آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-02:57ص

ملفات وتحقيقات


تحليل : الغريب في مهمة قيادة عدن.. هل ينجح؟

الجمعة - 29 ديسمبر 2017 - 09:34 م بتوقيت عدن

تحليل : الغريب في مهمة قيادة عدن.. هل ينجح؟

عدن (عدن الغد)خاص:

قالت تقارير مؤكدة ان الرئيس عبدربه منصور هادي يستعد لإصدار قرار تعيين للقيادي في الحراك الجنوبي “علي هيثم الغريب” في منصب محافظ عدن وذلك خلفا للمحافظ المستقيل “عبدالعزيز المفلحي”.

 

الغريب القادم من أروقة الحراك السلمي الجنوبي برز نجمه قبل أكثر من 12 سنة كاتبا صحفيا ومحاميا مدافعا عن قضية الجنوب.

 

استهل الرجل تاريخه السياسي بكتابات صحفية عقب العام 1994 عن قضية الجنوب على صدر صحيفة “الأيام”.

 

ورغم انتهاء الحرب في 1994 وتمكن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من بسط سيطرته على الجنوب وتوقف حركة المعارضة لنظام حكمه إلا ان الغريب كان واحدا من قلائل السياسيين والكتاب الجنوبيين الذي قارعوا نظام صالح وظلوا يكتبون بقوة عن الجنوب.

 

وظل الرجل يكتب عن قضية الجنوب رغم حالة الاستقرار السياسية التي عاشتها اليمن عقب حرب صيف 1994 بالإضافة إلى عدد ضئيل من الكتاب.

 

 الغريب وثورة الحراك السلمي الجنوبي في الـ 7 من يوليو 2007 اندلعت ما بات يعرف بثورة الحراك الجنوبي أو الثورة السلمية في جنوب اليمن كان علي هيثم الغريب احد ابرز القيادات السياسية

 

التي خرجت إلى الشارع وشاركت بقوة في تنظيم الفعاليات السياسية والجماهيرية.

 

قاد الرجل إلى جانب قيادات جنوبية أخرى حركة احتجاجات شعبية في عدن والضالع وأبين وشبوة وغيرها من مناطق الجنوب وتصدرت أحاديثه السياسية الواجهة.

 

وظل الرجل محافظا على حضوره السياسي حتى مطلع العام 2008 حينما قرر نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح اعتقال قيادات الحراك الجنوبي، يومها كان “الغريب” احد ابرز القيادات التي تمت مداهمة منازلهم في عدن ونقلوا على عجل على متن طائرة عسكرية إلى صنعاء.

 

كان الغريب إلى جانب عدد من القيادات الجنوبية الأخرى بينها أحمد عمر بن فريد وحسن باعوم ويحيى غالب وقطاع كبير من قيادات الصف الأولى التي قادت حركة الاحتجاجات.

 

وعقب اعتقال هذه القيادات تراجعت حركة الاحتجاجات الشعبية الجنوبية متأثرة بعمليات الاعتقال هذه.

 

بعد قرابة 9 أشهر تقريبا من الاعتقال قرر نظام صالح الإفراج عن الغريب ورفاقه عقب عفو أصدره صالح عنهم يومها ، عاد الغريب إلى عمله محاميا قبل ان يستأنف كتابته الصحفية عقب أشهر من الإفراج عنه.

 

 عاد الغريب مجددا لقيادة الحراك الشعبي الجنوبي الذي استأنف نشاطه السياسي رغم عمليات القمع التي واصلها نظام صالح وانتقل الرجل لاحقا للعيش بمنطقة يافع هربا من ملاحقة نظام صالح له.

 

الحراك الجنوبي واندلاع ثورة الشباب 2011 في فبراير من العام 2011 اندلعت ثورة الشباب ضد نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ورغم انسياق قطاع من الحراك الجنوبي مع دعوات إسقاط نظام صالح وتراجع بعض القيادات عن مطالب استقلال الجنوب عن الشمال إلا ان الغريب ظل متمسكا بالمطالب السابقة.

 

وعقب انتهاء ثورة 2011 واصل الغريب نشاطه السياسي ضمن قوى الحراك الجنوبي وكان احد ابرز مهندسي المؤتمر الجنوبي الجامع وهو نشاط سياسي لقوى من الحراك حاولت توحيد صفوفه في العام 2013 إلا ان هذه الجهود لم يكتب لها النجاح لاحقا.

 

وواصل الرجل نشاطه السياسي ورغم اجتذاب إدارة الرئيس هادي لعدد من قيادات الحراك الجنوبي بين عامي 2013 و2015 إلا ان الغريب لم يكن بينها.

 

واصل الرجل نشاطه السياسي حتى اندلاع حرب الحوثي الأخيرة حينما شنت قوات موالية للحوثيين وصالح هجوما استهدف مدن الجنوب وعلى رأسها مدينة عدن.

 

 ومع اندلاع الحرب برز الغريب باعتباره احد قيادات الحراك الجنوبي في المدينة وترأس إلى جانب آخرين مجلسا للمقاومة المسلحة ومع انتهاء الحرب وتولي قيادات جنوبية مناصب في الحكومة الشرعية اليمنية تولى “الغريب” منصب وكيل لمحافظة عدن.

 

مارس الغريب مهام عمله وكيلا للمحافظة في عهد المحافظ الأسبق “عيدروس الزبيدي” لكنه واصل نشاطه السياسي باعتباره قياديا في الحراك الجنوبي.

 

وظل الرجل مؤديا لمهام عمله وكيلا لمحافظة عدن.

 

ورغم ان الرجل تقلد منصب وكيلا لمحافظة عدن إلا انه أبدا الكثير من المواقف السياسية الرافضة لأي انتقاص لحقوق الجنوبيين أو إي تمييع لقضيتهم السياسية الوطنية.

 

ظهر الرجل في أكثر من مقابلة صحفية ناقدا لتطورات الأوضاع ومطالبا بإيجاد شراكة حقيقية للجنوبيين وحلا عادلا لقضيتهم.

 

بدا واضحا ان المنصب الذي تحصل عليها “الغريب” كان هامشيا مقارنة بعطاء الرجل ونشاطه السياسي الكبير خلال السنوات الماضية.

 

عقب عام ونصف من تعيين الزبيدي محافظا لعدن ومع مطلع العام 2017 بدأ واضحا أيضا ان علاقة “الزبيدي” بهادي تتجه نحو حالة من التدهور السياسية.

 

قرر هادي عقب حالة من التوتر والقطيعة بين الجانبين إقالة “الزبيدي” نهاية ابريل الماضي وتعيين “عبدالعزيز المفلحي” خلفا للزبيدي الذي غادر المشهد السياسي بحكومة الشرعية ليعلن لاحقا

 

 عن تشكيل المجلس الانتقالي الذي قاد حركة احتجاج شعبية وسياسية ضد إدارة “هادي” لاحقا.

 

ومع إعلان الزبيدي تشكيل المجلس الانتقالي توجهت الأنظار صوب علي هيثم الغريب ليكون احد ابرز القيادات التي يمكن لها ان تشكل توجه الانتقالي.

 

ظل الغريب على مسافة واحدة من كافة الأطراف السياسية ومع عدم وضوح رؤية سياسية تجاه الرجل، التزم الرجل صمتا سياسيا في مواجهة الجميع.

 

قالت أطراف فاعلة في المجلس الانتقالي الجنوبي لصحيفة “عدن الغد” ان الغريب كان احد ابرز المرشحين لتولي منصبا هاما في قيادة الانتقالي إلا ان اعتراضات تعرض لها اسمه انحت به جانبا بعيدا عن التشكيل السياسي اللاحق الذي ضم قيادات مختلفة بينها قيادات من حزب المؤتمر.

 

قال احد قيادات المجلس الانتقالي لصحيفة “عدن الغد” ان قيادات مؤتمرية باتت جزءا من المجلس اعترضت على اسم الغريب وقالت ان له صلات سياسية معارضة.

 

خسر الانتقالي بابتعاد الغريب عن خطه السياسي احد ابرز القيادات الجنوبية التي كان يمكن لها ان تغير الكثير من الحقائق على الأرض وتضيف مكسبا سياسيا جديدا للمجلس الذي بات يواجه تحديات كثيرة.

 

غادر الرجل لاحقا مدينة عدن ليعتكف بالعاصمة المصرية القاهرة عدة أشهر قبل ان يغادرها لاحقا صوب مدينة عدن.

 

لم تمر 4 أشهر فقط على تعيين المحافظ المفلحي محافظا لعدن حتى قدم استقالته في حين تعاظمت الأزمة السياسية بين الإمارات والرئيس هادي.

 

صعد الانتقالي من حدة خطابه السياسي بعدن واعترض سير عمل حكومة بن دغر في حين ذهب هادي إلى مزيد من خطوات الإطاحة بمن تبقى من أعضاء الانتقالي في حكومته والمنتمين للمجلس الانتقالي الجنوبي.

 

اصدر هادي مؤخرا قرارا قضى بإقالة محافظي الضالع ولحج ووزير النقل من مناصبهم وهم من تبقى من أعضاء الانتقالي في مناصب حكومية.

 

نشرت إدارة الرئيس هادي صورة للرئيس هادي مساء يوم الثلاثاء وتضم هادي وعلي هيثم الغريب الذي يزور المملكة العربية السعودية.

 

قال آخرون ان الصورة قديمة لكنها أعيدت على الواجهة تأكيدا من قبل إدارة الرئيس هادي على اقتراب إصدار قرار تعيين للغريب محافظا لعدن.

 

 

 

- هل ينجح الغريب؟

 

 

 

يأتي تعيين الغريب محافظا لعدن في ظل ظروف معقدة للغاية فالانقسام السياسي والعسكري على أشده، تذهب العلاقة السياسية بين الرئيس هادي والإدارة الإماراتية صوب حالة من التأزيم رغم حالة التقارب السياسية الأخيرة بين الإمارات وحزب الإصلاح الذي يشكل حضورا قويا في أروقة إدارة الرئيس “هادي”.

 

سيواجه الرجل في حال تقبله بمنصب المحافظ تركة هائلة من المشاكل لعل على رأسها ملف الخدمات المتدهور في عدن، تسببت حرب طاحنة شهدتها المدينة خلال العام 2015 بتدمير ضخم لقطاع الخدمات قبل ان تجهز صراعات سياسية وعسكرية على ما تبقى.

 

يتقسم النفوذ الأمني والعسكري في المدينة بين فصائل مسلحة موالية للحكومة الشرعية اليمنية وأخرى موالية للإدارة الإماراتية.

 

ومن شأن هذا الصراع ان يتسبب بعرقلة عمل اي محافظ، حتى اليوم لا يزال مبنى المحافظة بيد قوات موالية لمحافظ عدن الأسبق “عيدروس الزبيدي”.

 

عجز المحافظ السابق “عبدالعزيز المفلحي” عن أحداث اي تقارب سياسي بين الأطراف المتصارعة في عدن قبل ان ينتهي به المطاف إلى الاستقالة واتهام حكومة بن دغر بالفساد.

 

يمكن للغريب القادم من صفوف المقاومة والحراك الجنوبي ان يراهن ويستعين بحضوره السياسي هناك في مواجهة اي نشاط سياسي وحكومي سيقوم به.

 

 يملك الغريب حضورا شعبيا وسياسيا كبيرا، فالرجل مقرب وبقوة من كافة قيادات الحراك والمقاومة الجنوبية وتجمع حول نزاهة شخصه الكثير من القوى السياسية اليمنية حتى تلك المختلفة مع الحراك الجنوبي خلال السنوات الماضية من القوى السياسية المختلفة.

 

اوبعيدا عن الصراع السياسي فان عدد من الملفات الهامة التي تنتظر الغريب في حال قبوله منصب محافظ عدن لعل أهمها.

 

 

 

- الملف الأمني وتدهور الأوضاع الأمنية

 

 

 

في الـ 26 من مارس 2014 سقطت جميع أقسام الشرطة المحلية بمدينة عدن تحت ضغط فراغ سلطة مفاجئ بعد خروج الرئيس اليمني عبدربه منصور ومعاونيه من المدينة وتركهم لمئات الآلاف من الناس يواجهون مصيراً صعبا.

 

مع اندلاع الحرب في عدن توقفت كافة أقسام الشرط عن العمل ولا تزال حتى اليوم، نزل الآلاف من المواطنين إلى الشوارع وحملوا الأسلحة ودارت معارك عنيفة طوال أشهر.

 

 ومع انقضاء الحرب تعالت الأصوات في عدن مطالبة بضرورة ضبط الأمن لكن مع انتشار السلاح والجماعات المسلحة يبدو ملف الأمن أكثر الملفات الشائكة التي ستقف في وجه المحافظ الجديد.

 

خلال ظروف الحرب كان “الغريب” وهو مقاتل سابق في صفوف الجيش الجنوبي السابق احد الذين شاركوا لأسابيع في الحرب التي خاضتها المقاومة الجنوبية مدعومة بطيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم.

 

يرى قطاع واسع من الناس في مدينة عدن ان الأوضاع في المدينة لا يمكن لها ان تستقر مالم يتم إعادة عمل أقسام الشرطة وتشكيل قوة أمنية محترفة يمكن لها التصدي لكل الاختلالات الأمنية.

 

الملف الأمني هو احد ابرز التحديات التي تواجه المحافظ خصوصا مع انتشار المئات من المسلحين الذين لا يزالون يجوبون شوارع المدينة رغم انتهاء الحرب.

 

 

 

- ملف الخدمات العامة (الكهرباء أبرزها)

 

 

 

يمثل التعثر الكبير في قطاع الكهرباء بمدينة عدن احد ابرز الملفات التي تواجه الإدارة الجديدة في حال تعيين الغريب محافظا “حيث اعتمدت المدينة خلال السنوات الماضية على الطاقة المشتراة لكن هذه الآلية باتت تواجه الكثير من الإشكاليات.

 

كان حجم النمو الكبير الذي شهدته مدينة عدن خلال السنوات الماضية احد ابرز الإشكاليات التي واجهت قطاع الكهرباء المتعثر.

 

تعمل في مدينة عدن عدد من محطات الكهرباء الصغيرة لكن جميعها لا تكفي لتغطية العاجز الحاصلة بالإضافة إلى انعدام المشتقات النفطية الخاصة بتشغيل محطات توليد الكهرباء.

 

 

 

 

 

- ملف صرف المرتبات لموظفي الحكومة

 

 

 

يعمل الآلاف من موظفي القطاع الحكومي بعدن في مؤسسات حكومية مختلفة بالإضافة إلى وجود آلاف آخرين يعملون في قطاعي الأمن والجيش.

 

ينتظر هؤلاء نهاية كل شهر لأجل استلام المرتبات الخاصة بهم التي تدفعها الحكومة لكن مع اندلاع الحرب قبل أشهر من اليوم بات مصير رواتب الآلاف من الموظفين الحكوميين  في مصير المجهول، اسلتم المئات مرتباتهم لكن كثيرون لا يزالون يجاهدون لأجل استلام المرتبات الخاصة بهم.

 

 يمثل تمكن الحكومة المحلية من صرف مرتبات موظفي الحكومة تحديا إضافيا يضاف إلى الأعباء السابقة، من شأن عدم تسلم الموظفين لمرتباتهم ان يتسبب بعرقلة عمل جميع المؤسسات الحكومية في المدينة.

 

حتى اليوم لم تتعهد أيا من دول التحالف بدفع مرتبات موظفي الحكومة ورغم مرور أشهر على الحرب إلا ان مرتبات موظفي الحكومة تصل عبر البنك المركزي اليمني بعدن بشكل متقطع وشحيح. ينتظر الآلاف من المتقاعدين صباح كل يوم منذ أسابيع أمام مراكز البريد لاستلام مرتباتهم التقاعدية دون جدوى.سيكون من المهم جدا ان تتمكن إدارة الغريب من صرف مرتبات موظفي الحكومة بمدينة عدن لان ذلك بحسب رأي كثيرين سيشكل حالة من الاستقرار في المدينة.