آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-06:31م

أدب وثقافة


قصة قصيرة : ابتسامة في وجه الخريف

الأربعاء - 20 ديسمبر 2017 - 06:53 م بتوقيت عدن

قصة قصيرة : ابتسامة في وجه الخريف
صورة تعبيرية

عدن (عدن الغد)خاص:

 

بقلم : عصام عبدالله مسعد مريسي

 

كاد الربيع أن ينقضي وأوشكت أزهاره أن تذبل ويجف ماء الحياة وأوشك الخريف أن يطل برأسه  معلناً النهاية أو قربها لكن أطل من قريب مَن يسقي الازهار التي كادت أن تجف وتموت ، مضى من عمرها اربعون ونيف متوسطة الجمال لم تكن يوماً مثار إعجاب أحد ولم يبدي أحدٌ اهتمامه بها ولم تكن تبالي بمظهرها بل انشغلت وتشاغلت بتربية إخوتها الصغار ولكن عصافيرها التي انشغلت بتربيتهم غادروا العش ليبنوا لهم أعشاش جديدة بعيداً عنها وفي عجلة الحياة تناسوا زيارتها إلا في بعض المناسبات ، وهي من خلف مكتبها في البنك التي تعمل فيه يقف الأربعيني ينظر اليها بعينين فاحصة وكأنه وجد ضالته التي ينشدها يأتي المعاملون ويذهبون وهو مازال واقفاً بعينيه الفاحصة ، تبادره السؤال قائلة: تفضل يا استاذ ، هل من خدمة؟

سريعاً ينتبه إلى ندائها ويجيب قائلا: نعم أريد سحب مبلغ من رصيدي

تسأله عن وثائقه حتى تنجز له طلبه، وهو مازال واقفاً يتفحص ملامح وجهها الاسمر، تنهي المعاملة وتقدم الخدمة التي طلبها قائلةً له:

تفضل هذا ما طلبت

يستلم النقود الذي طلب وهو ما زال يحدق النظر ، فتعاود تسأله :

أيُّ خدمة يا استاذ

يبادر بالاعتذار قائلاً لها: عفواً سيدتي .. هل لي أن أسالك سؤال

تجيب بكل عفوية : تفضل

من غير مقدمات يباشر الموضوع الذي يريد وقد اكتمل قراره في الاختيار

هل أنتِ متزوجة أو مرتبطة

اسئلة غير محتملة ولم تسأل مثلها قط أيقظ احاسيس قد دفنت إنها احاسيس الانوثة، تجيب دون تردد:

لا .. لا

تنطلق من بين شفتيه ابتسامة عريضة تنم عن بهجته بما سمع يلقي اليها بطلبه:أ تقبلين الزواج بي .

حاولت اخفاء فرحتها بما سمعت لكن عينيها كشفت ما اخفت، اتكأت على كرسيها وأخذت الاحلام ترتسم أمام عينيها في صحوتها بكل الوان الطيف، ولا تعاود إلى يقظتها إلا على سؤاله :

هل أنتِ موافقه ؟ اذا كنت موافقه سأنتظرك خارجاً على سيارتي حتى نتم زواجنا في الحال

غادر المفتون الاربعيني وهي مازالت الاحلام تداعب عواطفها البائسة ولا تصحو إلا على رنين الهاتف تحزم حقيبتها وهي تراقب بعينيها مكاتب الزملاء ثم تنسحب مغادرة مكتبها خلسةً  لتلحق بالطيف الذي اعاد اليها انوثتها.