آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

ملفات وتحقيقات


حصاد العام 2017 في اليمن: جمود بالجوانب السياسية والعسكرية.. أزمة انسانية.. كارثة اقتصادية وانهيار صحي

الإثنين - 01 يناير 2018 - 07:10 م بتوقيت عدن

حصاد العام 2017 في اليمن: جمود بالجوانب السياسية والعسكرية.. أزمة انسانية.. كارثة اقتصادية وانهيار صحي

تقرير: جعفر عاتق

انقضى عام كان طويلا بعض الشيء وحمل في طياته العديد من الأحداث التي ستظل عالقة في التاريخ اليمني.

شهد اليمن خلال عام 2017 أحداثا بارزة غيرت كثيرا من ملامح البلد في أقصى جنوب الجزيرة العربية والذي يشهد اضطرابات منذ أكثر من 3 سنوات، ومن المؤكد أنها ستلقي بظلالها على حياة اليمنيين في العام 2018 في ظل غياب الحل للازمة.

عاش اليمنيون عاما عصيبا ربما هو الأسوأ، فتحت وطأة الحرب، وانهار القطاع الصحي، وتفشت أوبئة، وتوقف صرف رواتب موظفي الدولة، لتتفاقم المعاناة في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حسب تقارير المنظمات الدولية.

ويمثل مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح (1978-2012)، برصاص حلفائه الحوثيين الحدث الأبرز في 2017، ويرى مراقبون أنه قد يغير خارطة الأزمة اليمنية العام المقبل.

وفي هذا التقرير ترصد "عدن الغد" أبرز الأحداث في اليمن، خلال العام المنصرم 2017.

 

* الجانب السياسي: 

شهد الجانب السياسي للأزمة اليمنية اخفاقا في ظل تعنت الأطراف من الجلوس على طاولة حوار واحدة.

وفشلت كل محاولات المبعوث الأممي الى اليمن إسماعيل ولد الشيخ في لم شمل الفرقاء اليمنيين.

ولد الشيخ الذي كان هو الآخر عقيما وعاجزا عن الدفع بالعملية السياسية في اليمن الى الأمام.

فقد أجرى المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد ، عدة جولات مكوكية في عدد من بلدان المنطقة، لاستئناف المشاورات المتعثرة منذ انتهاء مفاوضات الكويت في أغسطس 2016، لكنه أخفق في تحقيق أي تقدم.

وحاول ولد الشيخ خلال الأشهر الاثني عشر من العام 2017 من حلحلة الجانب الانساني وطرح المبادرات للتخفيف من معاناة المواطنين في اليمن وخصوصا في المناطق الواقعة في ساحة المواجهة بين قوات الانقلابيين والقوات الموالية للرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي.

وكانت آخر المبادرات التي تقدم بها ولد الشيخ، هي المبادرة الإنسانية التي تنص على فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية، وتسهيل الإمدادات في ميناء الحديدة مع إدارتهما من قبل الأمم المتحدة، مقابل تأجيل الحملة العسكرية للتحالف العربي والحكومة الشرعية لاستعادة ميناء ومدينة الحديدة.

ويضاف إلى ذلك معالجة الملف الاقتصادي وصرف المرتبات، وإطلاق المعتقلين والأسرى والمخفيين قسريا، ورفع الحصار الحوثي عن محافظة تعز.

حالة من جمود أقل ما يوصف به المشهد السياسي خلال العام 2017.

- تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي 

وفي الجانب السياسي ايضا ولكن في الجنوب فقد أعلن اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي تشكيل المجلس الإنتقالي الجنوبي كممثل شرعي للقضية الجنوبية وحاملا لمشعل الاستقلال واستعادة الدولة التي ناضل الجنوبيون لأجلها سنوات عديدة.

حظي المجلس الانتقالي الجنوبي بتأييد واسع جنوبا ومعارضة شمالية فيما لايزال حضوره خجولا دوليا.

ويتوقع مراقبون أن يشكل المجلس الانتقالي الجنوبي فصولا جديدة في العام 2018 بعد تدشينه للجمعية العمومية والتي تعتبر برلمانا جنوبيا.

 

* أزمة انسانية كبرى

شهد العام 2017 في اليمن أكبر أزمة انسانية تمر على العالم خلال ذلك العام بحسب منظمات دولية.

أثرت الأزمة الانسانية على الحياة الطبيعية للمواطنين وكانت الأزمة تحمل جوانب كثيرة، منها:

 

* انهيار الجانب الصحي

كان العام 2017 كارثيا في الجانب الصحي باليمن بكل ما تحمله الكلمة من معاني.

وسجل العام 2017 ظهور أوبئة وأمراض أدت الى وفاة الآلاف من المواطنين وفاقمت من الأزمة التي يعيشونها.

- انتشار الكوليرا

سجلت منظمة الصحة العالمية، في 27 أبريل/ نيسان الماضي، أول حالة إصابة بالكوليرا والإسهالات المائية الحادة في صنعاء.

وخلال النصف الأخير من العام الجاري بلغ عدد الإصابات التراكمية قرابة مليون حالة، في أسوأ تفشٍ للوباء في العالم، وفق منظمات دولية.

ونافست الكوليرا الحرب في حصد أرواح اليمنيين، إذ تفيد أرقام منظمة الصحة العالمية بوفاة أكثر من 2200 حالة.

ورغم الانحسار النسبي للوباء، بفضل التدخلات القوية للمنظمات الدولية، تحذر الأمم المتحدة من أن إعاقة وصول الإمدادات سيقوض كل جهودها ما قد يعيد الوباء إلى الواجهة خلال 2018.

وإجمالا تسببت الحرب في تدهور الأوضاع في أفقر بلد عربي، حيث بات 21 مليون يمني (حوالي 80% من السكان) بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق الأمم المتحدة.

كما تفيد الإحصاءات الأممية بأن نحو 15 مليون شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية الكافية، فضلاً عن مقتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين، وتشريد نحو 3 ملايين آخرين.

- المجاعة تفتك باليمنيين

وفي بعض مناطق وادي تهامة أدت المجاعة الى وفاة العشرات من المواطنين في ظل حرب اخذت الكثير من مداخيل اليمنيين وقطعت ارزاق الكثير منهم.

وتداول اليمنيون صورا ستبقى عالقة في وجدان التاريخ لمواطنين بأجسام هزيلة بسبب الجوع وقلة الغذاء.

 

* عام "كارثي" اقتصاديا

كان العام 2017 كارثي اقتصاديا وشهد انهيارا في صرف العملة الوطنية "الريال" مما فاقم من معاناة المواطنين بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية ومشاكل أخرى.

وجاء انهيار صرف العملة مع توقف صرف المرتبات للموظفين الحكوميين واغلاق العديد من ملاك المشاريع التجارية لمشاريعهم بسبب الحرب الدائرة في البلاد.

وتسببت كل تلك الأزمات في أزمة انسانية كبرى زادت من معاناة المواطنين وكانت الأكبر في العالم بحسب منظمات دولية.

 

* انهيار الخدمات الاساسية

سجلت الخدمات الاساسية في المحافظات المحررة وفي مقدمتها العاصمة عدن انهيارا واضحا مما فاقم من معاناة المواطنين.

تدهورت خدمة الكهرباء ووصلت الانقطاعات في التيار الكهربائي الى ما يقارب 20 ساعة في اليوم الواحد في العاصمة عدن خلال فصل الصيف فيما تمر ايام دون يرى المواطنون في المحافظات المجاورة للعاصمة التيار الكهربائي.

انقطعت المياه عن منازل المواطنين وطفحت مياه الصرف الصحي في الشوارع وتكررت الانقطاعات في خدمات الإنترنت والاتصالات وأصبحت العاصمة عدن أشبه بـ"قرية" كبيرة.

 

* الجانب العسكري

لم يحُدث العام 2017 نقلة نوعية في خارطة السيطرة والنفوذ لطرفي النزاع في اليمن، وباستثناء تغييرات طفيفة في بعض الجبهات، سيطر الجمود على الملفين السياسي والعسكري بشكل شبه تام.

جمود عسكري لم يكسره سوى تحرير مدينة المخا التابعة لمحافظة تعز جنوب غربي البلاد، قبل أن تتحرك القوات الحكومية مسنودة بالتحالف العربي، خلال الأسبوع الأول من ديسمبر، باتجاه محافظة الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون، على البحر الأحمر.

- عسكريا: تقدم طفيف للقوات الشرعية

مع بداية شهر يناير ، أطلقت القوات الموالية للحكومة الشرعية عملية عسكرية واسعة بمساندة طيران التحالف العربي أطلق عليها "الرمح الذهبي" من 3 محاور للسيطرة على كامل منطقة "باب المندب" وإخراج قوات الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح منها وتامين الممر الملاحي الدولي الهام.

وتمكنت القوات الجنوبية المشاركة في عملية الرمح الذهبي وبإسناد من التحالف العربي من استعادة السيطرة على منطقة "ذباب" في باب المندب الساحلية، والتقدم نحو ميناء "المخا"، بهدف حماية الملاحة البحرية في المضيق الذي يشكل الشريان التجاري الاستراتيجي لأغلب دول العالم.

وتمكنت عملية "الرمح الذهبي" من تحرير "المخا" وميناءها غرب محافظة "تعز" بالكامل، كما حررت قاعدة خالد بن الوليد العسكرية والتي تمثل أهم نقاط قوة الانقلابيين على الساحل الغربي لليمن، وباتت الحكومة المعترف بها دوليا تسيطر بشكل تام على مضيق باب المندب الاستراتيجي.

ولكن العملية العسكرية توقفت لأشهر بعد تحرير مدينة "المخا" في ظل ضغوط دولية لإيقاف أي عمل عسكري يستهدف ميناء الحديدة.

وخلال الأسبوع الأول من ديسمبر، استأنفت القوات الحكومية تقدمها صوب محافظة الحديدة، وسيطرت على مدينة "الخوخة".

وبتحرير مديرية الخوخة، تمكَّن القوات الموالية للرئيس هادي المعترف بها دوليا من التواجد على مشارف مديرية "التحيتا" شمالا، و"حيس" شرقا، والسيطرة على معسكر "أبو موسى الأشعري"، أحد أهم المواقع العسكرية في الساحل الغربي للبلاد، الذي سيطر عليه الحوثيون منذ انقلابهم على الشرعية في العام 2014.

ويؤكد المراقبون والمحللون للوضع العام في اليمن أن 2017 كان عام الجمود العسكري بامتياز، حيث لم يشهد الوضع بالبلاد أي تغييرات عسكرية مهمة واستراتيجية باستثناء ما حدث في المخا.

 - مقتل صالح وانهيار تحالف الانقلاب

شهد 2017 تغيرا كبيرا في مسار الحرب، فتحالف الحرب الداخلية (الحوثي/ صالح)، المتهم بالانقلاب على السلطة واجتياح صنعاء عام 2014، بدأ بالتآكل من الداخل.

وبالمقابل عجزت القوات الحكومية وحليفها التحالف العربي، بقيادة الجارة السعودية، عن كسر شوكة مسلحي الحوثيين وصالح، المتهمين بتلقي دعم عسكري إيراني.

خاض الحليفان (الحوثي وصالح)، حربًا باردة دامت عدة أشهر على المناصب والمؤسسات السيادية، وسرعان ما بدأت تظهر للعلن، أواخر شهر أغسطس الماضي، عندما استعرضت جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام أنصارهما بشكل منفرد في صنعاء.

ورغم انتهاء تلك المهرجانات باشتباكات مسلحة أسفرت عن مقتل قيادي مقرب من صالح و3 مسلحين حوثيين، أعلن الحليفان احتواء الأزمة والتفاهم على كافة النقاط الخلافية.

لكن لم تدم التهدئة طويلًا، حيث انفجر الوضع عسكريًا في صنعاء، مطلع ديسمبر/ كانون أول الجاري، ودارت حرب شوارع حسمها الحوثيون، خلال أيام، بقتل صالح، وأمين عام حزب المؤتمر عارف الزوكا، بجانب سقوط مئات القتلى من الجانبين. 

- الحوثيون يستهدفون العاصمة السعودية بصاروخ باليستي 

أطلق الحوثيون، في 4 نوفمبر الماضي، صاروخا باليستيا صوب العاصمة السعودية الرياض.

ورغم اعتراض منظومة دفاع التحالف العربي للصاروخ فوق الرياض، إلا أن الصاروخ، وهو الأطول مدى على الإطلاق منذ بداية الحرب، شكل حدثا فارقا.

أعلنت المملكة أن الصاروخ كان إيرانيا، ورغم نفي طهران اعتبرت الرياض أن تزويد إيران للحوثيين بالصواريخ يرقى إلى إعلان حرب ضدها.

وفرض التحالف العربي إغلاقا تاما على كافة المنافذ الجوية والبحرية والبرية لليمن، في مسعى، وفق التحالف، للحد من تدفق السلاح الإيراني إلى جماعة الحوثي.

ونجحت ضغوط الأمم المتحدة في رفع الحظر أولا عن المنافذ الواقعة تحت سيطرة التحالف والحكومة الشرعية في الجنوب، ثم رفعه عن كافة المنافذ الخاضعة للحوثيين، بعد قرابة 20 يوما من إغلاقه.

 

* الوضع الأمني في المناطق المحررة

شهد الوضع الأمني في المحافظات المحررة وخصوصا العاصمة عدن تذبذبا وتفاوتا كبيرا في أشهر العام 2017.

في خلال العام 2017 حققت القوات الأمنية انجازات وبسطت سيطرتها على عدد من المدن فيما شهدت في فترات أخرى تراجعا مخيفا كاد أن يعصف بالجهود الكبيرة للتحالف العربي في اليمن. 

 - عمليات إرهابية

شنت التنظيمات الإرهابية عدة عمليات استهدفت القوات والمراكز الأمنية في العاصمة عدن وعدد من المحافظات المحررة أسفرت عن مقتل وجرح المئات من الجنود والمواطنين.

ولعل أبرز تلك العمليات الهجوم الدامي الذي استهدف مبنى البحث الجنائي في العاصمة عدن وتبناه تنظيم "الدولة الإسلامية" وراح ضحيته أكثر من 100 قتيل وجريح من أفراد الأمن والمواطنين.


- المعركة مع الإرهاب

تصدت القوات الأمنية للعديد من الهجمات الارهابية وقدمت مقابل ذلك تكلفة ضخمة.

وأطلق التحالف العربي في العام 2017 عدة حملات لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة في محافظات جنوبية تكللت أغلبها بالنجاح وبسطت الأجهزة الأمنية سيطرتها على تلك المناطق.

- تباين الأجهزة الأمنية في العاصمة عدن يؤرق المواطنين

في العام 2017 ظهر الى السطح وبشكل علني التباين الكبير في الأجهزة الأمنية والعسكرية في العاصمة عدن.

وظهرت العديد من الحوادث والمواجهات بين الأجهزة الأمنية وكذا بين قوات عسكرية واخرى تتبع الأمن فاقمت من التدهور الأمني.

تفرقت في العام 2017 الولاءات بين القيادات العسكرية وزادت الهوة بين الأجهزة الأمنية لذلك عاودت التنظيمات الإرهابية ضرباتها وشكلت خطرا حقيقيا على حياة المواطنين في العاصمة عدن.

ويأمل المواطنون خلال العام الجديد أن تعاد هيكلة الأجهزة الأمنية ويتم توحيدها تحت قيادة واحدة خصوصا مع تعيين وزير جديد للداخلية.

 

* مستقبل صعب التنبؤ

رغم أن ملامح العام القادم تشير إلى تصعيد عسكري كبير ضد الحوثيين، خصوصا مع تفكك تحالف الانقلاب وهروب قيادات كبيرة في حزب المؤتمر الشعبي العام الى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على يد الحوثيون، إلا أن مراقبون يرون أنه من الصعوبة التنبؤ بما سيحدث مستقبلا في اليمن، نظرا لما تتسم به الأحداث في هذا البلد من تواتر سريع يجعلها غير خاضعة لقاعدة ثابتة.

ويأمل اليمنيون أن يخفف العام الجديد من وطأة الأزمة الانسانية التي يعيشونها وباتت كابوسا يؤرق حياتهم.

ويأملون كذلك في انتهاء الحرب التي دمرت وأحرقت الكثير من مقدرات البلد وفي مقدمتها الانسان كما قضت على البنية التحتية لبلد يعتبر من بلدان العلم الثالث ويقع أكثر من نصف مواطنيه تحت خط الفقر.