آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:20م

صفحات من تاريخ عدن


صفحات من تاريخ عدن : قصة تاريخ يهود عدن

الأحد - 08 يناير 2017 - 06:17 م بتوقيت عدن

صفحات من تاريخ عدن : قصة تاريخ يهود عدن

عدن ((عدن الغد)) خاص:

كتب :عفيف السيد عبد الله

وجود اليهود في اليمن عامة وعدن خاصة قديم، ويعتبرون من أقدم الطوائف اليهودية في العالم، ويلقب يهود اليمن بالعبرية بـ ” تيمانيم”، ومن المؤكد أنهم ظهروا مقيمون في اليمن في القرن الميلادي الثاني (200م)، حين كانت قاعدة البناء الثقافي في الممالك والمناطق المحيطة بهم هي الوثنية, إذ تثبت الحفريات في مدفن "بيت شاريم" الأثري في مدينة تدمر بسوريا حيث وجدت لهم فيه على قبور وشواهد أثرية على تمركزهم في اليمن في بداية فترة الميشناة اليهودية، وهي فترة صياغة الشروح والتفاسير التي تتناول أسفار العهد القديم (الشريعة اليهودية), أي قبل أن يعتنق الحاكم اليمني ذو نواس (468م-527م) اليهودية وينشرها في اليمن ويقيم فيها أول دولة يهودية في التاريخ. وهناك آخرون من يؤكد أنهم كانوا مقيمون في اليمن قبل الميلاد بسبعة قرون. واليهودي في شريعتهم هو كل مولود يولد من أم يهودية، ولا يهتم اليهود بدعوة أحد إلى دينهم.  ويصنف الباحثون يهود اليمن ضمن طائفة المزراحيم (المشارقة) والبعض يجعلهم من السفارديم، ومنهم من أعتبر اليهود اليمنيين قسما منفصلا للغتهم وعاداتهم وتقاليدهم الدينية الخالصة التي تميزهم عن غيرهم. وكثير من الإخباريين المسلمين في العصور الأولى للإسلام كانوا من أصول يهودية يمنية مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه.

  وكانت عدن من مناطق الوجود المميز لليهود، ويهود عدن هم اليهود الذين ينحدرون من أصول عدنية ولدوا وعاشوا في عدن. فهم عدانيه من ناحية المولد واللهجة والثقافة الشعبية والارتباط العاطفي والعميق لعدن، وكانوا جزءا من المجتمع العدني، وفخورين جدا بإنتمائهم إليه. ولكن مع الإلتزامات الدينية اليهودية، بيد أنهم كانوا مناهضون للصهيونية.  ويهود عدن لديهم تاريخ شامل موثق، يميزهم عن باقي يهود العالم من النواحي الدينية والموسيقية والعادات والتقاليد الإجتماعية. ويعود تاريخ بعض شهود قبور وجدت لهم في عدن إلى القرن الثاني عشر ميلادي. وقد نشأت علاقات متقاربة في القرن العاشر بين يهود عدن ويهود بابل في مملكة ميسوبوتاميا اليهودية (العراق)، وأمتد نفوذهم إلى هناك وإلى فارس حتى القرن الثالث عشر. وقد طور المجتمع اليهودي العدني الروابط الثقافية والدينية والتجارية مع المجتمعات اليهودية الأخرى في منطقة المتوسط وما وراءها. وقد كشفت وثائق ال Genizah المذهلة في مصر التي تعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر عند العثور عليها عام 1896م، عن اتصالات وبعض الرسائل من رؤساء الأكاديميات اليهودية إلى اليهود العدنيين، وعكست تلك الوثائق المتعلقة بعدن، مجتمعاً يهودياً مزدهراً عندما كانت عدن المركز التجاري بين حدود المدن المتوسطية وفارس وأفريقيا، والشرق الأقصى. وأكدت علاقاتهم وروابطهم القوية مع المراكز اليهودية والأكاديمية المصرية، بل حتى دعمهم لتلك المراكز ماليا.

وجذب دخول الإنجليز عدن المهاجرين اليهود من بقية اليمن وحصل يهود عدن على معاملة أفضل وبلغ عددهم بعد عام 1938 ما يقارب من 5000 بهودي. ويشهد ليهود عدن مستوى تعليمهم العالي وثقافتهم الراقية ومساهماتهم الفكرية، وكانوا على إطلاع كاف على كتابات الأكاديميين اليهود في الخارج مثل المانيا وفرنسا، ولكن ينفردون عن غيرهم من التجمعات اليهودية الأخرى بإتباعهم تعليمات موسى بن ميمون إلى جانب كتابهم المقدس. وحريصين على الدوام على عدم ممارسة السياسة، وحتى عام1947 لم تتعرض الجالية اليهودية البالغ قوامها 8550 فرد من قبل لأعمال عنف يستهدف وجودهم الأصيل، وقد عاشوا في خمسة شوارع في منطقة التسوق في كريتر عرفت بالحي اليهودي وهي شارع الحمراء (شارع الملك سليمان فيما بعد) وشارع بنين (شارع حسن علي فيما بعد) وشارع الخبز (شارع السبيل فيما بعد) وشارع المعلا (شارع الشيخ عبد الله فيما بعد) وشارع الزعفران. وفي الشيخ عثمان عاشوا في شارع (حافة) اليهود في قسم (A) وفي بيوت أخرى كثيرة متفرقة في القسم، وكانت لهم أيضا بيوتهم ومحلاتهم التجارية المشهورة في التواهي والمعلا. وكان يوجد لهم نحو تسعة معابد يهودية أشهرهم المعبد الرئيس درع أبراهام. وكان لهم كثير من المدارس في عدن سواء داخل المعابد أو خارجها. وبعضهم كان يلتحق بمدارس أخرى مثل كلية عدن. 

وتمتع يهود عدن بثقل هام بطول تاريخهم حتى بداية تهجيرهم إلى فلسطين المحتلة. وقد تبنت بريطانيا تهجير 4.267 يهوديا يمنيا خلال الحرب العالمية الثانية في عامي 1943-1944، ثم خروجهم الكبير من عدن بعد إعلان قيام دولة إسرائيل تحت إشراف الوكالة اليهودية وبمساندة من بريطانيا في عملية عرفت باسم "بساط الريح"، لترحيل نحو 49 ألف يهودي من يهود اليمن إليها في الفترة من يونيو 1949 إلى سبتمبر1950, على متن طائرات أمريكية وبريطانية عبر عدن. ولكي يهاجر يهود عدن في العملية حرضت بريطانيا البوليس المسلح المحلي على القيام بأعمال عنف وشغب قُتل فيها 82 يهودي، وحرق 106 متجر يهودي من أصل 170 خلال مذبحة عدن 1947. ثم أستكمل خروج الباقي من يهود عدن والأخير في سبتمبر عام 1967 مع خروج الإنجليز النهائي من عدن. ويعيش معظمهم الآن في فلسطين المحتلة و وأمريكا وبريطانيا.