آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-08:59ص

أدب وثقافة


رياح ثم مطر ( قصة قصيرة )

الأربعاء - 18 أكتوبر 2017 - 06:41 م بتوقيت عدن

رياح ثم مطر ( قصة قصيرة )

(عدن الغد) خاص :

كتب / أحمد باحمادي

مع إشراقة كل صبح، نصحو لنرتشف سموم حياة بالية، نقتات مع إشراقة كل شمس على حمأة الهم ووحل الانزياح، لا نعلم متى يأخذنا الأمل إلى حضنه الرؤوم، ليطبطب على آلامنا، يداوي جراحنا ويمتصّ آهاتنا الحرى، وفي دهاليز الحيرة المظلمة نسير ونسير، تتعثر خطانا تتبعثر، تتلاشى ثم تضيع .

 

أترعت حيواتنا قهراً وضياعاً، بكينا على أطلال البؤس، فما رثى لنا من أحد، بعدها بكينا على أطلال ذكرياتنا الخادعة ، تذكرنا زمن التيه وقد لفنا ضباب العاطفة، كم تغنينا بالغد المأمول، بعذابات عشقه الجميل، صبرنا على الأذى كي نرى غداً بإشراقاته لكنّ الغد لم يأتِ، حجبت أشعةَ شمسه غيومُ الأنانية، رفرفت خفافيش الظلام، وسمعت نعيباً لبومة قاتمة  .

 

انحدَرت أطلال نفسي وباتت مهجورة ، وعلى طريق الهلاك تهاوت، سقطتُ في حمأة اليأس الأسود وتواريت خلف جُدُر الخوف، كل يوم دمائي تجري على مذابح البؤس والدموع، عزَمت أن أحلم بشكل مختلف حيث الحُلُم هو بداية كل شيء، لكن كل حلم تحطم على صخرة الواقع المرير، كل يوم وأنا في صراع مرير بين الحلم والواقع، لا أدري لمن الغلبة في النهاية، ما أعلمه أن ثمة مزيداً من التعاسة والشقاء، مزيداً من اليأس.

 

 

ومن بين الظلمة الحالكة رأيت بصيص نور، خاطبني قائلاً : "إن سعادة القلوب لا تكون إلا بتوحيد الله عز وجل، والتسليم بقضاء الله وقدره، فإذا أصاب عبداً هم أو غم أو حزن لجأ إلى الله عز وجل داعياً متوسلاً بأسمائه، عاكفاً على قراءة القرآن، فكما أن القرآن ربيع القلوب، كذلك هو جلاء الأحزان وذهاب الغموم والهموم".

 

راودني نسيم الأمل، صحوت من رقدتي على صفير قطار الرحيل  "هل سأعيش يوماً آخر ؟ " تساءلت في نفسي وأردفت " أرجو أن يمتدّ بي العمر لأعوض ما فاتني من تقصير"، أحسست بنافذة تفتح في قلبي الجريح الفارغ، ولج شعاع أشعرني بالطمأنينة، لم أكن يوماً قد جرّبت هذا الإحساس اللذيذ، ما أجمل هذه الراحة ! تقاطرت من عيني الدموع.

 

 وفي ذات الحين تقاطرت عن نفسي قوافل الهموم، ومنذ ذلك اليوم شعرت بعودة الروح مجدداً، أصبحت بعيداً عن عالم البشر التائهين، ومع نسيم الصباح العليل أشعر بانشراح الصدر، بالأمل المبشّر يسري في روحي الجذلى، أحثّ الخُطا؛ ترتسم ملامح المستقبل أمام عيني أكثر انبهاراً وضياءً، فأنظر إلى الحياة بمنظار جديد وأزداد بها افتتاناً.