كتب / غسان الحوثري
كأني في بلد غير بلدي وفي زمن غير زمني . هذا ما أحسست به عند زيارتي لمدرسة الخنساء للبنات في وادي حباط يافع، إذ ينشرح الصدر عند رؤية منظر المدرسة من الخارج مرصعاً بخضرة الأشجار التي تزين أطراف فنائها، فإذا وصلت إلى ممراتها زاد إعجابك بنظافتها ونظامها وألوان طلاء جدرانها الجميلة؛ فلا تجد كتابات عشوائية ولا خربشات عليها؛ بل تجد الملصقات التعليمية والإرشادية مرتبة منسقة فيها. تبهرك أكثر روعة تنظيم المكاتب ونظام الأرشفة البديع، فلا يكاد يفوت إدارتها عمل إلا وثّقوه، ولا نشاط إلا ثبّتوه مطبوعاً منقحاً مصوّراً .
يتملكك العجب حين تتجول في قاعات الأنشطة الصفية واللاصفية ، حركة دائبة للمعلمات والطالبات بقيادة المدير المتألق الأستاذ رياض محمود، الذي يعمل فترتين (صباحية ومسائية) مديراً ومعلماً ، ثم يُكمل مساءه بطباعة مستلزمات المدرسة من تقارير وكشوفات وأنشطة الدورات التأهيلية والاختبارات ... تكاد لاترى جدران المكاتب وقاعات الدراسة والحاسوب والمعرض التراثي العلمي الفني الدائم والمختبر و من كثرة المجلات والأعمال الفنية والوسائل التعليمية و تسلب لبك أيضاً قاعة الفصل التمهيدي (الروضة) مجهزة بكل الوسائل التعليمية الترفيهية المصنوع أغلبها في المدرسة، كذلك جدرانها برسوماتها وألوانها الجميلة الجذابة... أدهشني كذلك وجود بقالة في المدرسة يعمل فيها المدير والمعلمات كلٌّ في وقت فراغه.
يستفيدون من مكسبها الزهيد في شراء بعض حاجيات المدرسة... مناهج للروضة ، مقررات تقوية في القراءة والكتابة والحساب، ملفات تقويم قبلي وبعدي للطالبات، برامج ودورات تأهيلية مخططة ومزمنة للتطوير المهني للمعلمات ... كل ذلك من تأليف وإعداد وترتيب الأستاذ رياض. ثمرة هذا كله لمستها في مستويات الطالبات، ففي الروضة يجيد الأطفال كل الأحرف وبعض الكلمات، وفي الصف الأول يقرؤون ويكتبون كثيراً من الكلمات، وفي الثاني ماكتبت كلمة على السبورة صغيرة أو كبيرة إلا قرؤوها بالشكل! أيقنت بعدها أن الإمكانيات وحدها ليست كل شيء، فإذا أحببنا مهنتنا وأخلصنا في أدائها أثمرت جهودنا، ونكون كالذي يحرث في البحر إن لم نخلص مهما كانت الإمكانيات كبيرة.
