آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-12:19م

ملفات وتحقيقات


من قتل جعفر محمد سعد؟

الإثنين - 09 أكتوبر 2017 - 06:47 م بتوقيت عدن

من قتل جعفر محمد سعد؟
غلاف صحيفة عدن الغد ليوم الاثنين 9 اكتوبر 2017

تقرير: جعفر عاتق

في صبيحة السادس من ديسمبر عام 2015 دوى انفجار عنيف بطريق بحرية واصلة الى حي جولد مور الشهير قبل ان تتصاعد اعمدة الدخان من منحدر جبلي صغير.

كان الانفجار عنيفا وهز المنازل المحيطة بالمكان فيما هرع مواطنون الى موقع الانفجار حينما كانت سيارة بيضاء اللون تشتعل فيها النار.

تبين فيما بعد أن سيارة ملغومة ركنت على جانب الطريق استهدفت موكب محافظ العاصمة عدن اللواء جعفر محمد سعد واودت بحياته.

عمَ حزن عارم العاصمة عدن بعد تأكيد مقتل المحافظ جعفر في الحادثة وسادت حالة من الحزن على حياة مواطني المدينة بذلك اليوم.

وعقب ساعات من الانفجار أعلن تنظيم "داعش" مسئوليته عن اغتيال اللواء جعفر محمد سعد.

مثلت واقعة الاغتيال أكبر صدمة لأهالي عدن الذين كانوا يحاولون التعايش مع الواقع الجديد بعد خروج مدينتهم من حرب مدمرة.

 

اللواء جعفر ومنصب المحافظ:

شهران فقط مدة تولي اللواء جعفر محمد سعد إدارة شؤون العاصمة عدن كانت كفيلة للحب الغامر الذي بادله مواطني عدن للمحافظ جعفر.

تولى اللواء جعفر محمد سعد منصب محافظ العاصمة عدن في ظروف صعبة لا تمكن أي مسؤول من الظهور وانجاز المشاريع الخدمية للمواطنين.

كانت العاصمة عدن خارجة من حرب عاصفة دمرت كل شيء جميل فيها وجعلت حياة أهلها في جحيم.

كانت الخدمات الرئيسية معطلة والمباني الحكومية الخاصة مدمرة وشوارع العاصمة تدج بالكثير من المسلحين الغير معروف لمن ولائهم.

كان المواطنون في عدن يطالبون بالخدمات الرئيسية كالكهرباء والماء وكذا اعمار منازلهم التي تدمرت بسبب الحرب.

فضَل اللواء جعفر التقرب من المواطنين والعيش بينهم على الرحيل الى العاصمة السعودية الرياض كحال الكثير من المسؤولين الحكوميين.

 

مواطنون يطالبون بالقصاص من قتلة اللواء جعفر:

يقول ناصر أحمد وهو أحد الشباب من العاصمة عدن، أن المحافظ جعفر محمد سعد كان من أفضل المحافظين الذين تولوا امور العاصمة وانجز خلال الشهرين اللذين قضاهما في منصبه مالم ينجزه الكثيرين خلال سنوات.

الحاج محمد عتيق من ساكني حي خورمكسر بدأ كلامه عن المحافظ جعفر محمد سعد بكثير من الأسف على رحيل جعفر ومترحما عليه فالوقت نفسه.

اسهب الحاج محمد في ذكر افعال الشهيد جعفر وكيف كان قريبا من المواطنين ومتفقدا لحالهم ولا يألوا جهدا للقيام بخدمتهم والسهر على راحتهم.

أكد الحاج محمد والذي يبلغ القعد السادس من عمره أنه وخلال سنوات حياته لم يرى محافظا أو مسؤولا قريبا من المواطنين كاللواء جعفر محمد سعد.

وطالب الحاج محمد في ختام حديثه بضرورة الكشف عن قاتلي الشهيد جعفر والقصاص منهم لتهنأ روحه الطاهرة ويرتاح جسده في قبره.

قرابة العامين مرت على اغتيال الشهيد اللواء جعفر محمد سعد ولم يقدم أيا من قاتليه الى المحاكمة حتى الآن رغم الوعود الحكومية بذلك، واعلان مدير أمن العاصمة عدن اللواء شلال شايع القبض على منفذي الجريمة الشنيعة.

ففي الـ(12) من ابريل 2016 وخلال زيارة قام بها إلى مقر قسم شرطة المنصورة اعلن مدير امن عدن اللواء شلال علي شايع  في تصريحات صحفية ان ادارته تمكنت من ضبط قتلة الشهيد جعفر محمد سعد.

ورغم اعلان مدير أمن عدن اللواء شلال شايع عن القاء القبض على قتلة الشهيد الا انه لم يتم نشر إي صور للمتورطين او إي اسماء ولم يقدم إي احد لتحقيق أو المحاكمة.

 

تفاصيل خطيرة عن مقتل اللواء جعفر:

ومجددا عاد محافظ عدن الاسبق الشهيد جعفر محمد سعد إلى الواجهة عقب حديث جديد وظهور معلومات فيما يخص الجهة التي قامت باغتياله.

وعاد الحديث عن الجهة التي تورطت بقتل اللواء جعفر محمد سعد عقب معلومات جديدة ادلى بها نصر شاذلي وأشار فيها إلى جهات حكومية قال أنها تورطت في مقتل جعفر محمد سعد.

وأثارت معلومات جديدة نشرها أحد المقربين من المحافظ الشهيد "جعفر محمد سعد"، محافظ العاصمة عدن الأسبق، موجة غضب في أوساط المواطنين الذين طالبوا بضم هذه الشهادة إلى ملف القضية وفتح تحقيق ومحاكمات حقيقية وعادلة لكل الذين تم التلميح بتورطهم في هذه العملية الآثمة.

وكشف «نصر شاذلي»، وهو أحد أنساب المحافظ الشهيد، ومن الأشخاص المقربين إليه والمرافقين له أثناء توليه مهام قيادة المحافظة، عن خيوط وإشارات خطيرة من شأنها أن تُفكفك خيوط الجريمة التي اهتزت لها مدينة عدن في صبيحة يوم 6 ديسمبر من العام 2015م.

ولمّح «شاذلي» إلى تورط مرافقين للمحافظ ووكلاء ومسئولين في المحافظة ووزارة الاتصالات في الترتيب لعملية الاغتيال.

وأورد «الشاذلي» وهو من أقارب زوجة الشهيد ،تفاصيل خطيرة عن تصرفات مشبوهة أثارت ريبة المحافظ الشهيد قبل ليلة من اغتياله، حيث قال عنه: «في الساعة الخامسة عصرا، قبل اغتيال الشهيد جعفر بيوم، قُطعت جميع شبكات الاتصالات بشكل كامل عن منزل المحافظ «71-73-77» إضافة إلى الهاتف الأرضي والإنترنت».

وأضاف «شاذلي»: «وجهني الشهيد جعفر بمتابعة الموضوع، اتصلت على مدير الاتصالات في التواهي فأتى إلى المنزل وفحص كل شيء وكان انقطاع الانترنت والاتصالات متعمدا وفي محيط المنزل فقط، وهو ما جعلنا في حيرة، سيما وأن الخدمة كانت شغالة بجانب المنزل وفي المحلات المجاورة».

 تابع «شاذلي» في شهادته: «قمنا بتشديد الحراسة وطلب مني الشهيد جعفر بأن اقوم بإخراج احدى المدرعات الى خارج محيط المنزل بجانب البوابة فأعطيت التوجيهات لفريق المدرعة لكنهم رفضوا ان يتحركوا ويخرجوا بحجة انهم بدون مرتبات، أخبرت المحافظ بذلك فطلب مني على ان لا اتكلم معهم».

وأشار «شاذلي»: «انتشرت الحراسة في محيط المنزل وخارجه حتى صباح يوم الاغتيال في حوالي الساعة السادسة والنصف صباحا.

واستيقظ المحافظ جعفر من نومه، وفي الساعة السابعة صباحا كنا على طاولة الإفطار بانتظار عدد من الوكلاء ومدير المكتب الذين كانوا سيخرجون مع المحافظ للعمل كالمعتاد، لكنهم تغيبوا ولم يحضروا.

فانتظر الشهيد جعفر كثيرا ومن ثم قرر الخروج والذهاب بمفرده، وكان في انتظاره الوكيل الشهيد السقاف بجانب البوابة، فركب السيارة مع الشهيد جعفر وبجانبه. كان هناك تجمع بجانب منزل المحافظ لديهم طلبات فنزل الشهيد جعفر من سيارته وتحدث معهم ووعدهم بتلبية طلبهم، ففرحوا كتيرا وهتفوا له ، بعدها ركب سيارته وانطلق صوب النفق المؤدي إلى طريق التواهي».

واختتم «الشاذلي»الجزء الأول من شهادته في القضية بالقول: «مرت دقائق وحصل ماحصل وتم الاغتيال، ووصلوا اثنين من الوكلاء الذين تغيبوا في الوقت المحدد، واتوا الساعة التاسعة صباحا ومن الطريق الآخر المؤدي إلى القلوعة».

وكانت معلومات سربت في وقت مبكر من اغتيال الشهيد جعفر، قد تحدثت عن تورط وتواطئ عدد من المحيطين به في مكتبه علاوة وكلاء المحافظة ومن افراد حراسته الذين عادوا بعد اقل من ساعة إلى المنزل ونهبوا منه وثائق وأوراق وأموال واختفوا عن الانظار.

معلومات خطيرة أدلى بها الشاذلي قد تؤدي الى اقالة العشرات من المسؤولين واحالتهم للتحقيق، ولكن يبدو أن الجميع قد تناسى الشهيد جعفر محمد سعد واعماله الكبيرة لعدن.

 

هل سينصف الشهيد جعفر:

قدم اللواء جعفر محمد سعد روحه رخيصة فداء لعدن، ولكن الجهات المسؤولة في البلاد لم ترد ولو جزء بسيط من ذلك الدين، فكم من مرة ناشدت أسرته لضم أسمه في كشوفات المرتبات.

استشهد اللواء جعفر ولم يملك في المدينة عدن سوى منزل متواضع في الشيخ تعيش فيه أسرته حتى الآن.. فقد كانت عدن بالنسبة للواء جعفر كالأم وكان لها الأبن المطيع.. فهل سينصف الأبن لتنال الأم شيئا من تلك العدالة؟.

وبعد حوالي عامين من اغتيال اللواء جعفر لايزال السؤال الاكثر طرحا من قبل الاهالي في عدن:" اين قتلة الشهيد جعفر محمد سعد؟ وما الذي يمنع تقديمهم للمحاكمة او الكشف عن هويتهم؟.

 

السيرة الذاتية للشهيد البطل اللواء جعفر محمد سعد:

بدأ حياته العسكرية عام 1967، درس بالاتحاد السوفياتي السابق من 1969 إلى 1972، وتدرج في مناصب عسكرية عديدة أهلته ليحظى بثقة قيادات اليمن، عين محافظا لعدن، وقاد عملية تحريرها عام 2015، قتل وثمانية من مرافقيه في تفجير سيارة مفخخة أمس، واللواء جعفر محمد سعد ولد في مدينة الشيخ عثمان بمحافظة عدن يوم 5 مايو/أيار 1950، وهومتزوج وأب لثلاثة أبناء: لينا وروزاء ومحمد جعفر. ويقول دفتر سيرته إنه التحق بالقوات المسلحة اليمنية عام 1967بعد إنهائه مرحلة الثانوية العامة ثم بالكلية العسكرية للقوات البرية في الاتحاد السوفياتي سنة 1969. وتخرج اللواء جعفر بعد حصوله على شهادة البكالوريوس سنة 1972، ثم رشح لمواصلة دراسته العليا في أكاديمية المدرعات بكلية القيادة والأركان في الاتحاد السوفياتي عام 1975، وحصل على شهادة الماجستير بامتياز عام 1978. وبعد ذلك عين قائدا لفصيلة دبابات، ثم قائدا لسرية دبابات، فقائدا لأركان كتيبة دبابات، ثم قائدا لكتيبة دبابات.

تدرج بعدها في عدة مناصب، من بينها ركن تدريب سلاح مدرعات في دائرة التدريب للأركان العامة، وركن تدريب القوات البرية للأركان العامة، ونائب مدير التدريب في الأركان العامة، ورئيس شعبة التخطيط والتدريب العملياتي للأركان العامة.

كما عين اللواء جعفر نائبا لمدير دائرة العمليات الحربية للأركان العامة، ونائبا لكبير المعلمين بالكلية الحربية مستشارًا لوزير الدفاع.

ونشرت لجعفر محمد سعد عدة مقالات عسكرية في الصحف والمجلات العسكرية، ولديه مؤلفات في الشؤون العسكرية، منها: «هيئات العمليات والكمبيوتر في جيوش الدول النامية»، و»خبرات وخصوصيات البناء العسكري في الدول النامية»، و»أمن البحر الأحمر». عين اللواء جعفر محمد سعد قائدا لجبهة العند في حرب 1994.

واختير اللواء جعفر محمد سعد محافظا لعدن، ومستشارًا لرئيس الجمهورية للشؤون العسكرية، وكان آخر منصب عسكري تقلده قيادة عملية غضب عدن لتحرير المحافظة عام 2015.

وجاء اغتيال جعفر محمد سعد بعد أقل من 24 ساعة على حوادث أمنية استهدفت عدن، منها اغتيال رئيس المحكمة الجزائية واستهداف ضابط استخبارات.

وبادر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى تشكيل لجنة تحقيق في حادث الاغتيال، فيما سارع تنظيم الدولة الإسلامية لتبني التفجير.