آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-03:45م

أدب وثقافة


الّدلّالة

الجمعة - 12 يناير 2018 - 06:20 م بتوقيت عدن

الّدلّالة

كتب/عصام عبدالله مسعد مريسي

ما من بيت في الحي إلا وتعلم خفاياه ومخابئه ، في جعبتها حلول لكل المشاكل تقرب البعيد بحرفية ومهارة وتوفق بين المتعارضين, مستخدمه  كل ما تتمتع به من خفة وذكاء ففي جعبتها اقمشة وعطور وبخور وحلول للعنوسة ففي جعبتها أيضاً صور فتيات وشباب راغبين في الزواج ، ما من بيت في الحي والاحياء المجاورة إلا ويرحب بها إنها الخالة أم بهلول  مازالت في ريعان الشباب ليست بالجميلة ولكنها تتمتع بخفة روح وجمال نفس زوجها على فراش الموت بعد ما الم به من حادث مروري نصفه حي ونصفه ميت سنوات مرت منذُ زواجها لم تتذمر أو تشتكي من حالها رغم ما أصابها من مصائب وحزن فهي مازالت توزع الفرحة وتهدي البسمة لكل من يحتاج اليها وهي في أشد الحاجة إليها تعود بعد رحلتها لتجتمع بصغيرها تفرحه بما في جعبتها من حلويات وما تجود به السيدات عليها من هدايا فهو دائما في شوق لعودة أمه لتهديه أّمل لغده وتمسح دمعة حسرة من عين زوجها المشلول الذي فقد كل ملامح الحياة سوى نظرةٍ يرمقها بها كلما دخلت أو خرجت يتذكر أيامه الخوالي مع حبيبته.

كعادتها بعد أن يغادر صغيرها إلى المدرسة وبعد اطعام زوجها وتفقد كل حاجته تحمل بقشة البضاعة ( سلة) تبدأ تتجول في بيوت الاحياء يكفي فقط أن تلقي التحية وإذا بها في وسط المنزل :

صباح الخير .. أين أنتم  يا أصحاب الدار

لم يرد أحدٌ عليها ، تعاود القاء التحية والنداء:

صباحكم .. أين أنتِ يا أم الرجال

لم يكن أحدٌ في المنزل فقد غادرت ربة المنزل لأمر يشغلها ، برهةً من الزمن فإذا بها تسمع صرير الباب وهو يوصد ، لم تجزع أو يصيبها الخوف فهي امرأةً قوية عاصرت أحداث عظام وتعرضت لمثل هذه المواقف وتعلمت كيفية الدفاع عن عرضها بعد أن اصبحت مسؤولة عن نفسها وصغيرها وزوجها العاجز المقعد، يقترب  صائد النساء يتبختر مستعرض جسده محاولاً إغراء المرأة الدلالة ،بحنكة تفتح حقبتها وتجري اتصال موهوم :

الوه .. أم الرجال .. أنا في منزلك ولم أجد أحد . سوف تحضرين الأن

تصمت لبرهة وهي تنظر إلى عيني الرجل لترى في عينيه حالة الانهزام والتراجع ، ثم ترفع  صوتها :

أنتِ قريبة .. أنا في انتظارك على حافة بوابة منزلك .. لأني في عجلة من أمري

بخجل شديد ينسحب الرجل مفرط الذكورة وعينيه لا تفارقان الارض محاولاً أن يتوارى في الغرفة المجاورة ، تنسحب المرأة مغادرة المنزل وهي مازالت تجري الاتصال المزعوم:

عليك أن تتعاملي مع الموضوع الذي سوف أخبركِ به بهدوء وحكمة . والمسألة  زلة ولن تتكرر .. عليك حسم الموضوع 

ارتعدت فرائص الذكر مفرط الذكورة وراح يتخفى تحت غطاء نومه متظاهر النوم  حتى إذا دخلت زوجته وجدته على حالته فلا تصدق  ادعاء المرأة .

ترتسم على ملامح المرأة الدلالة ابتسامة ساخرة ولم تغادر الحي إلا وقد قامت بجولتها المألوفة متناسية ما حدث وكأن شيء لم يحصل