آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-10:27م

ملفات وتحقيقات


تحقيق: يهود حبان شبوة.. رغم بُعد المسافات ما زالوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم البدوية

الأحد - 22 يناير 2017 - 05:53 م بتوقيت عدن

تحقيق: يهود حبان شبوة.. رغم بُعد المسافات ما زالوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم البدوية
يرتدي هذا الرجل اليهودي الملابس البدوية لمنطقة شبوة جنوب اليمن

(عدن الغد) خاص:

تقرير: جعفر عاتق

مدينة حبان تقع في محافظة شبوة جنوب اليمن وكانت تضم جالية يهودية قبل عقود من الآن، لكن تواجد اليهود في حبان اختفاء مع هجرة اليهود الى فلسطين بعد الاستيطان اليهودي لها في أواخر اربعينيات القرن العشرين.

لازال الكثير من يهود حبان شبوه متمسكين حتى يومنا هذا بعاداتهم  وتقاليدهم البدوية في إسرائيل، . وفي الصورة يرتدي هذا الرجل  الملابس البدوية لمنطقة شبوه، من خلال ربطة الرأس العولقية،  والداجر ( الجنبية) العولقية، بالإضافة إلى الفريكا العولقية التي  كان بدو شبوه يضعونها على أكتافهم، كما أن البعض من يهود شبوه  خصوصاً كبار السن لا زالوا حتى اليوم وفي إسرائيل يستخدمون الراشبا العولقية وهي أشبه بالهوكاه التي نعرفها اليوم، لكنها مصنوعة يدوياً من  حبة جوز الهند وعصي قصب السكر أو الخيزران. حظي اليهود  في تلك المناطق البدوية بالكثير من الإحترام والكرم وعدم المساس بمعتقداتهم.

كانت الأسر الكبرى من يهود حبان، هي معاتوف، معاتوف-دوه، هليل، شماخ، مايفاعي، وعدني. وقد عملوا بالكثير من المهن وشملت المهن التقليدية الفضة والحدادين والصاغة، وصنع الأواني المنزلية، والرجال العاملين وخاصة في تجارة المسافات الطويلة.

في القرن 16 وبفضل نصيحة من اليهودي الحباني سليمان الحكيم حصل اليهود على قطعة أرض خاصة بهم في حبان. في أواخر القرن 17 ضرب الجفاف الشديد حبان مما أدى إلى تغييرات ديموغرافية كبيرة. وقعت الأسر الحبانية تحت ضغوط مكثفة لإعادة الإنتاج للمساعدة في إعادة الناس إلى المجتمع على الرغم من النقص الحاد في النساء. ولكن أهم أثر للجفاف كان نزوح واسع النطاق ليهود حبان إلى جميع أنحاء اليمن وخارجها.

التقاليد الدينية:

في حبان كان هناك معبدين لليهود مقسمين بين العائلتين اليهوديتين الكبيرتين معاتوف وهليل، وكان المعبد الأقدم تابع لأسرة هليل بينما بين عالة معاتوف كنيس جديد. يتردد على كنيس أسرة هليل أفراد من عائلات شماخ، مايفاعي، وعدني، الكنيس لم يخدم سوى غرض صلاة الجماعة خلال يوم السبت.

كان يهود حبان على الرغم من عزلهم عن معظم الجاليات اليهودية اليمنية قادرين على الحفاظ على مستويات مختلفة من الاتصال مع السكان اليهود في الشمال وتوجد صفات مشتركة أكبر بينهما. ملكوا النصوص الدينية مثل التلمود، الميشناه التوراة، أروكه، واجبات القلب. 

حتى موعد الهجرة إلى إسرائيل فإن يهود حبان لا يمتلكون العديد من النصوص المكتوبة ويرجع ذلك إلى عدد من العوامل مثل السفر المستمر من الرجال من مجتمعاتهم فضلا عن سرقة نصوصها الموجودة لديهم، من أجل سد الفجوة قام الحاخام شالوم اسحق معاتوف دوه بتجميع كتاب الصلاة استنادا إلى تقاليد حبان بالإضافة إلى تقاليد المجتمعات اليمنية والشامية كذلك. وقال انه لم يعش ليرى الطبعة الأولى من السيدور له ولكن تم الانتهاء من العمل من قبل ابنائه وابنه في القانون أفنير معاتوف.

وقبل عدة أسابيع من عيد الفسح يبدا يهود حبان في الاستعدادات مثل دهن جدران منازلهم باستخدام الحجر المعروف في اللغة العربية بوصفها قتات الذي يكون ذائبا في الماء ويعطي اللون الأبيض، تم جلب الأشياء المنزلية الخاصة مثل الأواني والغلايات واللوحات التي تخدم والتي كانت تستخدم على وجه التحديد فقط لعيد الفصح.

تعد المرأة الدقيق ويقوم الرجال بخبزه، يتم تجهيز خبز ماتزاه قبل يوم عيد الفصح بعد منتصف النهار مع تلاوات مختلفة من تسبيحة صلاة في مجموعات، تتكون المجموعة الأولى من الغناء خطوط تسبيحة صلاة في حين أن المجموعة الثانية نود الإجابة مع بيان.

تواصلهم مع يهود العالم:

في عام 1912 جاء المبعوث الصهيوني شموئيل يافنئيلي من أجل التواصل مع يهود حبان الذين فكوا أسره عندما تم القبض عليه وسرقته من قبل ثمانية من البدو في جنوب اليمن. يافنئيلي كتب عن يهود حبان واصفا إياهم بالطريقة التالية:

«يحظى اليهود في هذه الأجزاء بتقدير عال من قبل الجميع في اليمن وعدن. ويقال بأنهم شجعان ودائما مع أسلحتهم والشعر الطويل البري وذكر أسماء مدنهم من قبل يهود اليمن بإعجاب كبير.»

وصف يافنئيلي مزيد من بنية المجتمع بالإشارة إلى أن عشيرة زكرياء الذين كانوا أول عشائر يهودية حبان وأنهم كانوا تجار محليين للفضة، دبغ الجلود، والترقيع.

وأشار كذلك إلى أنهم كانوا يأكلون اللحوم فقط يوم السبت وكان يعتبر حتى القهوة من الكماليات.

ووفقا للحاخام يوسف ماغوري-كوهين «كان الحبانيون أبطال أقوياء، سمعت الكثير من الشيوخ في شبابي حول الحبانيين، عن حروبهم.»

وأشار يافنئيلي أن عام 1911 لم يكن هناك سوى 60 أسرة يهودية غادرت حبان. وأشار بن إبراهيم الحباني الذي ولد في حبان وهاجر إلى إسرائيل في عام 1945 بأنه كان هناك 700 يهودي في حضرموت 450 منهم كانوا في حبان.

الهجرة من حبان:

طليعة من يهود حبان بقيادة عائلة زكرياء الذي أصبح مسئولا عن تعجيل نقل اليهود من حضرموت إلى أرض فلسطين، حسبما ذكر بأنهم يعانون من الجوع وأوامر حاكم حبان حسين عبد الله وأولاده والمال الذي اقترضوه من المسلمين بفائدة عالية.

بدأت الوكالة اليهودية عملها وغادر عدد قليل من العائلات حضرموت، بعد عام 1948 رحلت أعداد صغيرة من يهود حبان إلى عدن وكانت تضطر للقتال في بعض الأحيان حيث أن القبائل العربية تخرج لقتال اليهود على طول الطريق، ومن هناك تم نقلهم جوا بشكل جماعي إلى إسرائيل كجزء من عملية "البساط الطائر".

يصف المسار الذي اتبعه معظم الحبانيين اليهود الذين شاركوا في الجسر الجوي الإسرائيلي عملية البساط السحري:

«الطريق (إلى المطار) كان عموما في اتجاه احور، في احور سيبقون لبعض الوقت ويجمعون الطعام والمال وتستمر بعد ذلك من هناك إلى الشيخ عثمان في عدن ثم إلى مخيم حاشد وهناك سينتظرون دورهم للطائرة إلى الأرض (فلسطين). المشكلة في مخيم حاشد أنهم (السكان المحليين) لا يسمحون دائما بالدخول وليس على الجميع. ولذلك ظلت أول دفعة من المهاجرين وقتا طويلا نسبيا في الشيخ عثمان. وعندما وقعت المذبحة في عدن كانوا في خطر.»

في الاراضي المحتلة بفلسطين او ما تسمى (إسرائيل) الحبانيون اليهود استقروا في القريتين الصغيرتين كفار شاليم قرب مطار بن غوريون وبيريكيت بالقرب من تل أبيب.