آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-04:36ص

أخبار وتقارير


قيادات الجنوب..هل تخدم الجنوب؟!!

الثلاثاء - 22 أغسطس 2017 - 04:32 م بتوقيت عدن

قيادات الجنوب..هل تخدم الجنوب؟!!
غلاف صحيفة "عدن الغد" ليوم الثلاثاء 22 اغسطس

عدن (عدن الغد)خاص:

حينما حضر الحراك السلمي جنوبًا كقوة سياسية تحظى بشعبية جماهيرية طاغية وإن شابها قليلًا غياب التنظيم كان الأمل معقود بشكل كبير على قائمة طويلة من الأسماء التقليدية التاريخية لتعزيز العمل السياسي لقوى الميدان في الحراك الجنوبي، ويستند البعض في هذا على نتاج الخبرة الواسعة لتلك الشخصيات التي عاصرت فترة الحكم في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وتقلد البعض منها مناصب رفيعة آنذاك.

أفرز الواقع السياسي للقضية الجنوبية معسكرين سياسيين شملا الأسماء التاريخية الأبرز جنوبًا وعلى إثر ذلك بدأ إن إنقسامًا في توجهات المعسكرين بات يتوغّل حتى أنعكس سلبًا على الشارع الشعبي في الميدان.

يبرز المعسكر الإنفصالي المتشدد بقيادة الرئيس الجنوبي السابق/علي سالم البيض والقيادي البارز في حزب رابطة الجنوب العربي/عبد الرحمن الجفري وعديد شخصيات جنوبية مقرّبة من الأخيران قبل إن تتشكل قيادات ميدانية حديثة مضت مع الخيار الداعي لفك إرتباط الجنوب عن الشمال.

وعلى صعيد موازً هناك المعسكر المعتدل الداعي لحل القضية الجنوبية على أساس دولة فيدرالية يصبح الجنوب فيها إقليمًا ويحتفظ بالثروة لكن هذا المعسكر لا يتخذ الفيدرالية كنظام حكم دائم وهو يطالب في الأثناء نفسها بتنظيم استفتاء بعد خمس سنوات من التجربة الفيدرالية حول إمكانية البقاء في إطار الأخيرة أو الذهاب لخيار فك الإرتباط عن الشمال اليمني.

ويتزعم هذا التيار الرئيس الجنوبي الأسبق/علي ناصر محمد ورئيس الوزراء الأسبق/حيدر أبوبكر العطاس بالإضافة للقيادي الجنوبي البارز/محمد علي أحمد وعديد شخصيات مماثلة أنبثقت عن مؤتمر القاهرة العام 2009.

ويعتقد متابعون إن أحد ابرز الأسباب التي ساهمت في خلخلة القضية الجنوبية وبقاءها ضمن قوقعة التناول الإعلامي حتى اللحظة وغياب حضورها في أروقة السياسة العربية والدولية هو غياب الرؤية السياسية للعمل الواحد بين أعضاء المعسكرين الأكبر والأكثر ثقلًا جنوبًا.

يسود سؤال على نطاق واسع في المدن الجنوبية حول غياب الدور الفاعل للأسماء التاريخية في السياسة الجنوبية في الدفع بخطوات لتوحيد الجهد السياسي وتشكيل كيان موحّد يشمل المعسكرين التاريخيين ويعمل على ردم الخلافات والتباينات التي صارت تأخذ متسعًا واسعًا في المشهد السياسي الجنوبي.

التباين في معسكري الحراك ينتج تحالفات براغماتية مع الرياض وأبوظبي.

بعد ان قاد الحوثيين المتحالفين مع الرئيس اليمني السابق/علي عبدالله صالح الانقلاب على سلطة الرئيس اليمني/عبدربة منصور هادي توقع مراقبون إحراز القيادات الجنوبية تقدمًا لافتًا في علاقتها مع مواطنها هادي لكن الخطوة الجنوبية في إبراز موقفها من الصراع الدائر الذي بدأ يتجه جنوبًا،تأخرت وأتت بعضها لاحقًا في إطار فرز طبيعي للتحالفات الشخصية لبعض القادة فيما أعلن الجزء الأكبر موقفه من الحرب مستندًا على الشارع الشعبي ومعطيات القوة ووفق رؤية سياسية ثابتة للبعض.

أنتجت مواقف القادة الجنوبيين حينها معسكرين جديدين مختلفان عن المعسكرين التقليدين.

كان المعسكر الأبرز كما بدأ ظاهرًا يقف إلى جانب التحالف العربي الذي تقوده السعودية لكن قياديًا واحدًا فقط كان حليفًا قويًا لقائدة التحالف العربي وهو القيادي القوي والمتمترس/حيدر أبو بكر العطاس وهو يعد الوحيد الشخصية الجنوبية التاريخية الأكثر قربًا من المملكة إلى جانب القيادي الرابطي البارز/عبد الرحمن الجفري وهنا نموذج صارخ لرؤية المملكة العربية السعودية للقضية الجنوبية.

الفريق الذي ضم قيادات جنوبية مقرّب من التحالف العربي وبعضها أيد عمليات التحالف العربي في تماهي واضح مع خطاب الشارع الشعبي رغبة في الإستناد على داعم قوي من الجماهير من جانب وللإستفادة من وجود التحالف كمركز ثقل في العملية السياسية والعسكرية.

يضم هذا الفريق لفيف من المعسكرين المتشدد والمعتدل وهذا يبرز إلى أي مدى الرؤية الضبابية للملكة العربية السعودية في مسألة القضية الجنوبية.

ويستند مراقبون على إن الرياض بإمكانها دعم الجبهة السياسية للجنوب وهذا قد ينعكس إيجابًا ويخلق حليف قوي للمملكة في مواجهة مراكز النفوذ شمالًا، توازيًا مع إحتضانها لقيادات جنوبية مخالفة في التوجه السياسي لبعضها البعض.

تحاول المملكة العربية السعودية تعزيز علاقاتها بقادة في الحراك الجنوبي ورغم إن الأخيرة لم تصدر موقفًا واضحًا من مراكز القرار الرسمي تجاه الحراك الجنوبي، لكنها تمضي قُدمًا صوب كسب أكبر عدد من القادة الجنوبيين إلى صفها وهذا يبرز بقوة سياسة المملكة الحديثة في الإنفتاح على كافة القوى السياسية في المشهد اليمني لإنجاز أي شكل للتوافق والحل.

وفي حالة أخرى تظهر شكل مغاير لتوجهات المعسكر الأول عقد الرئيسان الجنوبيان/علي سالم البيض و/علي ناصر محمد عدة لقاءات منفصلة سابقًا بمسئولين إماراتيين ومع هذا بدا ان القائدان الأبرز في المعسكرين الجنوبيين التقيا في نقطة إيجاد علاقة جيدة مع أبوظبي بإعتبار الأخيرة صاحبة دور فاعل ومؤثر في المسرح الجنوبي وتعد هي القائد الفعلي لعمليات التحالف العربي في جنوبي اليمن.

يعتقد متابعون ان رؤية عدد كبير من قادة الجنوب تعتمد على بعض علاقاتها وتحالفاتها القديمة مع مراكز قرار بعينها ولا يعتقد هؤلاء ان علاقة تلك الأسماء تنظمها التوجه أو الرؤية السياسية معتقدة ان البعض من هذه القيادات تحاول ان تلعب على التوازنات وتضرب عصفورين بحجر الأولى حين تحافظ على علاقة جيدة مع مراكز القرار العربية والدولية من جهة والثانية عبر إبداء التأييد لحراك الشارع جنوبًا والتقرّب قليلًا من الخطاب الشعبوي.

يرى محللون ان هذا أوجد حالة من التباين والخلل إذ ان جزء كبير من مراكز صنع القرار عربيًا ودوليًا لا تستطيع ان تقدم خطوة داعمة لملف الجنوب مع حالة الإرباك وغياب الرؤية الواضحة لدى فريقي الحراك الجنوبي.

لايمكن إن يخطو المجتمع الدولي صوب القضية الجنوبية مالم تقدم قياداتها البارزة حلول ناجعة تبدأ من خلق علاقات جيدة مع الحلفاء العرب وفي الإقليم مع ضرورة التركيز على تفعيل قرار جنوبي جامع.

دور منتظر..

يبدو ان الصراع في اليمن أوشك على النهاية أو صار قريبا مع سعي مبعوث المنظمة الدولية والمجتمع الدولي لإنجاز حل شامل للأزمة اليمنية قبل نهاية العام الجاري.

ويبدو أيضا ان التحالف الذي تقوده الرياض بات يسير في هذا الإتجاه لكنه يبحث عن المخرج الأنسب له خصوصًا الرياض التي ستدعم حلًا يحجم من قوة الحوثيين الذين يهاجمون حدودها الجنوبية دائمًا منذ إندلاع الصراع.

الجنوب بدوره هو رقم مهم في المعادلة لكن المساحة الجغرافية وبعض التكوينات الناشئة قليلة الخبرة قد يتم تجاوزها مالم تفعّل قيادات الجنوب القديمة من وجودها ضمن معادلة السلام وإفساح حيز عادل للقضية الجنوبية.

لكن مراقبون لا يرون ان تحرك الأسماء التاريخية سيحدث تقدمًا مغريًا للرعاة الدوليين ويردف هؤلاء ان أي محاولة سياسية تتطلب إتفاقًا شاملًا لفريقي الحراك الجنوبي وإنجاز تفاهمات تقدم القضية الجنوبية كطرف رئيسي للتفاوض ضمن معادلة الحل الشامل في اليمن.

من الواضح جدًا ان مشروع الدولة سابقًا بدأ ينهار ولا توجد ضمانات بإعادته بطريقة مغايرة قليلًا وبالتالي قد يذهب الرعاة الدوليين بالتوافق مع دول الخليج العربي لتجربة المشروع الفيدرالي ومالم يفصح الجنوبيون من الآن عن تواجدهم قد تقدم حلول مرضية مؤقتة للجنوبيين إذا أستمر فشل القادة التاريخيين وهم الأكثر دراية بطبيعة الوضع وتركيبته في اليمن.

نشوء مجلس إنتقالي جنوبي في عدن في مايو/آيار الماضي يبدو انه قد يدفع القوى الدولية وبعض الأطراف النافذة في التحالف العربي لمحاولة الخوض معه مع ان هذه الخطوة لاقت إنتقادات كبيرة ورفضتها الحكومة الشرعية لكن مراقبون يعتقدون ان الإمارات دعمت هذه الحركة السياسية الجنوبية تجهيزًا للدفع بهم صوب أي صفقة سلام.

وفق رؤى الحل المطروحة والمتداولة يبدو قادة مؤتمر القاهرة الأكثر قربًا من مشروع الحل القادم إذ ان مخرجات مؤتمر القاهرة تتحدث عن نظام فيدرالي لمدة خمس سنوات وهو ما يمثل حالة مشابهة للطرح الذي قد يؤول إليه المجتمع الدولي والتحالف العربي.

وبالتزامن يحضر الفريق الآخر الداعي لفك الإرتباط عن الشمال اليمني وهذا هو الأكثر شعبية في المدن الجنوبية لكن الطرح الذي يقدمه قد لا يمثل حالة توافق مع مشروع الحل الدولي.

قد تضغط السعودية والإمارات على التيار المتشدد للخوض في أي حل قادم لكن قبل كل ذلك ينبغي ان يكشف الفريقان عن نفسيهما ويقدمان رؤية سياسية موحّدة.

من صالح محوري