آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-09:59ص

ملفات وتحقيقات


تقرير : جمل الصهاريج في عدن.. يسأل عن ديّته !

السبت - 18 فبراير 2017 - 01:00 م بتوقيت عدن

تقرير : جمل الصهاريج في عدن.. يسأل عن ديّته !

تقرير : عمر محمد حسن

ارتبط اسم مدينة عدن بالتاريخ العريق كأقدم المدن الأثرية في العالم إلى جانب مدن أخرى تنتمي للعصر القديم ؛ فالتاريخ هنا سجدة مرسومة على ناصية عشرات المواقع الأثرية في مدينة تزاحمت أقلام المؤرخين على تدوينها في بطون كتب التاريخ فكانت هي نفسها المدينة التي تحتضن جميع الطوائف وتؤمن بتعدد الأديان إلى وقتٍ قريب فمازال صهاريج الطويلة وخليج الفيل ومنارة عدن التاريخية وقلعة صيرة وساعة ’’بغ بن‘‘ وقصر السلطان العبدلي والمتحف الحربي وسواحل المدينة الزرقاء ومطارها وميناءها الضارب جذوره في التاريخ وعشرات الشواهد التاريخية خير دليل إلى جانب الكنائيس والمساجد والمعابد اليهودية والفارسية وبنايات ’’المُعلى‘‘.

ما إن وضعت الحرب أوزارها وانحسر أمل العدوان ’’الحوثي‘‘بالسيطرة على مدينة عدن بعد ’’132‘‘ يوماً من استباحة المدينة ؛ أعُلن عن تحرير المدينة في الـ’’17‘‘ من يوليو/تموز من العام القبل الماضي لتعود الحياة إلى سابق عدها من جديد.

ومنذً ذلك التاريخ ’’مركز تراث عدن‘‘ يدشن ونشطاء ومثقفين في المدينة مهرجانات ثقافية بعنوان ’’الوفاء لمدينة عدن التاريخ والتراث‘‘ للعام الثالث على التوالي على مسرح ’’ًصهاريج الطويلة‘‘ والذي من شأنه إبراز مفاتن المدينة والتراث العدني والموروث الشعبي في ’’بازار‘‘ يحضره الآلاف من مختلف مديرية محافظة عدن.

وبحلول الاحتفالية الثالثة في مهرجان الوفاء لعدن السنوي للعام ’’2017م‘‘ أقيم الاثنين الماضي 13 فبراير/شباط من العام الجاري المهرجان الثقافي كالعادة فتوافد الأهالي فغاصت أخاديد الصهاريج بالبشر كما لو كانت مكة أخرى كما يحلو لأبناء المدينة القديمة تسميتها.

وضمن فقرات المهرجان : إبراز العادات القديمة للمدينة القديمة فقررت اللجنة المنظمة للمهرجان إدخال ’’الجِمال‘‘ كمحاكاة لوقع عدن قديماً عندما كان جلب الماء من الآبار إلى المنازل من سمات ’’الجِمال‘‘ الذي أتخذه الناس بمدينة عدن لهذا الغرض وأغراض أخرى كنقل البضائع  ومواد البناء وفي تنقل المواطنين بالإضافة إلى استخدامه في المناسبات ’’الفرائحية‘‘ كالأعياد وألعاب الصغار.

وجلبت اللجنة المنظمة للحفل عدد ’’3‘‘ جِمال من منطقة ’’السيلة‘‘ بالشيخ عثمان _نقطة تجمع الجِمال_ على أن يتقاضى الثلاثة الجّمالة مبلغ وقدره ’’30000‘‘ ريال أجرة مشاركتهم في الحفل الثقافي _أي_ بواقع ’’10000‘‘ ريال لكل جمل ؛ وحملت _الجِمال_ على متنها صهاريج الماء تجسيداً للصورة القديمة للجمل ’’الوراد‘‘ الذي عرفته المدينة منذُ مئات السنين فتخلل المهرجان عرضاً كان للجمال دور البطولة فابتسم الآلاف من الحاضرين لهكذا مشهد إلا أن  ابتسامة الحاضرين لم تكتمل بسبب اشتباكات مسلحة حالت دون اكتمال الفرحة والتي وقعت بين مرافقي ’’مأمور‘‘ مديرية صيرة ’’خالد سيدو‘‘ ومسلحين.

وعلى واقع الاشتباكات ؛ ذهب أحد الجِمال الثلاثة قتيلاً من خلال اختراق رقبته بمحاذاة الرأس فأردته قتيلاً على الفور ليذرف مالك الجمال ’’ناجي الجّمال‘‘ دموع فراق صديق وصداقة عمرها سنوات إلا أن جنس الجمل القتيل هو بالأساس ’’أنثى الجمل‘‘ أي _ناقة_سبق للرجل الذي يعمل جمالاً منذُ الصِغر أن اشتراها من محافظة أبين حسب ’’الجمال ناجي‘‘ الذي قال أنها قتلت وهي حامل مما زاد من حسرته وتندمه.

صاحب الجمل يصف ؛ إن مقتل جمله كانت وما تزال فاجعة حيث كانت كفيلة بتحويله إلى عاطل عن العمل وثلاث أسر يعولها تحولت إلى معدمة كون الجمل كان مصدر دخلهم الوحيد والذي ومن خلاله كانت أسره الكبيرة تقتات ما قدره 2500 ريال يمني يومياً مما أدخار من عمل الجمل في السوق ولهذا الجمل ذكريات حسنة كونه مصدر دخل الأسرة الوحيد‘‘.

كالصياد الذي يخرج كل صباح إلى رزقه ؛ عادة أعتاد عليها الجّمالة بسوق ’’الجملة‘‘ بمديرية الشيخ عثمان والتي يغلب عليها الجانب التجاري و’’ناجي الجّمال‘‘ واحد من هؤلاء الذي يعمل بمبلغ ’’2500‘‘ ريال يمني _يومياً_ ما يعادل  ’’8 ‘‘دولارات في اليوم _أي_ بواقع’’75000‘‘ ريال يمني ما يعادل ’’240‘‘ دولاراً في الشهر وهذا المبلغ لا يكفي لإعالة أسرة واحدة في ظل غلا فاحش في أسعار المعيشة _ناهيك_ عن التدهور الاقتصادي في أسعار العملة المحلية ويقتصر عمل ’’الجاري جمل‘‘ في نقل البضائع.

السلطة المحلية بمدرية ’’صيرة‘‘ كانت في صدد رفد المهرجان بمبلغ ’’300000‘‘ ريال يمني إلا أن هذا المبلغ تحول إلى تعويض لصاحب الجمل وبعد خصم مبلغ ’’45000‘‘ ريال كضريبة أعطيت لصاحب الجمل الذي قال أن هذا المبلغ لا يكفي لشراء جمل بدلاً عن جمله القتيل كون شراء جملاً أخر يتطلب مبلغ ’’450000‘‘ريال يمني والمبلغ الذي أعطيّ له بلغ ’’255000‘‘ ريال _أي_ أن ’’195,000‘‘ ريال سُجل كعجز.

رئيس مركز تراث عدن ومنظم الحفل الناشط العدني ’’وديع أمان‘‘ أكد ؛ أنه كان من المقرر أن يكون مبلغ ’’255,000‘‘ التي تسلمها من السلطة المحلية في المديرية كدعماً للمهرجان  أعطاها لصاحب الجمل القتيل‘‘.

وبدوره ’’وديع أمان‘‘ دعا أصحاب الخير لمساعدة صاحب الجمل لاستيفاء المبلغ وتمكنه من شراء جملاً أخر فيما أضحت قضية مقتل الجمل أشبة بقضية رأي عام محلي بمحافظة عدن فضجت الكثير من الأقلام وكتب الصحفيين وأسهب النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بوجوب مساعدة ‘‘الجّمال ناجي‘‘ كي يتمكن من شراء جملاً أخر.

ولا يقتصر عمل ’’الجاري جمل‘‘ على نقل البضائع فحسب _بل_ يدخل الجِمال في الفعليان أكانت ثقافية أو مناسبات دينية كأعياد الفطر والأضحى بمختلف مديريات محافظة عدن الثمان فيفضل الأطفال ركوب الجِمال وعلى إيقاع المناسبات ليلبس الجِمال معها الحناء ليشارك الصغار فرحتهم كجرس موسيقي تبتسم العين رؤيته.