آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

ملفات وتحقيقات


في بيتنا (مطلقة)

الجمعة - 20 أكتوبر 2017 - 10:27 م بتوقيت عدن

في بيتنا (مطلقة)

كتب / عوض محمد عوض

التقيته بعد الخروج من الجامع عقب صلاة الجمعة، نظرت اليه بابتسامة عريضة وسط زحمة الخروج.

لم يلتفت نحوي و ظل وجهه متكدراً بل عابساً تماماً على غير العادة.
كان هناك عدد من الاشخاص يفصلون بيني و بينه. سبقنا بالخروج و حاولت جاهداً المزاحمة لأخرج و الحقه.
لم تكن عادته ان يعبس بوجهه امام اي شخص منذ تعرفت عليه قبل سنوات داخل مدينتنا الصغيرة خور مكسر عدن.
همست له : كيف الحال يا ابا علي؟
كررتها مرتين و لكن الرجل لم يأبه لسؤالي ( هكذا شعرت)، فمددت يدي إلى كتفه.
اهتز جسده برعشه قوية و كأنه فوجئ بسيارة قادمة نحوه او شخصاً ما ايقظه بعنف من نومِ عميق.
لم ينبس بكلمة بل نظر اليّ محدقاً بعينيه و قد كستهما دموعاً خفيفة ثم احتضني بعنف قائلاً : كنت افكر بالاتصال بك بعد تناول الغداء. 
مازحته قائلاً : بالعربي لا تريد ان تعزمنا على الغداء؟
لم يجب بل قبض على يدي و اخرج تنهيدة لم اسمعها قط منه.
كنا اثنان يتحدثان وجهاً لوجه لكن بكلام غير متجانس، احدثه بشيء و يتكلم هو بشيء اخر.
هززته بقوة : ابو علي خير؟ لست كعادتك.
رسم ابتسامة وعض على شفتيه و تمتم : الحمدلله الحمدلله. فتساقطت ادمعه على خده وحاول ان يشيح بوجهه بعيداً ماسحاً وجهه بكشيدته البيضاء.
هززته عدة مرات واستحلفته ان يفضفض كون التعبيس ليس من شيمه، نظر نحوي مليئاً ثم قال : لقد حصل ما خشيت منه.
ثم تمتم بصوت هامس: لقد عادت ابنتي الى منزلي مطلقة، إنها مطلّقة يا ابا محمد، و المنزل فيه الان سبع فتيات اكبرهن مطلقة والثانية معقودة و الخمس قاعدات حول امهن.
ارتعشت يدي اليمنى الملقاة على كتفهِ بقوة لا ارادياً فمد يده ليربت على يدي.
صديقي حسن الملقب بابي علي لديه سبع بنات فقط و تعب وكد في تعليمهن، ثلاث اكملن الجامعة و اربع لازلن يدرسن و لا يوجد من يعيل المنزل غيره.
اتذكر فرحته قبل عام و نيف عندما اتصل بي ليخبرنا ان فلان ابن احد اصدقاؤه القدامى تقدما بطلب الزواج من ابنته الكبرى.
بعد الزواج بدأت المشاكل فالزوج الدي كان فاتحاً لمحل جوالات، اصبح مدمناً على القات و السيجارة.
احضر عاملاً يساعده و كان كثير السهر دائم النوم نهاراً فانهارت تجارته، رويدا رويداً بسبب الصرفيات و عدم الاهتمام بالمحل.
تبدل حال الزوج و اصبح عنيفاً في معاملته مع زوجته و رضيعهما، مقصراً بواجباته نحوهما. بل وكان متذمرا بان زوجته عاله عليه و ليست موظفة.
تدخلنا عدة مرات لإصلاح ذات البين، والد الزوج بدأ مؤخرا الابتعاد عن الاسرة الصغيرة، ممتعضاً من تصرفات ولده تارة و متحججاً بان الزوجة الجامعية عليها ايجاد عمل او التأقلم مع وضع زوجها تارة اخرى.
اشتدت الامور لتصل إلى ( ابغض الحلال) و تغادر الأبنة المنزل نحو بيت والدها.
حاولت ان اخفف على صديقي بكلمات لكن كان لسان حاله قائلاً: انها مطلقة بين سبع فتيات وهي اكبرهن ومجتمعنا لا يرحم الفتاة فكيف بالمطلقة.
قلت له: من الخطأ ان ننظر إلى المطلقة بانها فاشلة، فقد تكون هي ضحية زواج من شاب فاشل وفاسد.
ابتسم و كأن كلماتي اتت على الجرح تماماً.
قبض على يدي بقوة و قال تعال معي نتغداء على الموجود ( الحاصل) .
احتضنته و قلت له بل انت تأتي معي.
دهب كلاً منا إلى منزله و بقيت صورة صديق ماثلة امامي و كيف تكون حال اسرته.
نعم ليس كل مطلقة فاشله و مخطئة، فقد تكون هي ضحية زواج من شخص فاشل و دنئ.
اخطبوا لبناتكم قبل ان تخطبوا لأولادكم.