آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-10:07ص

أدب وثقافة


الانفجار(قصة قصيرة)

الجمعة - 22 ديسمبر 2017 - 06:09 م بتوقيت عدن

الانفجار(قصة قصيرة)

كتب/عصام عبدالله مسعد مريسي

في وسط الحشد والناس في قلب السوق التجاري بين داخلا ومغادر تترك الأم طفلتها بنت السادسة وطفلها الاكبر أبن عشر سنين حتى تدخل مسرعةً لشراء حاجتها من السوق سريعاً حتى تغادر عائدةً إلى منزلها لتعد وجبة الغذاء بعد أن عادت من عملها وفي طريق عودتها اصطحبت طفليها من مدرستهم ، لم تقلب البضاعة بل كانت في عجلة من أمرها وهي في طريق خروجها من السوق يسمع ذوي انفجار هائل هزَّ الافئدة قبل الاسماع حتى وقعت الأم مغشياً عليها لبرهةً من الزمن ثم انتبهت من غفلتها  نهضت متجهه نحو بوابة السوق في خطوات متسارعة  ودقات قلبها تكاد تمزق صدرها قلقاً وخوفاً وما أن وصلت إلى خارج السوق وعيناها  تنطلق في كل الاتجاهات  تبحث عن طفليها ، والمكان من حولها قد ازدحم بالناس بين جريح وقتيل وهي مازالت تبحث في المكان ولا تسمع إلا منجاة طفليها وهي تعد لهم طعام الغذاء:

أمي أسرعي بتحضير الطعام ، سنموت من الجوع

بكلماتها الدافئة تداعب بطونهم الجائعة حتى تساعدهم في انتظارهم  وتشغلهم حتى يجهز الطعام قائلةً لهم :

انظرا إلى السمك كيف يسبح في وسط الإدام يحاول أن يلتهم الخضار، ولن يبقي لنا شيء

فترتفع قهقهة الطفلين وعيناهما تراقبان السمك المطهي في وسط الادام

تقف في وسط الحشد وهي تنادي طفليها بأعلى صوتها ومازالت عيناها تفحص كل شيء تقع عليه وهي لا ترى إلا الدماء والاشلاء وحطام السيارات  فتقع عينيها على حطام سيارتها وأشلاء أجساد طفليها بين الاشلاء المختلطة فيصيبها الهلع والخوف فتلقي بنفسها بين الضحايا  تبحث عن صغيريها اللذين أضاعتهما في زحام الانفجار غير مصدقة بأنها لن تراهما مرةً أخرى وقد احتفظت ببقايا ملابسهما وبعض الاشياء الخاصة بهما ، ثم تنهض تجول في مكان الانفجار تسأل الحاضرين عن طفليها :

مَن شاهد طفلي ولد وبنت

وهي مازالت تجول في مكان الانفجار تنادي بأسماء صغيريها ، ويحاول الحاضرون تهدئتها حتى ترضى بما نزل بها من مصاب:

تماسكي ..  حاولي أن تهدئي

وهي ماتزال تصول وتجول في المكان الذي كان وقوفها فيه اعتراضي لحاجة ولم تكن تعلم أنّ وقوفها سيكلفها كل حياتها ، مازالت الأم المكلومة تجول المكان ذهاباّ وإياباً لعل مَن يعيد إليها صغيريها:

مَن شاهد صغيرين .. إنهم ابنائي .. ولد وبنت كانا فوق سيارتي ينتظران عودتي

تصل سيارة الاسعاف ، يقوم المسعفون بحمل الجرحى ويشترك الحاضرون في الاسعاف يقومون بجمع الاشلاء المتناثرة هنا وهناك في اكياس الاسعاف والأم المكلومة مازالت واقفة في ذهول يحاول المسعفون الصعود بها إلى سيارة الاسعاف وهي تحاول التشبث للبقاء ، تدفع إلى سيارة الاسعاف وهي مازالت في صمتها تنظر إلى مكان الانفجار ، تغادر السيارة المسعفة والأم المصابة تحدق النظر من خلف زجاج السيارة حتى توارى المكان لكن لحظة الدوي مازالت تصعق سمعها ومن حولها بعض الضحايا وأكياس الاشلاء فتلمح من بينهم دمية صغيرتها فتجهش بالبكاء والعويل ويكسر صراخها المدوي كل جدران الصمت