آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:26ص

أدب وثقافة


القزم وطريق السماء (قصة قصيرة)

الأربعاء - 10 يناير 2018 - 01:10 م بتوقيت عدن

القزم وطريق السماء (قصة قصيرة)

بقلم: مديحة عبدالله عوبل

وكأنني الخطيئةُ تمشي على ساقين قصيرتين لا تستحق غير أن تسحق تحت أقدام المارين هناك…
أعتذر أيهُا الحلم ولدت داخلي طويل القامة لقزم بساقين ضئيلتين يتيم حبيس الغرفة..

قام (مجد) من على كرسيه وضرب بكفه على طاولته ألصغيرة بقوة هزت شاشة حاسوبه الذي يقبع عليه طول تلك الليالي التي ينتظر فيها رسالة من “وكالة ناسا” لتحقيق حلمه بالترحال في فضاء تفتح له المجرات أبوابها.
لا يستهويه الترحال بين المدن وعوالمها،
لم يكن شكله مألوفاً حتى تكون احلامه الأخرى هي مألوفة.

يجلس على حافة العقل، يشرد بخيال مجنون بأن تطول قدماه حتى يخترق الفضاء، أو أن المجرات قد تلقي إليه خيوطها كي يتعلق بها، كالسديم تائه في المادة المظلمة حتى يحرر المرأة المسلسلة.
أن يقفز عن الجاذبية وتنساب إليه النجوم الصغيرة التي تسقط وتبتعد عن دورانها حول المجرات الأخرى لتدور حوله
ثم يأخذ زاوية من كويكب القوس ليتضح له من هناك رؤية الثقب الأسود لدرب التبانة،،
قد كان في العاشرة من عمره عندما وقعت عيناه على قصيدة منزل من اللهب The House of Fame التي كتبها الشاعر جيفري تشوسر في القرن الرابع عشر إذ شبّه المجرة بالطريق السماوي، الطريق الذي عزم ان يسلكه
هناك. في المجرات أقزام تنتظرني؛
القزم الأبيض والقزم الأحمر والكثير من الأقزام التي لن أنتقدها أو تسخر مني.
سأرسل قبلاتي مبتعداً ل “بنات نعش” خوفاً من أن يهجم عليّ الدب الأكبر.

لكن!!
لأحلامنا الهجينة في عيونهم مصير الرماد بعد الاحتراق الطويل لابد أن تنثرها الرياح،،
صعق (مجد) بالرفض وتألم وكأن نازلة من نوازل القدر حلّت به،،
وتمتم مع نفسه
هل عليّ أن أقتنع بفرضيات “سيرانو”؟ ألست لأخترق أطباق السماء؟

واستمر في الحديث بانسجام تام مع نفسه:
هل عليّ أن أعمد الى صندوق كبير فأفرغه من الهواء بواسطة حرارة المرايا المضلعة ثم أملأه بالهواء المتصاعد وأجلس فيه ليصعد للأعلى
او أدهنُ نفسي بنخاع الثور حتى يقترب القمر و….آه كم هو مؤلم أن تحلم برحلة تخبئ لها ألف عين وذاكرة لانهاية لها، ثم تموت دون تحقيقها.
تقوقع على نفسه في غرفته وحيداً بعد أن همست لهُ نجمة بأن تنزل إليه ليلاً تحكي له حكاية المجرات حتى يختطفها الفجر…