آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-11:23ص

أخبار وتقارير


تحليل سياسي : ما الذي حدث في السبعين؟!

الجمعة - 25 أغسطس 2017 - 05:04 م بتوقيت عدن

تحليل سياسي : ما الذي حدث في السبعين؟!

القسم السياسي بصحيفة "عدن الغد"

 

صالح يغازل التحالف بخطاب حرب ناعم....ويؤكد فشل إدارة الحوثي.

 

ماهي الرسائل التي أرسلها صالح للتحالف والحوثيين معًا؟


مجددًا،أحتشد المئات من أنصار الرئيس اليمني السابق/علي عبدالله صالح في ميدان السبعين جنوبي العاصمة اليمنية ،إحتفالًا بذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده هذا الأخير وفيما كان الحشد هو الأضخم خلال الثلات أعوام الأخيرة لم يقدم صالح خطاب حرب ضد الحوثيين الذي يستعر خلافه معهم كما كان متوقعًا ،لكن الرجل العجوز قاد خطابًا دبلوماسيًا بإمتياز وأجاد التحدث على مسافة واحدة بدأ إن الرجل يحاول ان يكون من خلالها قريبًا من الحلفاء والأعداء معًا.

كان الحشد هائلًا وقبلها كان التوتر يشهد النسق الأعلى في التصاعد منذ ان بدء تحالف الجماعة المسلحة مع الرئيس السابق.
تبادل الطرفان قبلها تراشقًا إعلاميًا لكنه لم يؤدي في الحالة الاسوأ لصدام بين الفريقين.
توافد أنصار صالح من محافظات شمال الشمال والجزء الأكبر منهم كان متضررًا من الحوثيين ورغم ان الحوثيين نصبوا رجالهم عند مداخل العاصمة وقادوا حملات تفتيش لأنصار صالح إلا إن خطاب الجماعة تعدّل قليلًا بعدما تداولت مصادر متطابقة عن توجيهات لزعيم الحوثيين بالمساعدة تأمين مهرجان حزب المؤتمر الشعبي العام،وحاول صالح قبلها تقديم رسالة إيجابية للحوثيين ووجه دعوة لهم للحضور بيد إن مراقبون قالوا إن توجيه صالح دعوة للحوثيين لحضور المهرجان التأسيسي لحزبه يثبت إن العلاقة بين الحليفان تهشّمت ولم تعد كما كانت من قبل.

ظلت الخلافات بين الحوثيين وصالح محل تناول إعلامي لافت، لكنها لم تحمل أي تصعيد على الأرض من ذاك التصعيد الذي يفجٌر الوضع بين الحليفان.
صالح الصماد وهو يشغل رئيس المجلس السياسي زار فعالية المؤتمر في محاولة من الجماعة لتبديد الخلاف بينها وبين صالح لكن الأخير يعد مقربًا من المؤتمر وان كانت الزيارة في صبغتها الرسمية يبقى الصماد في الموضوع الشخصي رجل مقرّب من المؤتمر ومن صالح شخصيًا.

حاول الحوثيين عرقلة مهرجان صالح في ذكرى تأسيس حزبه لأنهم ظنوا إن الفعالية هذه المرة تستهدف وجودهم شعبيًا لكن الفضول دفعهم لإستكشاف ماذا لدى صالح هذه المرة.

مضت فعالية صالح كما سابقاتها لكن خطاب الرجل وحالة الحشد في ميدان الإحتفالات الكبير أفصحت عن وضع صالح بكل وضوح وأوصلت رسائل سياسية كان بطلها الرجل النافذ في السياسة اليمنية.

 


*صالح يغازل التحالف بطريقة الحرب ويتهم الحوثيين بالفشل.


من تابع خطاب صالح سيخرج بثلاث رسائل تعد نواتج طبيعية لمضي ثلاثة أعوام من تحالفه مع الحوثيين وقيادة الأثنان حركة إنقلابية ضد سلطة الرئيس اليمني/عبدربة منصور هادي قبل إن تندلع مواجهات قتالية لا زآلت مستمرة حتى الآن وبرزت هذه بشكل واضح في خطاب الرجل بالأمس.


الرسالة الأولى بدت في الصورة العامة واضحة جدًا وهي انه الرجل الأقوى جماهيريًا شمالًا وربما في الفاعلية السياسية والتأثير والنفوذ ومع هذا لم تبدو ورقة القوة العسكرية لدى الرجل بذات التأثير نفسه قبل أعوام وبالتالي لجأ صالح في سياق خطابه للتلويح بإمتلاكه عدد هائل من المقاتلين وهنا يعتقد مراقبون سياسيين ان تطرق صالح لموضوع إمتلاكه مقاتلين متطوعين قد يشكل إحراجًا لتحالفه مع الحوثي الذي ربما يتخذ أسلوب الحذر الكبير مع صالح خصوصًا مع تهشّم مخزون الإحتياط البشري للحوثيين الذين يحشدون بإستمرار عند مناطق التماس مع القوات الحكومية والمسلحين المحليين الموالين لها ومع التحالف العربي خصوصًا في الحدود الجنوبية.

يرى متابعون ان القفزة التي أحدثها صالح حول إمتلاكه متطوعين وعدد هائل من المقاتلين ستضرب الجبهة الداخلية للتحالف الثنائي ومن جانبها قد تثير مخاوف لدى الحوثيين من ان الجماعة قد تصبح هدفًا لمقاتلي صالح في حالة صدق الأحاديث التي تفيد بإستعداد صالح للإنقلاب على حلفاءه السابقين.


يشارك صالح بتنظيمات قتالية رسمية وهي ما تبقى من تشكيلات الحرس الجمهوري التي كان يقودها نجله الأكبر/أحمد وبالتالي يبدو حديث الرجل عند مقاتلين متطوعين إستفزازًا للحوثيين كونهم يشعرون ان الرجل يقود جبهتين تهدف لضربهم داخليًا عبر تقديم القوات التابعة له في صورة المنقذ وهذه محاولة يراها الحوثيون تنتقص من قدراتهم القتالية أولًا وثانيًا هو يربط موضوع رفد الجبهات بصرف الحوثيين للمرتبات ما يعطي تفسيرًا مباشرًا يستهدف الحوثيين ويثبت ان الفشل والتعثر في جبهات القتال مع القوات الحكومية كان ناتجًا طبيعيًا لتعثر الحوثيين وفشلهم في إدارة الدولة.

 

كانت الرسالة الثانية ان صالح قدم خطاب حرب ناعم تجاه التحالف أوصل من خلاله رسالة غزل للرياض وحلفاءها..كيف ذلك؟

الفقرة هي ذاتها عن رفد الجبهات بمقاتلين تابعين لها لكنها حملت إزدواجية في الرسائل..هذه المرة كانت للتحالف العربي الذي تقوده الرياض.
قال صالح ان لديه أعداد كبيرة من المقاتلين لكنه قال انها تحتاج للمرتبات وهنا ظهر صالح في خطاب حرب ناعم حيث أظهر مدى براغماتية حلفاءه في القتال وهنا إشارة للرياض أننا قد نصبح حلفاء لكم ونطيح بالحوثي معًا لو وفرّت لنا المرتبات.

ربط صالح ورقة الضغط العسكري بصرف المرتبات وهنا يريد يقول للرياض وأبوظبي أدعموني ماليًا وانا من سيطيح بالحوثي ويبدد مخاوف السعودية عند حدودها الجنوبية التي يضربها الحوثيون لكن بالمقابل بدأ ان صالح يريد إبتزاز دول الخليج كما كان يفعّل،واضعًا خيار دعمه أو اللجؤ مع الحوثيين او البقاء بقوته كما هي دون الخوض في تفاصيل المواجهات مع الحوثيين وبذلك سيحتفظ بقوته.


صالح حاول إن يبدي إستقلاله العسكري عن الحوثيين وان لديه مخزون بشري من المتطوعين الذين سيخوض بهم أي صراع قادم ومع ان صالح لم يكن على الأقل في موقف قوة يسمح له بتمرير هذه الرسائل إلا أنها بدت أكثر قوة في الشأن السياسي والأمر هنا لا يتعلق بالضرورة بمدى مصداقية ورقة القوة العسكرية التي يناور بها صالح لكن يتعلق بشكل أكبر وضوحًا بمدى نجاح بعض الصفقات الدبلوماسية وإستعداد صالح في المراحل الأولى لخوضها.


يعي صالح جيدًا ان التحالف العربي ومعه الحكومة الشرعية يواجهان ضغوطا متزايدة لإنهاء الحرب وهو ليس بالغائب عن كواليس ما يدور مع تواتر الانباء عن العلاقة الجيدة مع دولة الإمارات العربية المتحدة وبالتالي يمكن قراءة حشد صالح سياسيًا لتأكيد حضوره السياسي ونفوذه المتغلغل شمالًا وإبراز حزبه ك(ند) سياسي سيخوض أي صراع مفاوضات قادمة مع المسؤولين الحكوميين وإظهار حزبه كقوة تنظيمية تمتلك رؤية سياسية وعمل منظم وشعبية أكبر وهو أكثر ما أخاف الحوثيين من هذه التظاهرة.

 

الرسالة الثالثة كانت تتعلق بتكرار صالح مفردة المؤمرات، هو قال العدوان مرة واحدة وهنا بطبيعة الحال كان يرمي القصد إلى التحالف الذي تقوده الرياض كما بات معروفًا في السياسة والخطاب الإعلامي للحوثيين وفريق علي صالح لكن هذا الأخير كان يشير حينما قال مفردة المؤمرات مرتين صوب حلفاءه المحليين الحوثيين وبدأ ان صالح أمتعض من حملة المضايقات والإقصاء التي قادها الحوثيين ضد رجاله وقادة حزبه وضباط عسكريين موالين له.


صالح أراد ضرب الحوثيين ثلاث مرات في فعالية السبعين الأولى حينما حشد كل رجاله وأظهر ان الحوثيين ضعيفين شعبيًا في صنعاء ولا يملكون أدوات الحشد السياسي مثل جناحه السياسي في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي أراد إحراج الحوثيين وتجاوز بعض عثرات الحوثيين سعيًا منه لإنجاح الخطوة الأولى لزعيمهم الروحي صالح وهي إظهار كم ان الحوثيين لا يملكون مشروع وتنظيم سياسي ولا يمتلكون الحشود المؤيدة لهم.

 

صالح مجددًا أصاب الحوثيين في مقتل بخصوص موضوع مرتبات موظفي الدولة وأثبت فشلهم في الإدارة وهنا يريد تأليب الرأي العام المحلي ضد الجماعة المسلحة علاوة على إحراجهم أمام الرعاة الدوليين والتحالف العربي وتقديم حزبه الطرف الأكثر ملائمة للمرحلة القادمة مع إنهيار تنظيم الحوثيين وإشتداد الحصار عليهم قرب معقلهم الرئيس في صعدة شمالي البلاد وهي رسالة من الرجل العجوز انه الأقوى في صنعاء رغم ان وصولها تطلب الكثير منه من إبراز حالة من الضعف.

 

يعتقد مراقبون ان صالح قدم رسائل مزدوجة للتحالف والحوثيين معًا فهو تغزل بالأول في صورة حرب وأتهم الثاني بالفشل بطريقة غير مباشرة وبين هذا وذاك بدأ الرجل ضعيفًا محاولًا الإستجداء بالحوثيين لصرف المرتبات لأجل يمددهم بالمقاتلين وفي الاثناء هو أفصح عن نفوذه في الجانبين السياسي والشعبي.

*من صالح محوري