آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

ملفات وتحقيقات


باب السَلَبْ.. المدخل الوحيد إلى شبة جزيرة عدن

الأربعاء - 24 مايو 2017 - 11:54 ص بتوقيت عدن

باب السَلَبْ.. المدخل الوحيد إلى شبة جزيرة عدن

ابين (عدن الغد)خاص:

 

ذكريات يرويها الأستاذ : منصور محمد العطوي

 

إعداد:  نايف زين ناصر وأحمد يسلم صالح

 

كان القادم إلى شبه الجزيرة عدن يمر أمام جبل حديد قبل شق الطريق البحري بجانب مبنى محكمة صيرة .. ومن كان يقصد عدن القديمة يلزمه الدخول مباشرة معسكر جبل حديد مروراً بالنفق تحت الجبل وصولاً إلى شارع الملكة أروى .. أما القادمون إليها من المعلا والتواهي فيسلكون طريق العقبة مروراً بسدة عدن التاريخية وجسرها المعلق الذي يربط جبل حديد من الشرق وجبل شمسان من الغرب وقد فُجّرَ ذلك الجسر مع الأسف بعد عام 1967م بهدف توسيع طريق مدخل المدينة « يريد يكحلها عور عينها » كما يقول المثل الشعبي.

     وفي عهد الاحتلال البريطاني كان تجاراً من الريف يدخلون عدن لشراء متطلباتهم يحلقهم الجمّالة محملين على ظهور جمالهم الفحم والحطب والقصب ويعلقون مساقي من جلود الغنم على ظهور الجمال فيها الماء للشرب خلال رحلة السفر الطويل.

     ولحفــظ الأمــن أسســـت بريطانيا مــركــــــزاً أمنياً في الساحــــة الواقعـــــة أمــــــام جبـــــــل حديد بهدف استلام " سَلَبْ " القادمين إلى عدن من بنادق الجرمل والهرتي القديم والجنابي والسكاكين وحتى فأس الحطب وإعطاء سنداً رسمياً يحتفظ به وعند مغادرته عدن يأخذ منه السند ويُعاد له السَلَبْ ولهذا أطلق على تلك المنطقة باب السَلَبْ« منطقة إيداع السلاح » .. وخصصت الحكومة محطة لمبيت القادمين من التجار والجمالة ومبرك للجمال يقع شرق وجنوب عقبة المعلا الخالية في ذلك الوقت من السكان والمباني .. وبالقرب من المحطة ترسوا السفن الشراعية القديمة التي تجلب البضاعة إلى عدن وتنقل الفحم والحطب للدول خارج عدن.

     وكانت السفن الشراعية الراسية في رصيف المعلا والبحارة والمسافرين على سطحها تحت أشعة الشمس الحارقة وهم يطبخون معيشهم على الفحم أو الحطب في براميل خوفاً من الحريق .. وفي مؤخرة السفينة « حدّث ولا حرج » تشاهدهم يقضون حاجتهم إلى البحر من على سطحها .. وبعد إبحارها من الميناء تشاهد الركاب يلوحون بأيديهم مودعين الواقفين على الرصيف .. وبعد أيام من إبحارها يفاجئ المشاهد بعودة السفينة بركابها جميعاً إذ سلموا من السقوط إلى البحر بسبب شدة الرياح والعواصف التي تتغاذفها من جزيرة إلى أخرى وإعادتها إلى عدن بعد تجاوزها الخليج وبحر العرب.

محطة باب السَلَبْ :يقضي التجار وقتهم في انتظار توريد بضاعتهم المطلوب شراءها وينتظر الجمّالة بيع فحمهم وحطبهم .. وعند حلول المساء يطبخون على النار الخبز والسمك ويشربون قهوة البُن اليافعي وبعد ذلك يجلسون في حلقات يتبادلون فيها الأخبار والقصص والشعر والحِكَمْ ويرددون الدان وهم قعود ثم يقومون وينتظمون في صفوف يرقصون في صفين متقابلين يرقصون وبأقدامهم يرزحون يتقدمون وإلى الخلف يرجعون وبالأكُف يصفقون ومن شدة الرقص يرهقون وعلى الأرض يتمددون للنوم داخل المثاني يخلدون (كيس من كار) يخلس الشخص مخزمته ويضعها وسادة تحت رأسه ويغطي جسمه العاري وقاية من البرد والحشرات والبعوض.

     وبعد بيع الفحم والحطب ويوفر التاجر للجمال الحمول ويشدّوا الحمول على الجمال وعند مركز باب السَلَبْ يعيدوا لمسئول المركز سند الاستلام ويستعيدون سلاحهم (دون دفع حق الحفاظة .. كما يحصل هذه الأيام في عدن) وفي طريق العودة إلى الريف بالحمول يدفع الضريبة أولاً في جمرك العَلَمْ وثانياً في جمرك جعار.

     وبعد بناء الميناء الحديث وموقعه العالمي المشهور والتي ساهمت وكالات تجارية عالمية وشركات (البس) بتطوير مدينة عدن وميناءها ومطارها وهبوط أحدث الطائرات وصار الميناء ومطارها محطة (ترانزيت) ووجود الأمن والنظام .. تطورت عدن وبني رصيف نادي البحارة والسواح في مدينة التواهي حيث كان يستقبل مراكب السواح القادمة من الشرق والغرب وأصبحت عدن مدينة ومنطقة حرّة وبنيت فيها القليل من الفنادق منها فندق الصخرة وفندق الجزيرة وسوفت هوتيل المدمّر حالياً في خور مكسر  والذي نزلت فيه لجنة الأمم المتحدة قبل جلاء بريطانيا من عدن وأعلنت حق الجنوب في الاستقلال .. وأشهر تلك الفنادق فندق الهلال في مدينة التواهي والتي قضت فيه الملكة اليزابيث أجمل أيام عمرها شهر العسل مفضلة عدن على غيرها من المستعمرات البريطانية الكثيرة في ذلك الوقت وافتتحت خلال وجودها في عدن مستشفى الملكة اليزابيث (الجمهورية حالياً) المزدحم بالمرضى والخالي من الدواء.

     وبقدوم المراكب الكبيرة والحديثة إلى عدن اختفت السفن الشراعية العتيقة واستوردت وسائل النقل الحديثة وبعد الاستقلال شُقت الطرقات إلى كل سهل وجبل واختفت الجمال من الريف والمدن كما اختفت الخيول من الوجود قبلها .. وفي المناطق الجبلية من الريف اختفت البقر والعجول واحتفظت بها المدن الساحلية وريفها ولا زال للحمير وجود وهي تتصارع مع الدراجات النارية والعربات حتى في الجبال والريف ومن المتوقع تغلّب الدراجات على الحمير وتلحق بها الهزيمة كما هزمت الجمال  أما مواشي الماعز والضأن فصامدون رغم حرب السكاكين ونزيف دمها كل دقيقة وساعة بتشجيع من المستفيدين من عظامها ومخلفات فضلاتها من براميل القمامة وهي القطط والكلاب .. هكذا الحياة دائماً فيها صراع على البقاء القوي يأكل الضعيف .. والضعيف يسلم أمره للقوي.

جاء المركب الحديث ..واختفت السفينة الشراعية القديمة من ميناء عدن.

ظهرت السيارات .. واستغنى التجار عن خدمة الجمال.

جاءت الدراجات النارية بعربتها .. وهددت خدمة الحمير في القرى.

الدول الكبرى تختلق الأزمات بين الشعوب من أجل الاستفادة من قيمة بيع السلاح.

ويذبح العربي أخوة المسلم العربي بهذا السلاح وينعته بالخيانة والعمّالة والجميع عملاء وخونه.

روسيا هناك في سوريا باسم الحماية والدفاع عن الموانئ المتواجدة فيها قواعدها وسفنها لحماية هذا البلد الصديق.

وهنا صديقنا التاجر الرئيس (ترامب) يدق مسامير صلبة بين الزعماء العرب الأغبياء.

ربنا يجنب الشعوب المقهورة شرهم.