آخر تحديث :السبت-11 مايو 2024-01:51ص

ملفات وتحقيقات


في استطلاع خاص بـ(عدن الغد) .. حبار خليج عدن يدق ناقوس الخطر !!

الإثنين - 25 ديسمبر 2017 - 02:40 م بتوقيت عدن

في استطلاع خاص بـ(عدن الغد) .. حبار خليج عدن يدق ناقوس الخطر !!

استطلاع / رشيدي محمود

الحبار هي حيوانات بحرية تتبع طائفة رأسيات الأرجل من شعبة الرخويات الصغيرة والمتوسطة الحجم، والتي يتم العثور عليها في جميع أنحاء مياه المحيطات بالعالم، والحبار او كما يطلق عليه محلياً باسم (البنجيز) يتشابه مع الأخطبوط لأنهم من نفس الفصيلة...وللحبار أكثر من اسم يعرف به وهي(السيبيا-السبيط-سهم البحر)، أم في مناطق الشريط الساحلي لخليج عدن فيختلف اسمه عند الصيادين المحلين من مناطق إلى أخرى فمنها من يطلق عليه اسم (العزيز) ومنها من يطلق عليه اسم (البنجيز)...أم اسمه العلمي والذي هو بالغة الإنجليزية يطلق على الحبار((Cuttlefish.

 

والحبار ما زال غامضاً في مملكته رغم الأبحاث العلمية المضنية إلا أن سلوكه الاجتماعي الخاص به، وجهازه العصبي معقد للغاية وفريد في تكونيه، وحياة الحبار مرهونة بعملية التزاوج فيما بينه، خاصة وأن للحبار عمر معين...ولهذا فهو يعيش ليتناسل ولكي يضع البيض، وتشير العديد من الدراسات والأبحاث العلمية بأن الحبار يموت بعد وضعه للبيض...وينتمي الحبار إلى فصيلة كبرى من الحيوانات البحرية, والتي يطلق عليها (الرأسقدميات).

 

إذاً ماذا عن تواجد الحبار في خليج عدن وما هي طرق اصطياده ؟.. ومتى يكون الوقت المناسب لاصطياد الحبار؟.. وهل يُعتبر حبار خليج عدن فعلاً من أهم وأجود أنواع الحبار بالعالم؟ .. وماهي الفيتامينات والبروتينات والدهون التي يحتوي عليها الحبار؟.. وهل فعلاً يشهد خليج عدن تراجع مخيف وخطير للحبار، وما الأسباب التي أدت لذلك التراجع الكبير في إنتاجه وجعلت الحبار يدق ناقوس الخطر ؟!!.

 

الإجابة عن تلك الأسئلة وأكثر نتعرف عليه من خلال هذه التقرير الخاصة لصحيفة “عدن الغد” والذي خصص لتعرف عن الحبار أو (البنجيز) في خليج عدن فإلى تفاصيل ذلك التقرير الشيق والهام عن حبار خليج عدن...اصطياد الحبار بالأقفاص

 

ناصر سعيد عوض الشيخ الملقب (جحا) صياد من أبناء منطقة فقم قال عن الحبار: “هل تعرف بأني أول شخص اصطاد بالأقفاص من بين الكثير من الصيادين في منطقة فقم وهذا كان في العام (2000)م، وكنا نصطاد بها الأسماك ومن أهمها (الجحش) إضافة لأنواع قاعية أخرى كثير، ولم نكن نعلم بأنه عبر تلك الأقفاص يمكننا أن نستخدمها في اصطياد الحبار.

 

بعدها تحدث عن الحبار وسرد تفاصيل كثيرة عنها تجعلك تقف ساعات طوال لتفكير عن الحال الذي وصل إليه اليوم، ويخص بالذكر هنا عن انخفاض وتراجع كمية أنتاج الأحبار من موسم إلى آخر.

 

يقول ناصر مواصلاً حديثه .. فكما أشرت إليك من البداية بأني كنت أصطاد الأسماك، لكن بدايتي في اصطياد الحبار كانت في العام (2002)م، وكان عدد الصيادين في منطقة  فقم حينها ممن يصطادوا بطريقة الصيد بالأقفاص والتي نطلق عليه نحن الصيادين مصطلح (السخاوي) لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، وكل شخص كان معه 20 أو 30 قفصا فقط، أم كميات الحبار التي كنا نصطادها في تلك الفترة فكانت تصل في الشهر الواحد إلى قرابة (8 ام 9) طن، وأحياناً نتجاوز (13) طنا في الشهر الواحد من أنتاج الحبار، وهذا كان في العام (2002)م ولغاية العام(2008)م، وكنا نبيع الحبار بسعر (250) ريال للكيلو الواحد، أم اليوم وبعد مرور (15) سنة فقد وصل سعر الكيلو الواحد إلى (1500) ريال يمني، أم الإنتاج اليوم فأننا في الشهر الواحد قد لا يتجاوز الإنتاج فيه (500) كيلو أي نصف طن في الشهر.الصياد ناصر واصل حديثه وهنا ذكر الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع الكبير في إنتاج الحبار حيث قال: يعود السبب في ذلك التراجع المخيف اليوم من إنتاج الحبار في خليج عدن، إلى عدد الصيادين الذين يستخدموا الأقفاص في صيد الحبار والأسماك المختلفة الأخرى، ففي أيامنا هذه هناك أكثر من خمسون صياد في منطقة فقم فقط يصطادون بطريقة الأقفاص، وكل صياد من هؤلاء يمتلك ما يقارب (80 ام 90) قفص، من خلال هذا العدد يمكنك أن تتخيل كيف هو حال البحر في الداخل، خاصة وأنهُ كل ما زاد عدد تلك الأقفاص داخل البحر واستمرار تواجدها في أيام موسم الاصطياد او غير أيام موسم الاصطياد للحبار، وهنا تحولت الأقفاص من مصدر لطلب الرزق  من خلال أستخدمها كطريقة لصيد في البحر، إلى وسيلة وطريقة تخريبه أثرت كثيراً على تواجد وتكاثر الحبار في خليج عدن.وفي ختام حديثة طالب الصياد ناصر الجهات المختصة والمعنية، لإيجاد قانون ويتم تنفيذه على ارض الواقع، بحيث يخدم ذلك القانون الصيادين ويساعدهم في وضع حد من خلال عمل وأجاد وقت معين وزمن محدد يضع فيه الصيادين الأقفاص في البحر، عدا ذلك يجب علينا الامتناع وعدم رمي الأقفاص والاصطياد بها في وقت غير الوقت المسموح باصطياد الحبار.

 

التيارات البحرية غير مستقرة

جلال عبد الله حسن صياد يعمل في صيد الحبار بمنطقة صيرة بدأ جلال حديثه قائلاً: “للأسف الشديد أن بداية هذا الموسم مختلفة تماماً عن بداية كل موسم من مقبل، وحتى هذه اليوم نستطيع القول بأن الحبار ليس له وجود في خليج عدن، خاصة ونحن مقبلين على نهاية أول شهر من الموسم، والذي يبدأ في منتصف شهر نوفمبر من نهاية كل عام، وينتهي الموسم في شهر أبريل من كل عام جديد”.

 

وأضاف جلال “هذه المرة الأولى التي لم نستطع أن نصطاد فيها الحبار وبشكل المطلوب، بعكس ما كان يحصل سابقاً في بداية كل موسم، وهذا ما لمسته من خلال الغياب الواضح للحبار في خليج عدن، فعدم تواجده وظهوره بالكميات المعهود عليها، قد يعود إلى عدم استقرار التيارات البحرية القاعية التي يشهدها خليج عدن في الآونة الأخيرة، فشدة التيار وقوته والتي نشعر بها عند سبحنا للأقفاص، فربما تكون هي السبب في عدم ظهور الحبار حتى الآن، فكما تعلم بأن الحبار معروف عنه بأنه يعيش في بيئة بحرية معتدلة التيارات والحرارة، وعلى الرغم من أن خليج عدن يتميز ببيئة بحرية ملاءمة الا أن في الوقت الراهن تشعر بأن هناك تغيرات مناخية ملموسة تحدث في خليج عدن، ومن بينها البرودة الحاصلة في البحر هناك برد شديد في قاع البحر، وهذه أمر لا يحدث في مثل هذه الأيام من السنة خاصة ونحن لسنا في موسم الأرياح المعروف عنه والذي يحدث في شهر أغسطس ومعه تحصل ظاهرة البردة التي تجعل من قاع البحر شديد البرودة، إما أن يكون قاع البحر شديد البرودة في أيامنا هذه، فتلك ظاهرة يجب علينا التوقف عندها والبحث في أسبابها.

 

البحث عن الحبار وانعدام المشتقات النفطية أرهقا الصيادين

أحمد محمد عوض صياد آخر من منطقة فقم يستعد للدخول إلى البحر خلال اليومين القادمين ليرمي الأقفاص التي يصطاد بها البحار، يقول:” إن هذا الشهر الأول من الموسم وهو قد مر، ودائماً ما يكون في نهاية  كل عام، والآن نحن منتظرون الأشهر الأربعة القادمة من العام الجديد، والتي نأمل معها بأن نصطاد الحبار.

 

أحمد أشار إلينا في كلامه إلى أن الحبار يحتاج من الصياد جهد كبير، وذلك خلال عملية صيده، فنحن ندخل البحر في ساعات الصباح الأولى ولا نعود إلى منازلنا إلا عند الساعة الرابعة او الخامسة مساءً، وخلال هذه الفترة التي نظل فيها بالبحر نقوم باستخراج الأقفاص من قاع البحر وتفريغ ما فيها من حبار وأسماك، وفي حال طلعت الأقفاص فارغة فمعنى هذا أن المكان غير مناسب فتطر لتغيير الموقع، وأمر كهذا يحتاج منك الدخول إلى أعماق ابعد حيث تتواجد الحبار فيه بمثل هذه الأيام، وفي حال قمت بتغيير الموقع فأنك تحتاج إلى ما يقارب (150) لتر من مادة البترول.

 

 فانعدام المشتقات النفطية اجبر العديد من الصيادين لتوقف عن الدخول وطلب الرزق في البحر، وليس من يصطاد الحبار فقط بل حتى ممن يصطادوا الأسماك بالشبكة، فارجوا بأن يكون هناك حل سريع وجدري لمشكلة انعدام المشتقات النفطية فنحن اليوم مجبرون لشراء البترول من السوق السوداء حيث يصل سعر الـ(20) لتر إلى (8000) ريال.

 

خليج عدن ببيئة بحرية ملائمة تساعد على تواجد الحبار

وخلال تقريرنا هذا كان لنا لقاء مع الشخصية المعروف الأستاذ أحمد رشيدي عوض، رئيس جمعيتي صيادي خليج عدن، وفرع الاتحاد التعاوني العام في عدن ومستشار وزير الثروة السمكية الذي قال: “يعتبر الحبار أحد أهم أنواع الحيوانات البحر التي يعتمد عليها كمصدر رزق، فهو يوفر لصيادين الدخل اليومي خاصة وأنها تتواجد في أغلب أشهر السنة، ويمثل الحبار أيضاً مصدر دخل قومي، فهو من الأنواع المرغوبة والمطلوبة دولياً، حيث يتم تصدير الآلاف الأطنان منه سنوياً إلى دول شرق آسيا و وأوربا، وقد ساعدت البيئة البحرية في خليج عدن على تواجد الحبار بشكل مستمر خاصة المناطق الشرقية من الخليج، والتي يتواجد فيها الحبار بكميات كثيرة.

 

إذ كانت الدولة في الماضي هي من تقوم باصطياد الحبار وعملية تصديره وذلك من خلال أسطول سفن اصطياد خاصة بالقطاع السمكي ، ويتبع مؤسسة الاصطياد الساحلي، حيث يقوموا بالاصطياد بشكل قانوني ومنظم، وبعد العام (1990) شهدت عملية اصطياد الحبار غياب واضح عن العمل المنتظم والقانوني واتسعت رقعت ذلك العمل غير المنتظم بعد أحداث حرب صيف (1994)، فتلك الأحداث جلبت الخراب والدمار ليس للبحر فقط بل حتى للقطاع السمكي العام والذي دمر بشكل مُمنهج، لتأتي بعد ذلك السفن التجارية الخاصة ومع قدومها لم ير البحر في خليج عدن النور ولا الخير والعافية، فتلك السفن كانت تعمل بشكل غير قانوني وبطريقة هستيرية وتخريبية ولم تحترم حتى المسافات المخول لها الاصطياد فيها او أكانت تصطاد في أيام الموسم ام لا، وفي ظل غياب دور الرقابة والمحاسبة فقد قامت تلك السفن باستنزاف الثروة السمكية بطريقة اصطياد جنونية وهستيرية خربت معها الشعاب المرجانية الخاصة بمواطن السماك في خليج عدن.

 

وما زاد الطين بلة في خليج عدن هو ظهور تلك الأقفاص التي صار يتبعها الصياد في عملية صيد الحبار لتتحول واحدة من طرق الصيد التقليدية لصيادين، إلا أن هذه الطريقة قد جلبت المضرة مقابل منفعتها، إذ يقوم الحبار بوضع البيض على جنبات تلك الأقفاص، وبما أن الحبار من الكائنات البحرية التي تبيض بشكل مستمر وليس له وقت محدد لوضع بيضه فإنها تجد تلك الأقفاص في قاع البحر فتقوم بوضع بيضها عليها قبل الدخول إليها، وعندما يقوم الصياد بسحبها إلى القارب فإن ذلك البيض يقع في القارب، وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي يبذله الصيادون للحد من التلف الذي يتعرض له بيض الحبار خلال عملية الصيد، فيقوموا أما بوضع شجر داخل القفص او شيء من شبكه الصيد التالفة، حتى إذا تضع الحبار البيض عليها يقوم الصياد برميها في البحر، غير أن هناك من البيض الذي يكون عالق في الأقفاص يقع داخل القارب ويموت.

 

وفي حال وجد قانون للحد من عملية الصيد تلك وليس إيقافها بشكل نهائي، ومع أن القانون أصلاً موجود لكن وجودة هو حبر على الورق، أما على أرض الواقع  فهو غير مجود، وإذا حاولت وعملت على تنفيذه فأنك في ذلك قد يساعد إلى عودة الحبار لسابق عدها في خليج عدن، خاصة وإنه لم يعد لسفن التجارية أي تواجد في خليج عدن بالوقت الراهن، غير أن هذا القانون ربما قد تعود نتائجه عكسية على الصيادين الذين سوف يجدون أنفسهم وقد فقدوا مصدر رزقهم وقوت يومهم فهؤلاء الصيادين لا يصطادون إلا بطريقة الأقفاص تلك، فإذا أردنا تنفيذ القانون فانه علينا أولا أن ننظر كيف يمكننا أن نعوض الصيادين الذين سوف يحرموا من الدخول إلى البحر وطلب الرزق بهذا الطريقة، وهي طريقة صيد الحبار بالأقفاص.

 

الحبار مصدر غذائي مهم لا يمكن الاستغناء عنه

يتميز الحبار عن غيره من الحيوانات والأسماك البحرية بتركيبة غذائية غاية في الأهمية، حيث يوجد العديد من الفيتامينات التي يحتاجها جسم الإنسان بشكل شبه يوم وضروري، ومن تلك الفيتامينات...فيتامين(أ - ج) وفيتامين (ب1- ب2 – ب3 – ب6 – ب12)...اما المعادن فيها (البوتاسيوم  و الحديد و المغنسيوم) كما توجد نسبة من (الكالسيوم والصوديوم)...

 

وهناك أيضاً العديد من الدهون والزيوت التي يحتوي عليها الحبار وهي...زيوت (الأوميجا3) والتي تكون مهمة لرفع معدلات الأحماض الدهنية في جسم الإنسان، كما تدخل كل تلك العناصر الغذائية في نظام جسم الإنسان، فتقوم بتعزيز المناعة وتقوية العضلات بالإضافة إلى فائدة الحبار في عملية الإنجاب والضعف الجنسي.