آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-05:11ص

حوارات


حيدر أبو بكر العطاس : الحرب وسيلة لتقريب الأطراف.. والكونفيدرالية هى الحل

الإثنين - 18 ديسمبر 2017 - 01:23 ص بتوقيت عدن

حيدر أبو بكر العطاس : الحرب وسيلة لتقريب الأطراف.. والكونفيدرالية هى الحل

الاهرام

يواصل أبو بكر حيدر العطاس، رئيس الوزراء اليمنى السابق، والسياسى الجنوبى حواره لـ “الأهرام العربي” والذى أجراه مع أسرة تحرير المجلة قبل أيام من مقتل على عبد الله صالح، ليسرد لنا العطاس وقائع تنشر لأول مرة، حيث أتهمهم صدام حسين الرئيس العراقى الراحل «بالكفر» عندما طالبوه بالخروج من الكويت عند الغزو عام 1990، مشيرا إلى أن سير الأحداث، يوضح أن على عبد الله صالح كان على علم بعزم صدام غزو الكويت، وأن صالح كان حليفا قويا لصدام حسين، حيث كانت هناك علاقة قوية بينهما، بسبب أن والد صالح كان أستاذ صدام.
 
< هل سيطرت إيران الآن على اليمن أو فى طريقها للسيطرة عليها؟
 
لا، ولكن السيطرة تمت من رموزها ممثلة فى الحوثيين والزيديين، فإذا لم تتم هذه الحرب ولم تتدخل دول الإقليم، لكان الحوثيون وعلى عبد الله صالح سيطروا على اليمن كله، لأن القوة العسكرية معهم، فكان من الممكن أن يسيطروا على اليمن خلال أيام لولا تدخل القوى العربية، فقد عزز هذا التدخل من دور القوى الوطنية إلى أن انتصروا على الحوثيين فى الجنوب.
 
< هناك جزء غير مفهوم فى المعادلة اليمنية، وهو أن الزيديين وهم محسوبون على الشيعة فى نفس الوقت، هناك توافق بينهم وبين الشيخ عبد الله الأحمر المحسوب على الإخوان، فكيف يتم التوافق بين الزيود والإصلاح؟
 
أعتقد أن الأحزاب الدينية لم تتغير، والكل يسعى للسيطرة على الأغلبية، والمشكلة أن الخلافات بين المملكة واليمن لم تنته، ومن الأمثلة على ذلك فى أعقاب الوحدة كنت رئيساً للوزراء، وفوجئت عندما كنا نعد ميزانية موحدة وجدت وزير المالية يقدم لى ميزانية ضخمة لغرفة عمليات، وعندما سألته قال لى إنها بتمويل من الرئيس العراقى صدام حسين، فذهبت لعلى عبد الله صالح لأسأله عن تلك الغرفة، فدعانى لزيارتها فى البداية، وكانت المرحلة الأولى منها عبارة عن ثلاثة طوابق تحت الأرض، فقلت له كنا نتقاتل سابقا الشمال والجنوب، ولكن الآن توحدنا.. فلمن تبنى هذه الغرفة؟ فقال لى “للجماعة”، فأنا لم أنس ثأرى معهم، وكان يقصد بذلك المملكة العربية السعودية، واتخذنا إجراءات بعد ذلك لإيقاف بنائها.
 
< هل ترى أن تدخل القوى الإقليمية كان صحيحاً‪؟
 
تدخل القوى الإقليمية هو أمر إيجابي، لأنه يؤدى إلى إعادة ترتيب الوضع بشكل أفضل، فعاصفة الحزم كانت خطوة صحيحة، لأن المشاكل كانت ستستمر فى اليمن، والوضع فى اليمن إذا لم تحل فيه المشاكل سينتج وضعا أخطر فى المستقبل.
 
< دائما ما يكون الحل العسكرى جزءا من الحل وليس نهاية المطاف، والحل لابد أن يكون سياسياً، فكيف يتم الحل السياسى بعد عاصفة الحزم؟
 
الحرب هى وسيلة لتقريب الناس إلى الحل، فنهاية المطاف لا بد أن يكون هو الحوار الوطنى لترتيب الأوضاع بشكل كامل، وللأسف حتى الآن القوى المتمردة ما زالت ترفض الحل، وترى أنها فى موقف قوة ولا يقبلون بالحلول المطروحة، ومن ناحية أخرى فالتحالف أو الشرعية لم يستطيعوا أن يفرضوا قدراً معيناً من النصر، وإذا لم تحرز هذه القوى نصراً مؤثراً فلن يكون هناك حوار سياسي.
 
< وما النصر المؤثر من وجهة نظرك؟
 
من وجهة نظرى النصر الذى يجب أن تحققه قوى التحالف هو إسقاط تعز والحديدة ومأرب والبيضاء، ولكن الحوثيين الآن يسعون إلى إيقاف ضربات الطيران، وإذا نجحوا فى ذلك سيحتلون جميع المناطق بسبب كثافتهم البشرية.
 
< البعض اتهم الرئيس منصور بأنه ضعيف الشخصية.. وأن هذا الضعف هو الذى أدى إلى الصراع الدائم فى اليمن، فما رأيك؟
 
بعض القوى تحاول التأثير فى قرار الرئيس عبد ربه منصور هادى وإرباكه، ومن هذه القوى قوى الإصلاح بزعامة “الأحمر” وبعض الفاسدين، بينما لو تحرر من قوى الفساد سيكون هناك حسم سريع للموقف.
 
< لكن أنت مستشاره السياسى، ومن المؤكد أن لك رأيا فيما يحدث؟
 
أنا مستشار عام للرئيس وقدمت الكثير من المقترحات للرئيس، ولكن المحيطين بالرئيس كانت لهم آراء أخرى، مثلاً كان من المقترحات ألا تذهب قوى التحالف إلى صنعاء وأن يبدأوا بتحرير تعز والحديدة، وكان هذا المقترح فى وقت مبكر فى عام 2015.
 
< ما رأيك فى الموقفين القطرى والسودانى من الوضع فى اليمن؟ فالسودان أعلنت فى البداية أنهم مع الشرعية وأرسلوا خمسة آلاف جندى ثم سحبوا قواتهم بعد ذلك؟
 
قطر فى الحقيقة لها خلافات قديمة مع دول الإقليم، ولم أستغرب موقف قطر مؤخراً، فأنا أعلم الوضع الحالى، حيث دخلت قطر فى شبكة أكبر منها، ويبدو أنها تدار من نفس المركز الدولى الذى يستهدف المنطقة العربية، وأخذ من قطر أحد أدواته، فقطر صغيرة وأخذت أكبر من حجمها، وللأسف هى تلعب دورا سلبيا، ولكن نأمل أن الأشقاء فى قطر يرجعون لإقليمهم بعد أن عادوا مصر كثيراً وكذلك السعودية ودول الخليج، لكن بكل أسف لهم أجندة ودور مرسوم لهم، أما بالنسبة للسودان، فليس لدى معلومات كافية للحكم على الموقف السوداني.
 
< تحدثت كثيراً عن الرئيس الأسبق صدام حسين، فما دوره فى المسألة؟
 
صدام له علاقة قديمة مع والد على عبد الله صالح، وكان صدام تلميذاً لوالد صالح، ومول صدام لصالح عمليات كثيرة ضد الجنوب، فصدام عندما فكر فى غزو الكويت كان قد حسب للمنطقة كلها، وجزء من النقاط عنده كان جنوب اليمن، الذى كان فى خلاف مع العراق، فكانوا يعتبروننا شيوعيين، لكننا لم نكن شيوعيين، فصدام كان يتعاون مع على عبد الله صالح، وأعتقد عندما فكر فى الوحدة أشار عليه بالوحدة للإمساك بالجنوب، وفعلاً هذا الذى اكتشفناه بعد الوحدة، فقد قابل الرئيس السابق على البيض، صدام حسين بعد الحرب، وقابلته أنا أيضاً مع بعض الشخصيات اليمنية بعد غزو العراق للكويت، وجلسنا معه نحو ساعتين لنتناقش معه حتى ينسحب من الكويت، أو على الأقل يعلن عن عزمه الانسحاب حتى نرتب وننسق مع القوى الأخرى – الأمريكية والفرنسية وغيرهما – عن كيفية الانسحاب الآمن للقوى العراقية من الكويت، لأن الكويت لا يستحق هذا، فكان رده “هذا كفر”، وفى نفس التوقيت ونحن جالسون معه جاءته برقية من وزير الخارجية الفرنسى تحمل نفس المضمون، فقال “أنتم نسقتم مع الفرنسيين”، فقلنا له نحن نسقنا مع كل القوى التى تريد أن تجنبك الشر والخطورة التى يمكن أن تقع فيها، وبالفعل حاول الجانب الفرنسى إقناعه بالإعلان عن الانسحاب، وبعدها يزور وفد فرنسى لترتيب الأوضاع، لكن صدام حسين رفض كل هذه المقترحات رفضاً قاطعاً، وقال “نحن وأمريكا على قمة الهرم، سنرى من يتدحرج أولاً”، وبعدما قال ذلك أشرت لمن معى للعودة إلى اليمن لأنه أصبح مغروراً لدرجة كبيرة.
 
وبعدما خرجنا اصطحبنا طارق عزيز ومعه مجموعة أخرى، وكلموا الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، وقالوا له إننى أول من تحدثت بشكل صريح مع صدام، وطلبوا منه أن ينسق معى لمحاولة الضغط عليه للانسحاب من الكويت، وعندما كلمنى الرئيس عرفات، قلت له ليس عندى ذرة أمل أن يتراجع صدام، واستأذنت بالسفر، وعندما نزلت للأردن للتزود بالوقود قابلت الملك حسين ملك الأردن وولى عهده آنذاك الأمير الحسن، وأيضاً كان عندهم أمل أن أؤثر فى صدام، ولكن قلت لهم الرجل لا يسمع لأحد، فقال الملك حسين: الآن سيحدث الزلزال.
 
أيضاً عندما سافرت من صنعاء السفير الأمريكى عندما علم بسفرى للعراق، واتصل بعلى عبد الله صالح، وكان غاضبا من سفري، وكان عندهم تخوف من أن أؤثر على صدام حسين وأن يغير موقفه، وعندما عدت إلى صنعاء ووصلت إلى منزلى، تلقينا اتصالا من نيويورك يخبرنا ببدء ضرب بغداد.
 
< هل كان على عبد الله صالح لديه علم مسبق بالغزو العراقى للكويت؟
نعم كان هذا واضحاً من سياق الأحداث.
 
< بصراحة.. هل ترغب الآن فى دولة منفصلة للجنوب ؟
 
أتصور أن اليمن لن تستقر إلا بالاعتماد على الحدود الدولية المثبتة بين الشمال والجنوب، والعودة إلى دولة الجنوب، وهذا هو الحل الضامن للجنوب، وإيجاد صيغة من الشراكة بين الشمال والجنوب، وأقترح أن تكون “كونفيدرالية” تستهدف انسياب المصالح الاقتصادية والأمن والاستقرار للشعب فى الشمال والجنوب، وكذلك التنمية فى الجانبين، لكن مع احتفاظ كل جانب بشخصيته الاعتبارية، فالدمج سيسبب مشكلات كبيرة جداً، فلا يوجد تناسب بين الكثافة السكانية للجانبين وأيضاً هناك اختلاف فى العادات والتقاليد.
 
< هل توافق السعودية على سبيل المثال على مثل هذا المقترح؟
 
أعتقد أن هذا هو الاتجاه الدولى العام، فالمقترح الذى تقدمنا به فى القاهرة عام 2011، يقضى بأن تكون كونفيدرالية مكونة من إقليمين، يليه استفتاء ثم نفكر فى صيغة تسمح بانسياب المصالح بين الشعب فى الشمال والشعب فى الجنوب.
 
< وماذا عن مشروع الزبيدي، إذ يرى البعض أنه يحيى فكرة الحراك الجنوبى وإنشاء دولة جنوبية من طرف واحد؟
 
الجنوبيون لم يعلنوا دولة من طرف واحد أبداً، وإنما سيكون ذلك من خلال الحوار، لكن الأشقاء يجب أن يفهموا الوضع من أجل المستقبل، وأنا لم أضغط على أى طرف بأى صورة من الصور، وكنت العام الماضى فى زيارة لأمريكا وللأمم المتحدة، والهدف أن الجنوب يحتاج إلى قيادة جنوبية، فمجال العبث موجود من قبل دول كثيرة، وبالنسبة لما أعلنه الأخ الزبيدى، فنحن مع تكوين المجلس، لكن الصيغة التى تمت بها فيها بعض الخلل، ونحن نحاول أن نراجع ذلك الخلل، وطرحنا أربعة أهداف لأى قيادة يمنية فى الجنوب؛ وهى تعزيز الوحدة الجنوبية بين القوى ومنع الاختراقات، أيضاً استعادة المؤسسات بأن تكون جنوبية خالصة، أيضاً ندعم المقاومة فى الشمال والإمساك بملف القضية الجنوبية للحوار السياسي.
 
< لو طلب منك أن تصبح رئيساً مرة ثانية لجنوب اليمن، فما مدى استعدادك لذلك؟
 
نريد أولاً أن يكون هناك اتفاق من القوى، وأنا ليس لدى مانع لأن أقدم يد العون لحل القضية، لكن الجنوب عنده قضية حقيقية وهى توغل الإخوة فى الشمال فى كل الأنحاء حتى القرى والمناطق النائية، كما أن نظام على عبد الله صالح جند الكثير من المواطنين والموظفين للأمن على غرار ما كان يقوم به النظام العراقي.
 
< بالعودة إلى خريطة الطريق بعد عاصفة الحزم.. هل ترى إمكانية الحل فى ظل وجود القوى الإقليمية؟
 
القوى الإقليمية يجب أن تكون عاملا مساعدا لحل الأزمة بالإضافة إلى المجتمع الدولي، ولكن يجب أن يكون هناك حوار مسئول وعقلانى، وأن يخاطب القضايا كما هى لا من حولها.
 
< كانت هناك خطة لكيرى تقضى بأن تعطى الصلاحيات لنائب الرئيس وأن يكون منصب الرئيس شرفياً لحين إجراء انتخابات برلمانية وتشريعية وتوافقت عليها السعودية والإمارات.. فهل ترى أن هذا الحل لا يزال مطروحاً؟
 
أعتقد أن هذا الطرح سقط، ولكن النقطة الرئيسية أنه لابد تحقيق نصر مؤثر يدفع الانقلابيين إلى طاولة الحوار.
 
< البعض يرى أن الحرب فى اليمن لم تتوقف فى الماضى حتى تتوقف الآن.. ما رأيك فى ذلك؟
 
أنا مع هذا الاتجاه، فاليمن وأقصد به الجمهورية العربية اليمنية، فهذه لم تتوقف فيها الحرب، أما الجنوب فقد توقفت فيها الحرب منذ وقت طويل، فكانت هناك مشاكل سياسية بين فرقاء ولكن لم تكن حرباً، أما فى الشمال فالحروب قبلية وعبثية، وعندما كنت رئيساً للوزراء جاءنى شيخ من شيوخ القبائل فى الشمال، بعدما ذهب إلى على عبد الله صالح وطلب منه سلاحاً لأنه يقاتل شيخاً آخر من الشمال، وأخبرنى أن معه تعليمات من صالح بالحصول على السلاح من أحد مستودعات السلاح، وعندما وصلت للمستودع فوجئت أن الشيخ الآخر وصل أيضا ومعه أيضا تعليمات من صالح بالحصول على السلاح من نفس المستودع!!، فقلت لهم إن صالح يعبث بكم.
 
< بالنسبة للحالة الحوثية.. البعض يرى أنه بمثابة نموذج لحزب الله على الحدود السعودية وهى الإشكالية الأكبر.. فكيف ترى حل هذه الأزمة؟
 
لا بد أن يعود الحوثيون إلى حزب سياسي، ولكن إذا استمروا كقوة فإن هذا يشكل خطورة على اليمن قبل السعودية، فلابد أن يكون السلاح بيد السلطة، أما إذا استمر بيد الميليشيات فلن يستتب الأمر مطلقاً.
 
< لم نسمع عن دور للكويت أو سلطنة عمان فى الأزمة اليمنية.. فكيف ترى ذلك؟
 
أنا أرى أن التنوع أمر جيد، فكل دولة من دول التعاون الخليجى له وجهة نظره ورأيه فى القضية اليمنية، وأرى أن هذا موقف إيجابي، حتى فى أزمة قطر، فالكويت توسطت فى حل الأزمة، فهذا التنوع أمر إيجابي، لكن اليمن يجب أن يحسم فيه هذا الوضع وأن يكون السلاح فى يد السلطة فقط إذا أريد لليمن أن يستقر وأن يكون على طريق البناء.