة ومكاتبها وكل الجهات الداعمة،ولكن للأسف يبدو أن هذه المدرسة وغيرها من المدارس التي أتت عليها عوامل التجاهل (والهبر) البشري باتت في خبر كان،وليس لها أي وجود في خارطة المعنيون حتى لعشرون سنة قادمة ..

وتحت هذه الأنقاض وهذا الركام وإلى جانب هذه البراعم يوجد ثلاث (معلمات) متطوعات يعملن بوتيرة عالية وتفان منقطع النظير منذ 7 سنوات غير مباليات ولا مكترثات بتلك المبالغ (الزهيدة) التافهة التي لاتسمن ولا تغني من جوع, فجل همهن أن يقدمن كل مالديهم بصدق وضمير وامانة ونزاهة لهؤلاء الطلاب من منطلق جسامة الرسالة التي يحملنها على عاتقهن, وهن الاخريات ينتظرن أن يلتفت لهن المعنيون وينظروا إلي عملهن ومايقدمنه كرد للجميل وإنصافهن وتوظيفهن أسوة ببعض من تم توظيفهم وهم لايجيدون أبجديات الكلمة والحرف..


ولكن يبدو أن معاناة طلاب عراكبي سيطول أمدها ولن تجد آذان صاغية كي تنتشلهم وتنقذهم من هذا الخطر المحدق الذي يهدد حياتهم كل لحظة , يبدو لي أيضاً أنه ليس أمام الطلاب سوى خيارين أحلاهما (مُر) أما الاستمرار تحت هذه الأنقاض رغم سماعهم لأنفاس (الموت)، أو تركهم للتعليم حفاظاً على حياتهم ..