آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-11:15ص

ملفات وتحقيقات


«الشميسي» و«باص الترحيل»... علامة مُسجَّلة لـ«حُسن الضيافة» السعودية

الإثنين - 12 مارس 2018 - 07:34 م بتوقيت عدن

«الشميسي» و«باص الترحيل»... علامة مُسجَّلة لـ«حُسن الضيافة» السعودية

عدن (عدن الغد) العربي:

يخشى مئات الألاف من المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية من الترحيل والطرد من الأعمال التي يشتغلون فيها. 

لم يتم الترحيل مباشرة بعد إلقاء القبض على المغترب، بل يتم سجنه في «سجن الشميسي» الخاص بالمرحّلين خارج العاصمة الرياض، لعدة أشهر، أو عدة أسابيع لمن حالفه الحظ، ثم يتم ترحيله إلى «الشميسي» الآخر المعروف باسم «الكربوس»، والقريب من الحدود اليمنية.

 

الخوف الأكبر

وقال أحد المرحّلين ويدعى هلال علي، لـ«العربي» إنه لم يخف من السجن، بل «كنت أخاف من السجن، لأني لو سجنت فمن الذي سيعيل أولادي وزوجتي؟»، وأضاف «سيموتون من الجوع، فلا يوجد أحد غيري يعيل الأسرة».

وأسف علي لكون «الكثير من المغتربين الذين يعملون عند غير كفلائهم، يخافون من السجن في الشميسي، ويشعرون ذات خوفي وأكثر لأن السجن عبارة عن مكان متسخ أكثر من بعض مواقع النفايات، ومزدحم بالمساجين، ولا يوجد فيه أبسط الخدمات المتواجدة في السجون الأخرى».

وعن تجربته اشخية داخل السجن السيء الصيت، قال علي «من حُسن حظي أني لم أدخل السجن إلا لثلاثة أيام فقط، ومن ثم تم ترحيلي إلى منفذ الوديعة».

 

«الشميسي»

ويقع سجن الشميسي المعروف بـ«الكربوس» بالقرب من الحدود اليمنية، وهناك سجن آخر يحمل الاسم نفسه يقع في المنطقة الشرقية خارج العاصمة السعودية الرياض، ناهيك عن وجود سجن آخر أو «مركز إيواء» يقع في المنطقة الغربية على بعد 20 كلم في الطريق بين مكة وجدة ويحمل نفس الاسم أيضاً.

وفي وصف الحالة دخل هذه السجون، قال علي اليافعي، الذي كان يعمل عند غير كفليه، وسُجن في اثنين من هذه السجون لعدة أشهر، إن «حمامات السجن التي لا يتوقف استخدامها على مدار الساعة من قبل مئات المعتقلين، ولا يوجد بها أبواب، بمعنى إنه يجب عليك قضاء حاجتك على مرأى مئات العيون المحيطة بك، وإذا أصابك العطش عليك أن تشرب من صنبور الماء نفسه الذي غسلت منه».

وأضاف اليافعي، في حديثه لـ«العربي» أنه «على الرغم من أن الحمامات قليلة، إلا أنه لا يمكن التخلّص من رائحة الحمامات المنتشرة في المكان على مدار الساعة، ولا من الأمراض التي قد تنتقل من شخص لآخر بسبب شدة الازدحام وانعدام النظافة»، لافتاً إلى أن «مساحة السجن تتسع لـ 238 شخصاً، غير أن السلطات السعودية تزج نحو 700 شخص فيه».

وأضاف «للأسف، كنت لا أستطيع أن أنام من الزحام، بل لا استطيع التمدّد، لم أحصل أنا أو غيري حتى على الأكل الكافي لسدّ جوعنا، كانوا يقدمون لنا الأكل على مزاجهم، أحياناً وجبة وأحياناً وجبتين وأحياناً ثلاث، كلها من العدس والأرز، وبكميات قليلة جداً».

وعلى الرغم من هذا الواقع غير الإنساني، فإن مرحّلين يمنيين يشتكون من غياب أي مبادرة فعّالة للسفارة اليمنية في السعودية، إذ قالوا إنها «تكتفي بإرسال مندوب منها إلى سجن الشميسي لتوقيع قرار الترحيل، ولا تدافع عن المغتربين اليمنيين مهما كانت الإجراءات تعسفية بحقهم».

 

باص الترحيل

تستغرق الرحلة من «الشميسي» الكائن في مكة، إلى حدود الأراضي اليمنية نحو 16 ساعة. لا يتوقف باص الترحيل عن مسيره لأي سبب مهما كان طارئاً .

وفي هذا الإطار، قال محمد الكازمي، أحد المرحّلين الذين اختبروا «رحلة الترحيل» إن «الباص لم يتوقف منذ بدء رحلة ترحيلنا، على الرغم من اضطرار الكثير من ركّابه إلى قضاء حاجاتهم خلال الرحلة التي تستغرق ساعت طويلة»، مضيفاً «لذلك، كنت أنا والمرحّلون نستخدم العلب البلاستيكية للتبوّل، البعض يتقيأ من رائحة الباص غير المحتملة». 

وأكد الكازمي لـ«العربي» أنه «يتم حشر المرحّلين فوق بعضهم البعض، فعلى سبيل المثال إذا كان الباص يتسع لـ40 شخصاً، فإنهم يحملونه 100 شخص، حتى في الممرات».

وأضاف أنه «إذا حاولت التذمّر أو الاعتراض ستحصل على كمية كبيرة من الشتم والسب واللعن في حال كان مزاج الجندي رايق، وأما إذا كان مزاجه غير رايق فإنه يفكّ حزامه العسكري العريض ويضرب به على جسدك».

ورحّلت السلطات السعودية، التي تعتبر القائد الرسمي لـ«التحالف العربي» الداعم لحكومة عبد ربه منصور هادي، ما يقارب 40 ألف مغترب يمني في غضون ثلاثة أشهر فقط.