آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-03:40م

أدب وثقافة


بوح من وجع الذاكرة ..!(خاطرة)

الأربعاء - 11 أكتوبر 2017 - 01:51 م بتوقيت عدن

بوح من وجع الذاكرة ..!(خاطرة)

كتب/ماجد الهلالي

 في طفولتي

كان الليل يبدو جميل في سطح بيت جدي

لأن بيت جدي كان خمس دور

لم تكن تستهويني كثيرآ

إنارة الشارع

تلك الاضواء الخافتة

في تلك المنازل

ولا

اضواء وضجيج السيارات ايضا

 

*أصعد الى السطح

لأرى القمر وتلك النجوم ونسهر معا وننأم معا

وكنت أحلم ان اصعد بسلم  الى القمر

واحلم ان تسقط تلك النجوم الينا

مثل البرد الذي يتساقط مع حبات المطر

ويأتي بعده قوس قزح

 

*لذا عندما كنت اسافر الى القرية كنت أخبر أمي

أننا ننأم بالسقف كثيرا انا وابي وأخي

ننأم بكل راحة

واخبرها عن جدتي ايضا

كم هي طيبة معانا انا واخي وابي وابناء اعمومي

كنت اشوقها لرؤية جدتي (زوجة جدي )

لبيت جدي في المدينة

 

بيت جدي يبدو عاديا وأقل من عادي من الخارج

لكن من داخل البيت

ياداخل الدار صلي على النبي محمد المختار

بيت جميل جدا

 

*كانت تنظفه

سيدة سمراء اسمها زهرة

اما الجمال الحقيقي الذي كان يملأ البيت

فهو طيبة جدتي في حياة ذلك البيت

 في حياة جدي

 في أعماله التجارية

 في محله التجاري

(فتاة الجزيرة).

 

*اوقات كان يتحول بيت جدي الى فندق خدماته بالمجان  تأكل وتشرب وتنأم مرتاح البال

من يأتي من القرية اهلا وسهلا به فوق العين والرأس

هكذا كانت توحي لي تصرفات جدي وجدتي دائما مع كل ضيف يأتي فجأة دون موعد او اتصال

 

*دارات الأيام وماتت جدتي فجأة

حاول جدي مرارا ان يرمم ذلك البيت سريعا بزوجة تشبهها

أن يعوضنا غياب موت جدتي

 طيبتها لطفها تواجدها العزيز في قلوبنا

حاول كثيرا لكن مع الأسف لم نقتنع

 لأنهاكانت عزيزة مثل اسمها

جميلة بصفاتها بطبخها

 بلطفها

الذي كان يملأ البيت طمأنينة

ولقلوبنا حب وأمان

 

* رحلنا من ذلك البيت لم نكمل مشاهدة حلقات الكواسر

تركنا ذكرياتنا الجميلة هناك

رحلنا مع حزنك

مع طعم غيابك المرير

 

* سنيين وانتي خالدة  في ذاكرتي والى الان

أريد أن اخبرك اننا افتقدك ياذكريات طفولتي الجميلة في المدينة

 

*أريد أن أخبرك كم حاول جدي ان يخفي حزنه في غيابك

أن يخفي مرارة غيابك بصبغ شعره الأبيض بحناء

ولم يستتطع تجاعيد وجهه تحكي كل شيء

وأصبح سيء المزاج دائما .!

 

* أريد ان اخبرك ياجدتي ان الحنان أصبح قاسي جدا

دروبنا مليئة بالاشواك ومليئ جدا بالقسوة

 

*كل أولئك الطيبون الذي كنت اشاهدهم بالتلفاز ماتوا

مابقوا الا الأشرار ياجدتي

 

وكأنهم ياجدتي قرروا ان يخرجوا من شاشة التلفاز

ليقتلونا بكل لطف

قتل بمسدس حقيقي

القاتل أخ المقتول جار

وبدون أعتذار

 

*أردت ان اخبرك ياجدتي الحبيبية اننا افتقدك في هذا الزمن

افتقدك ابي اليتيم

افتقدتك أمي اليتيمة

افتقدك أبنائك وبناتك

افتقدك جدي

افتقدك اخوانك خواتك

كل الجيران

كل ارجاء البيت

 

كل هذه السنيين اشعرتنا بغيابك فوق مستوى الفقد والغياب والحزن والبكاء

 

*تلك البيت مازالت بتلك الأنوار لكن في غيابك أصبحت باهتة شبه مجهورة

ورحلنا بعيدا عن تلك البيت

ورحل معنا الجيران ايضا

رحلنا كلنا بذكرياتك

يابلسم ذكرى طفولتي الجميلة

اردت أن أخبرك

اننا أحبك كثيرا جدتي عزيزة

وان عرسي قادم

كم وددت

رؤيتك تحضرين فرحي

لا أن ابكي واحتضن قبرك وأهديك الورود .