آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-09:21ص

ملفات وتحقيقات


تقرير : بيع الملابس العسكرية في الأسواق .. بقاء الجريمة والسطو المسلح

الثلاثاء - 08 أغسطس 2017 - 09:36 ص بتوقيت عدن

تقرير : بيع الملابس العسكرية في الأسواق .. بقاء الجريمة والسطو المسلح
صورة ارشيفية لقوة امنية داهمة احد الاماكن التي تباع فيها الملابس العسكرية بعدن

عدن (عدن الغد)خاص:

تقرير :  محمد الحنشي

في كافة بلدان العالم؛ يمنع بيع الملابس العسكرية، ويجرم من يحاول بيعها وتتخذ ضده إجراءات شديدة، قد تصل الى السجن لسنوات عديدة، كونها تعتبر ابرز الظواهر المخلة بأمن البلد، وتسهل للمجرمين أعمالهم!

في بلادنا، طوال السنوات الماضية كان من المستحيل إيجاد ملابس عسكرية تباع في الأسواق، وكان الحصول عليها أمرا صعبا الى ان جاءت الحرب الأخيرة التي شنتها جماعة الحوثي وقوات المخلوع على المحافظات الجنوبية، وما لحقها من تدمير للمعسكرات والوحدات الأمنية، اصبح بعدها من السهل الحصول على ملابس عسكرية وأمنية من الاسواق والباعة المتجولين في الشوارع، بل وحتى من المجندين في المعسكرات.

في محافظة عدن - وحدها- كانت هناك عدة اعمال ارهابية وعمليات سطو مسلح كان العامل المشترك ارتداء المنفذين لها اللباس العسكري، وهذا ما سهل لهم الوصول الى أهدافهم.

يتساءل المواطنون في العاصمة عدن عن كيف يتم توزيع هذه الملابس الى المعسكرات، وكيف تخرج الى الأسواق، ولماذا يقبل قادات الألوية بأن تخرج هذه الملابس وتباع امام مرأى ومسمع من كافة القوات الأمنية والعسكرية في المحافظة؟!

يدرك جيدا كافة القادة في المعسكرات خطورة بيع تلك الملابس والاحذية العسكرية في الأسواق، وكيف تتحصل عليها العصابات والجماعات المسلحة التي تستخدمها في عملياتها ضدهم.

مواطنون طالبوا قادات الألوية بتشكيل لجان حصر ومعرفة اين تذهب، ومن الذي قام  بإخراجها وبيعها في الاسواق واتخاذ عقوبات شديدة على كل من تثبت عليه انه تهاون او تعاون في إخراجها.

في ظل هذا التوزيع العشوائي من قبل الجهات المختصة بتوزيع الملابس العسكرية لا تزال معسكرات ووحدات أمنية  افرادها يرتدون الملابس المدنية، وحين تسألهم: لماذا يقولون لم يتم صرف لنا الملابس العسكرية من قبل وزارة الدفاع ومكتب شؤون الافراد؟

العمليات الإرهابية

لطالما ارتدى منفذو العمليات الإرهابية الملابس العسكرية، في كافة عملياتهم التي قاموا بها، سواء في العاصمة عدن او في غيرها من المناطق التي استهدفها الإرهابيون بعملياتهم وراح ضحيتها العشرات من المدنيين والعسكريين.

يرى مواطنون في محافظة عدن  ان احد ابرز نجاحات الإرهابيين في عملياتهم هي سهولة الحصول على الملابس العسكرية التي تباع  في الأسواق العامة، وبصورة شبه شرعية وبمعرفة قوات الأمن في المدينة.

في  كل العمليات التي استهدفت القوات الأمنية والعسكرية في محافظة عدن استخدم الإرهابيون الملابس العسكرية، وهذا ما سهل لهم العبور في كافة النقاط الأمنية والعسكرية دون ان يعترضهم احد وهم يرتدون هذه الملابس، التي تعتبر جواز عبور في المحافظة.

السطو المسلح !

شهدت محافظ عدن في الأشهر الماضية عددا من عمليات السطو المسلح التي استهدفت بعض البنوك وكذا محلات الصرافة، كما استهدفت تلك العمليات بعض المحلات التي يمتلكها مواطنون خاصة في مديريتي المنصورة والشيخ عثمان والتي كان العامل المشترك فيها ارتداء العصابة اللباس العسكري خلال العمليات.

في الثالث من يوليو الماضي اقتحمت جماعة مسلحة ترتدي ملابس عسكرية مبنى فرع البنك الأهلي بمديرية المنصورة، وقامت بسرقة الكثير من المحتويات والمال من البنك، كما تعرض مدير عام البنك عبدالله سالم النقيب للإصابة في هذه العملية ليفارق الحياة بعد يومين في احد المستشفيات بمحافظة عدن .

بعد هذه العملية؛ قامت قوات الأمن بمداهمة هذه المجموعة وأعلنت إدارة الأمن بالمحافظة عن إلقائها القبض على تلك العصابة وبثت فيديوهات لاعترافات عدد من المتهمين الذين اعترفوا  بجريمتهم.

وبعد ايام من عملية السطو المسلح على البنك الأهلي بالمنصورة تعرض محل صرافة للشركة  العمقي بمديرية الشيخ عثمان من قبل عصابة مسلحة ترتدي ملابس عسكرية، وقامت بالسطو على مبلغ 20 مليون ريال يمني.

بعد هذه العمليات؛ أعلنت البنوك ومحلات الصرافة عن إغلاق أبوابها احتجاجا على عمليات السطو التي تتعرض لها مطالبين بحمايتهم من قبل قوات الأمن، وبعد تحركات حكومية ووعود بحمايتهم عادة البنوك ومحلات الصرافة الى فتح أبوابها للعملاء.

وقبل ايام قليلة؛ قامت مجموعة مسلحة ترتدي الملابس العسكرية بالسطو المسلح على محل مجوهرات في مديرية الشيخ عثمان وقامت بأخذ المبالغ المالية والمجوهرات من المحل وتحت تهديد السلاح .

 تنقل تلك العصابة المسلحة وبالزي العسكري في المدينة اخاف التجار والمواطنين من تكرارها، في ظل عدم التحرك لمنع السلاح وبيع واستخدام الملابس العسكرية، مشددين على ضرورة إيقاف  بيع هذه الملابس التي تستخدمها هذه العصابات للسطو والاغتيالات وزعزعة الأمن والاستقرار في المدينة.

ابتزاز المواطنين!

بعد سهولة الحصول على الملابس العسكرية والعشوائية في عمل القوات العسكرية؛ شرعت العديد من المجموعات - التي تقول انها تنتمي الى المقاومة - بارتداء اللباس العسكري واستحداث نقاط بعضها لابتزاز الشاحنات والمسافرين، خاصة في بعض المحافظات المجاورة لعدن.

يشتكي الكثير من المسافرين في عدد  من المحافظات من ابتزاز بعض النقاط العسكرية، وحين يتم السؤال الى اي معسكر او وحدة عسكرية ينتمي افراد هذه النقطة تجد الإجابة أنهم لا يعرفون وإنهم يتبعون قياديا في المقاومة وتحصلوا على لباس عسكري وقاموا بابتزاز المسافرين، بل وصلت الى قتل بعض من يرفض إعطاءهم  "حق النقطة" .

مطالبات بإيقاف بيع الملابس العسكرية بالأسواق واتخاذ إجراءات صارمة

مع انتشار الظاهرة في العاصمة عدن تعالت أصوات من مواطنين ونشطاء وشخصيات عسكرية واجتماعية بسرعة التحرك لإيقاف بيعها بالأسواق مطالبين إدارة الأمن بالمحافظة مداهمة  هذه الأسواق والقبض على كل من يبيعها واتخاذ الإجراءات الصارمة .

وكتب عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي عن ظاهرة بيع الملابس العسكرية وإنها كانت ولا تزال ابرز أسباب نجاح العمليات الإرهابية والسطو المسلح والاغتيالات، وان إيقافها ووضع حد لمن يقوم ببيعها سينهي كافة الاعمال التي تسعى من خلالها اطراف خارجية لزعزعة الأمن والاستقرار في العاصمة عدن .

  في ختام تقريرينا عن هذه الظاهرة؛ تحدث لنا احمد سالم، جندي في احد الألوية بمحافظة عدن، حيث قال :  انا مجند في احد الألوية في العاصمة عدن حيث قامت قيادة اللواء بصرف الملابس العسكرية للمجندين لكن هناك بعض التلاعب والعشوائية في توزيعها بين المجندين .

وأضاف : في يوم توزيع الملابس العسكرية علينا تحصل البعض منا بينما  تم تجاهل الكثير من المجندين من الملابس بحجة نقصها .

وأشار المجند سالم - في حديثه لـ (عدن الغد)- ان بعض المجندين ممن لديهم معرفة وقرابة بالقادة العسكريين تحصلوا على اكثر من (دريس) عسكري وقاموا ببيعها في الاسواق .

واختتم حديثه بالقول: كل هذه الاشكالات التي تسببت بوصول الملابس العسكرية الى الاسواق وبيعها يتحملها  القادة في الألوية في المحافظة فهم من يوزعونها بدون رقابة! متسائلا: الى اين تذهب؟ ومع من؟ كما انها لا توجد تشديدات على اللباس العسكري او اي عقوبة على من يقوم ببيعه خاصة ان كان من المقربين الى القادة في المعسكرات.