آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-06:56م

أدب وثقافة


قصة قصيرة : فسيلة الوطن

الثلاثاء - 22 أغسطس 2017 - 11:07 ص بتوقيت عدن

قصة قصيرة :   فسيلة الوطن
صورة تعبيرية

عدن (عدن الغد)خاص:

بقلم : دعاء الأهدل

 

 

رسمتكِ على لوحة أحلامي ولونتكِ بلون الياسمين فلونها شبيه ببياض قلبكِ ورائحتها كأخلاقكِ التي تفوق كل الحاضرين في تفاصيل قلبي...

 

كم كنت أراقب خطواتكِ التي تعلو سلم الأحلام كنت كل يوم أنتظر مروركِ العابر وأنا المتسول في ذلك المقعد؛ حينما كنتِ تمرين من أمامي هارعة تراقبين الدقائق والساعة  التي تعلو يدكِ ملامح الخوف ترتسم على عينيكِ لتأخركِ من محاضرتكِ؛لم تكوني تعرفين عني سوى حروف اسمي التي كانت تتردد مراراً على السنة الدكاترة والمهندسين من الاصدقاء؛وحينما تربصت بي الجراءة قررت حينها أن أترك لكِ رسالة والخوف يقبع خلفها...

 

أطرقت كثيراً على قلب ريم غلقت في وجهي كل السبل بعثرت مشاعري في الخلاء لكنني أنا أحمد الذي لا يتراجع عن اختياراته الذي اختارها بعد عمق من التفكير والدراسة؛ كنت ذلك الرجل الذي لايتربص اليأس على حلمه بل بقيت لسنوات طوال أحاول...

 

أستعرت مفكرة ريم الذي تكتب عليها دروس المحاضرات،وفي الرابع من تموز صباحا عدت إرجاعها تاركا بداخلها رسالة...

 

" وحين الحب يحزم أشرعته على قلبكِ يا ريم سوف تنقاد مشاعركِ نحوي وتهرعين إلي حتى تحت زخات المطر "

 

كنت أراقبها عن كثب واتساؤل هل رأت الرسالة وعندما قلبت مفكرتها وكانت متسمرة تقرأ العبارة التي تعلو الورقة...

 

رأيتها تفتح حقيبتها وتمسك القلم وتكتب في نفس الرسالة وشغف الفضول يقبع بداخلي استدارت وكانت مقبلة نحوي؛ ضربات قلبي تتسارع؛وأتساءل في الثانية مائة سؤال..؟!

 

يا ترى ماذا كتبت..؟ وماذا سوف تفعل..؟ بماذا توحي تقاسيم وجهها..؟ ماهي ردة فعلها..؟؟

حتى وصلت والعرق يتصبب من ناصيتي ولا أعلم ماهي النهاية..؟!!

بكل صمت مدت يدها تسلمني الرسالة مددت يدي وتلقيتها ذهبت بخطوات كبريائية وخلفها روح أنثى أساطيرية...

 

فتحت الرسالة وجدت حروفها الجميلة التي تشبه ملامح ابتسامتها...

 

كتبت قائلة:

" إذا أردت أنثى بأوصاف العفة أطرق الباب "

 

عادت لي روح الفرح في تلك اللحظة وبريق سعادة عيني بقبولها منذُ سنوات دراستنا الأولى، أدركت أن ريم اختارت الوقت المناسب برجاحة عقلها وأخلاقها..اختارت متى يكون ردها حينما أدركت سنتنا الأخيرة من جامعتنا؛ لم أندم يوما بأنني اخترتها؛

هرعت أطرق باب منزلنا لأخبر عائلتي ليذهبوا ويطلبوا يدها العفيفة...

 

الكل كان يتراقص مع سعادتي...

طرقوا باب ريم واستقبلتهم عائلتها المتواضعة وجرت الأمور حسب المبتغى...

ريم من اليوم أصبحت أعلو قلبها وأتمسك بشراك حياتها بخاتم يعلو يمينها...

الكل من الأصدقاء والدكاترة انهلوا بالمباركات والسعادة مع سعادتنا؛أيام ونقضى نحب سنواتنا الدراسية ونخرجنا..ولم ألتحق بأي عمل حاولت البحث مرارا وتكرارا، كمهندس لابد أن توطأ قدمه بالعمل بعد سنوات التعب؛لكنها كالعادة في مجتمعنا تتخرج والشهادة يعلوها غبار الدولاب ويطمس على أحرفها...

 

هناك إعلان بأن نلتحق بالجيش؛تحدثت بالمساء مع ريم أخبرها بأن علي أن ألتحق وأسجل بالجيش ولأن أبواب الفرص تغلقت أمام أحلامي وما علي إلا أن أجتهد لبناء مستقبلي وأتي بكِ كعروس، ريم أنهلت علي بكلمات الرفض والتوبيخ وعدم الموافقة لهذه الوظيفة..وأسدلت دمعاتها تشق مسار الخوف وكلمات النصح بأنها عبارة عن بيعات ومهلكة لشباب الوطن...

 

قالت لي: " من يريد الموت بسهولة ويذهب له بكلتي قدميه ليلتحق بالجيش في وضعنا الراهن؛ مدعيا الشهادة والدخول إلى أبواب الجنة كما يزعمون يفجرون أنفسهم وسط أبرياء الجيش..صرخت عليها بكلماتي سألتحق شئتِ أم أبيتِ لم أجد منفدا غير هذه الوظيفة،في صباح اليوم التحقت بالجيش وآلات الامور على ما يرام...

 

أجرت لي مكالمة هاتفية للحاق بالمعركة في الحدود...

حملت عدتي وغادرت ودموع ريم لم أنسها لكنني  كنت تائها المسار وفي نصف الطريق تعالت الأصوات والطلقات النارية وسمعت صوت الأنفجار يعلو...صرخت  من شدة الألم وأغمي علي؛ فلم أعِ إلا على صوت ريم..!!

 

حمداً لله على بقائك على قيد الحياة وعيناها تنهمل بدموع تحسست جسدي ولخفة التي شعرت بها..؟!!

 

ريم هل قدمي بترت..؟!!

 

أحمد... بترت قدمك وزرعت فسيلة في الجنة؛ بترت قدمك وها أنا فسيلة حبك التي نبتت على حياتك ولم تذبل...

 

من يومها زرعت ريم كفسيلة في قلبي وكانت عكازي الآخر التي أتكئ عليها في بقيتي...

 

" نزرع فسيلة حب الوطن في تربة قلوبنا ويزرعون قنبلة الموت على أرواح الوطن "