آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:57م

أخبار وتقارير


تقرير يكشف الأسباب والجهات المستفيدة من أسوأ كارثة اقتصادية تعصف بالبلاد

الأربعاء - 17 يناير 2018 - 11:17 م بتوقيت عدن

تقرير يكشف الأسباب والجهات المستفيدة من أسوأ كارثة اقتصادية تعصف بالبلاد
خفايا سقوط العملة الوطنية .. صفقات فساد بالمليارات ومتاجرة بوجع الشعب

عدن (عدن الغد)خاص:

 

بين شرعية الرياض وانتقالي أبوظبي .. ضنك العيش يفتك بالمواطنين

 

- لماذا تحول الريال اليمني إلى ورق بنكنوت عديم القيمة؟

 

- كيف تحول موظفو ومتقاعدو الحكومة إلى متسولين للقمة العيش؟!

 

- من المسؤول عن قرارات سلمت الاقتصاد الوطني لهوامير سوق الصرافة؟

 

- من يقف خلف صفقات مشبوهة لبيع وشراء الدولار بمليارات الريالات أدت إلى سقوط العملة المحلية؟

 

- أين ذهبت مليارات الدولارات التي قدمت لدعم البنك المركزي؟

 

الشعب جائع!!

 

تقرير/ محمد فضل مرشد – عبدالله جاحب:

 

واصل الريال اليمني تراجعه أمام العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار الأميركي الذي بلغت قيمته خمسمائة وعشرون ريالا للدولار الواحد مساء أمس.

تراجع مخيف في قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية أفقده خلال السنوات الثلاث الماضية نحو 75 بالمائة من قوته الشرائية لترتفع نتيجة ذلك أسعار الأغذية والسلع بأكثر من 150 بالمائة فيما لا يزال سقف الأجور والمرتبات لموظفي ومتقاعدي القطاع العام عند حده الأدنى 20 ألف ريال.. والمحصلة جحيم معيشي يصلي شعبا يرزح نحو 80 بالمائة منه تحت خط الفقر ويعاني واحدا من كل ثلاثة من أفراده العجز عن توفير قوت يومه بحسب تقارير اقتصادية للمنظمات الأممية.

 

أوراق بنكنوت عديمة القيمة

المرتبات التي تصرف لموظفي ومتقاعدي الحكومة بدورها تحولت إلى أوراق بنكنوت عديمة القيمة لا تلبي أساسيات العيش الكريم للمواطنين مع ما تشهده الأسواق من قفزات سعرية كبيرة بأسعار المواد الغذائية والسلع الضرورية يرافقها في الجانب الآخر غياب تام للرقابة الرسمية على الأسعار من قبل أجهزة الدولة المختصة.

 

 

تسول معيشي

أمام محلات بيع المواد الغذائية والسلع بات المواطنين يقفون أشبه بالمتسولين كون الأوراق المالية التي يحملونها بأيديهم عديمة القيمة ولا تفي بتوفير بعض متطلباتهم المعيشية ما يجبرهم على الاستدانة تلو الاستدانة من أصحاب تلك المحلات من جانب، وتسول معاشاتهم أمام مكاتب البريد لأيام طويلة ولا تصل إلى أيديهم إلا بعد أشهر من الانتظار وقد أصبحت الديون التي تثقل كاهلهم تتعدى أضعاف تلك المرتبات الهزيلة أصلا.

 

خطأ اقتصادي قاتل..

ومنذ قرار البنك المركزي اليمني المنقول إلى العاصمة عدن بتحرير سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية وإخضاعه لسوق العرض والطلب والعملة الوطنية في هبوط متسارع في قيمتها النقدية حيث أرتفع سعر الدولار الواحد منذ بدء سريان مفعول ذلك القرار بأكثر من مائتين ريال عن سعره السابق وبعد أن كان يتجاوز ثلاثمائة ريال بقليل أصبح يتعدى الخمسمائة ريال بكثير مع استمرار هبوط قيمة العملة الوطنية وسط تحذيرات خبراء اقتصاديين من خطورة استمرار قرار تعويم الريال اليمني.

 

صفقات فساد بالمليارات

خبراء في سوق الصرافة وبيع وشراء العملات بعدن كشفوا لـ (عدن الغد) عن أسباب تقف خلف الجزء الأكبر من أزمة تدهور قيمة الريال اليمني، مؤكدين أن صفقات كبيرة شراء وبيع للدولار الأمريكي وعملات أجنبية رئيسية أخرى هي من دفعت صوب هبوط سعر العملة الوطنية، مؤكدين أن عدم إيقاف تلك العمليات سريعا سيؤدي على المدى القصير إلى سقوط كلي للريال اليمني.

يوضح مالك إحدى مؤسسات الصرافة والتحويلات المالية بالعاصمة عدن – طلب عدم ذكر أسمه - في أجابته على سؤال الصحيفة حول أسباب تدهور سعر الريال اليمني، قائلا: "هناك سببان رئيسيان لأزمة تدهور الريال اليمن أمام العملات الأجنبية وتحديدا الدولار الأمريكي والريال السعودي والدرهم الإماراتي، السبب الأول قرار تعويم الريال اليمن وهو ما جعل تحديد سعر صرفه بيد سوق الصرافة وتحديدا بيد عدد قليل ممن يتحكمون بهذا السوق فأصبح سعر صرف الريال اليمن رهن ما يقومون به من صفقات بيع وشراء للعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني، أما السبب فهو  عمليات شراء ضخمة للدولار الأمريكي والريال السعودي يشهدها سوق الصرافة بعدن منذ عامين وازدادت وتيرتها بشكل كبير خلال العام الماضي وصولا إلى اليوم.

وأضح تفاصيل تلك الصفقات الضخمة لبيع وشراء الدولار والريال السعودي قائلا:  "قيام البنك المركزي اليمني بتسليم زمام تحديد سعر صرف العملات الأجنبية للمتحكمين الكبار بسوق الصرافة في العاصمة عدن أستغله كبار تجار العملة على نحو حقق لهم ولشركائهم وهم مسئولين متنفذين في الدولة مكاسب خالية على حساب التدهور المخيف للعملة الوطنية ومعيشة المواطنين، حيث يقوم كبار المتحكمين في سوق الصرافة بشراء كل ما تطاله أيديهم من الدولار الأميركي والريال السعودي وباقي العملات الأجنبية الرئيسية عبر مؤسساتهم وكذا من محلات الصرافة الصغيرة وبأي سعر وتذهب تلك الأموال من العملات الأجنبية إلى شركائهم من المسئولين المتنفذين في الدولة ومسئولين في مرافق اقتصادية مهمة وهي صفقات متواصلة وبمليارات الريالات ويشوبها عمليات فساد ضخمة وإن كانت تتم تحت غطاء توفير العملة الصعبة لتلبية احتياجات الدولة إلا أن ضررها الاقتصادي فادح للغاية على الاقتصاد ويصيب العملة الوطنية بمقتل.

 

سقوط مدوٍ

إن ما يحدث من سقوط مدوي للريال اليمني لم يشهده الاقتصاد الوطني من سابق، ولم يحدث على امتداد الحكومات المتعاقبة لليمن وحتى في أشد الأزمات والصراعات السابقة التي عصفت بالأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية في اليمن خلال العقدين الأخيرين!!.

 

سابقة تاريخية في السقوط

لم يعرف التاريخ سقوط مدوي للريال اليمني في البلد مثلما يحصل اليوم وفي هذه الحقبة تحديدا، التي تعصف فيها قوى الصراع والنزاع في شمال اليمن وجنوبه بمقومات عيش المواطنين البسطاء.

مرحلة عصيبة يمر بها الاقتصاد الوطني بشكل عام جراء التدهور الكارثي للريال اليمن، ومأساة معيشية طاحنة يكابدها المواطنون بشكل خاص، فالارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والسلع عصف بالمواطن، وفي المقابل لا حل في الأفق القريب من قبل الدولة ممثلة بأجهزتها الحكومية المختصة وكل ما هنالك لا يتعدى الأعذار والحجج الواهية والإخفاق المتعاظم في إدارة البلاد وتلبية الحد الأدنى من أساسيات عيش المواطنين.

ويعزو اقتصاديون ومتابعون تدهور الريال إلى عوامل وأسباب عديدة في المشهد اليمني وتحمل وزرها وتبعاتها الفادحة على الاقتصاد الوطني إلى الحكومة الشرعية نتيجة سوء الإدارة والفساد المتفشي في مفاصلها ولأروقتها وعدم إيجاد آلية اقتصادية للبلد يستفاد منها في تحقيق استقرار للعملة وللاقتصاد بشكل عام، وإيجاد البدائل والمعالجات وتقليص الإخفاقات والفساد المنتشرة  في إدارتها والتقليل من النثريات والصرفيات الخيالية في ظل أوضاع مأساوية.

وذهب البعض إلى أن ذلك السقوط الكارثي للريال نتيجة توجهات اقتصادية وإدارية خاطئة للحكومة الشرعية من جانب، وفي الجانب الآخر عدم إيفاء دول التحالف بكثير من الالتزامات والتعهدات والوعود التي قطعتها على نفسها لدعم الاقتصاد اليمني ومنع سقوطه إلى قاع الهوية، وكان أخرها التعهد السعودي بدعم العملة اليمنية وتثبيت استقرارها بوديعة قدرها (اثنين مليار دولار) وتراجعت المملكة العربية السعودية عن هذا الخطوة نتيجة لعدم الثقة بالحكومة التي أصبحت تفوح روائح الفساد من أروقتها.

 ويرى البعض أن عدم إيفاء المملكة بذلك لعدم إيجاد الضمانات لعملية الاستقرار من جهة الحكومة الشرعية فعملت الحكومة على التخلي عن الريال مما أدى الى الوصول به الى الحال الذي نشاهده اليوم من تدهور، واصفين ذلك بمحاولة الحكومة الشرعية إيجاد عمليه ضغط وإحراج للمملكة امام المجتمع الدولي ودفعها إلى الإيفاء بالالتزام وإيصال الوديعة المالية الى البنك المركزي.

بينما يحمل طرف ثاني المجلس الانتقالي مسؤولية أتباع انهيار وتدهور العملة نتيجة للضغط وتضيق الخناق على الحكومة الشرعية وإفشال كل مساعيها للوصول إلى الاستقرار الاقتصادي في المناطق المحررة الخاضعة تحت وطأة نفوذ المجلس حيث يسيطر على جميع المنافذ وشريان الحياة في تلك المناطق من الموانئ والمطارات والمنافذ البرية والسيطرة على الإيرادات والدخل العائد من ذلك مما شكل عبئا وعدم توازن لحكومة الشرعية في إدارة عملها وتنفيذ خططها.

حيث تحمل أطراف كثيرة المجلس الانتقالي عواقب تفاقم سقوط الريال اليمني.

وهناك طرف ثالث يرمى بالحمل على دول التحالف في عملية تدهور وسقوط الريال اليمني نتيجة لسياسة ممنهجة ومدروسة وأهداف وخطط دوليه وأطماع نفوذ  تتحقق ببقاء الأوضاع السياسة والعسكرية والاقتصادية في اليمن على ما هي عليه.

وبين كل ذلك يقف المواطن الذي يتحمل ألاعيب الكبار وعواقب تدهور الريال، بين أوضاع ضنك معيشي صعب وبين سياسات ومماحكات لم يفهم أهدافها ورغباتها وأطماع نفوذها.

 

ضنك شعبي ورفاهية للمتفيدين

وعملت دول التحالف مناصفة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على مد قوى الصراع في المشهد السياسي اليمني مناصفة بين المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية من خلال دعم منقطع النظير لم يصب في مكانه الصحيح او وصوله إلى أهداف وخدمات يستفيد منها المواطن.

حيث اتجهت دول التحالف إلى دعم تلك الأطراف المتصارعة من اجل بقاء الصراع ولم تدعم من أجل المصالح التي تصب في استقرار وتثبت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن وتخدم الشارع.

وقامت بدعم الحكومة الشرعية بالمكارم والهبات ومنح القصور والفلل والأرصدة والمشاريع الخاصة والنثريات والصرفيات والسيارات لتتخذ حكومة الشرعية إثر ذلك الإغداق من المملكة وسيلة استرزاق وتنفع وجمع بالأموال وتعزيز للأرصدة الخاصة بهم فيما المواطنون على امتداد اليمن يتضورون جوعا!!.