آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-03:29م

أخبار وتقارير


د. الربيعي : حل القضية الجنوبية واقع في اتجاهين استعادة الدولة أو الفيدرالية

الخميس - 25 أكتوبر 2012 - 01:02 م بتوقيت عدن

د. الربيعي :  حل القضية الجنوبية واقع في اتجاهين استعادة الدولة أو الفيدرالية
عن الوحدة اليمنية قال الدكتور فضل الربيعي : أن الوحدة التي أعلن عنها في 1990 م ليست وحدة حيوية قابلة للبقاء والاستمرار فهذه الوحدة متجذرة في الهيمنة السياسية لبعض النخب والمجموعات التي عملت منذ البداية على استبعاد كثير من القوى السياسية والاجتماعية في الشمال والجنوب على حد سواء وهذا المنهج المتجسد في الهيمنة

صنعاء ((عدن الغد)) خاص :

قدم الدكتور فضل الربيعي أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة عدن رئيس مركز مدار للدراسات" منظمة غير حكومية " ورقة عمل علمية في ندوة القضية الجنوبية عنوان الورقة " مدخل لفهم قضية الجنوب وحراكه السلمي " التي انعقدت في صنعاء 20-21 أكتوبر 2012م ونظمها منتدى الحوار وتنمية الحريات  .

 

وقال الدكتور الربيعي أن قضية الجنوب وحراكه السلمي لم يحظى بأي اهتمام من حيث البحت والدراسة من قبل الباحثين ومراكز الدراسات في اليمن وخارجه رغم أهميتها وحجم تلك الاحتجاجات التي دفع الجنوب فيها حوالي 800 شهيد وآلاف الجرحى والمعتقلين.

 

وأشار إلى أن قضية الجنوب ليست قضية مطلبيه كما يصورها النظام السابق الحالي ، إذ سخروا إمكانياتهم  الدبلوماسية والإعلامية والمالية لتضليل الرأي العام المحلي والخارجي حولها .

 

 وأضاف أن قضية شعب الجنوب هي قضية سياسية بامتياز تمتد جذورها إلى الوحدة المعلن عنها في عام 1990 بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية والى الحرب ضد الجنوب 1994 وما تبعها من مظالم وتدمير وتجريف ممنهج لكل مقومات الجنوب البشرية والمادية.

 

عن الوحدة اليمنية قال الدكتور فضل الربيعي : أن الوحدة التي أعلن عنها في 1990 م ليست وحدة حيوية قابلة للبقاء والاستمرار فهذه الوحدة متجذرة  في الهيمنة السياسية لبعض النخب والمجموعات التي عملت منذ البداية على استبعاد كثير من القوى السياسية والاجتماعية في الشمال والجنوب على حد سواء وهذا المنهج المتجسد في الهيمنة قد أدى إلى استبعاد الشريك الأخر بالحرب 1994م . وبالحرب انتهت اتفاقيات الوحدة وتم تعديل الدستور والعودة  إلى نظام الجمهورية العربية اليمنية , والحكم بالإعدام على قيادات الجنوب فما زال حتى الآن ثلاث رؤساء جنوبيين تعاقبوا على الحكم في الجنوب منفيين في الخارج ؟؟

 

وأضاف :   لم تراعي الوحدة الخصائص الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية دية بين الجمهوريتين والنظاميين المختلفين تماماً نظام في الشمال قائم على الانفتاح الاقتصادي وحرية السوق يعتمد على الأعراف أكثر من القانون.ونظام في الجنوب تشكل الملكية العامة لوسائل الإنتاج أساس الدولة التي احتكرت كل المناشط وتقدم الخدمات للمواطنين ويعتمد على القانون أكثر من العرف.

 

وتحدث عن مفهوم الوحدة بالقول :  كان مفهوم الوحدة مختلف لدى النخب السياسية الحاكمة في الشمال والجنوب وهذا يعود إلى طبيعة التنشئة في السياسية والاجتماعية لديهما. فالوحدة بنظر النخب الجنوبية هي التي تستند إلى قيام نظام مدني يقوم على أساس الشراك بين النظاميين /الدولتين ، بينما في نظر النخب الشمالية فالوحدة هي وحدة ضم والإلحاق عوده الفراغ إلى الأصل تعتمد على المحددات الخلدونية الذي وصفها قبل ستمائة عام بالعصبوية الثلاثية  (( القبيلة والعقيدة والغنيمة))

 

 

وأوضح رئيس مركز مدار أن  الوحدة لم تستقيم على أرضية صالحة فقد اتخذت الطابع الحزبي نيابة عن الشعب فكانت الوحدة  بين حزبي المؤثر في الشمال والاشتراكي في الجنوب ولم يتم الاستفتاء عليها.وقد ظهرت الخلافات بين الشريكين منذ الوهلة الأولى بعد توقيع الإعلان عن الوحدة ولم نجد تفسير لتلك الخلافات أكثر من ما قاله عبدالله بن حسين الأحمر في مذاكرته حول تأسس حزب الإصلاح ومهمته عرقلة مشروع اتفاقيات الوحدة واتفاقه مع الرئيس صالح ، وقد لعب الإصلاح دوراً كبيراً في تأجيج الصراع بين شركاء الوحدة والتي أدت إلى حزب  مدمرة وكراثية كان الجنوب مسرحاً لها طوال 73م ، دمرت البنى التحتية وسقط خلالها آلاف الضحايا والجرحى ، و استمر ذلك التدمير الممنهج لكل منجزات الدولة السابقة في الجنوب لصالح أمراء الحرب  والقوى المتحالفة معها .

 

 

وأعاد الدكتور فضل الربيعي بالقول :  لقد كانت مماطلة الشمال لدمج القوات المسلحة والأمن تهدف الى الاحتفاظ بها لشن الحرب على الطرف الجنوبي واتضح انه كان ينوي من ذلك الانقضاض على الوحدة السلمية فالاحتفاظ بالمرجعية العسكرية لشن الحرب ضد الجنوب وهذا يدل على ان الحرب كان مخطط لها في قرار تفكير الذين قاموا بهاء ، فضلاً عن كونها ثاراً بمنطق القوى التقليدية والذي يمتد الى حرب 1972/ 1979م  بين الجمهوريتين ، كما استطاع نظام صنعاء توظيف نتائج الصراعات السابقة في الجنوب في هذه الحرب  مثل صراعات 1986م،  وهناك اكثر من 20 الف من المجاهدين العائدين من افغانستان وظفوا بالحرب على الجنوب  ، حرب استخدم فيها الفتاوى الدينية والتحريض المناطقي والقبلي تحت شعار الوحدة او الموت .

 

وأكد ان  الحرب قضت على الوحدة ومشروعها التحديثي والمدني , أن حرب صنعاء على الجنوب بعد إعلانه الوحدة مع الشمال توصف بأنها حرباً ضد الجنوب ومستقلة في الوحدة وتتجسد وظيفة الحرب بإسقاط مشروع الدولة الحديثة وبالتالي اسقاط مشروع الوحدة .

 

وأضاف أن النظر إلى الجنوب لم يتغير لدى النخب السياسية في الشمال فقد ظلت نفس تلك النظرة في منظورها التاريخي وسياقها المعاصر ، اذ بقية السياسة التي تنتهجها الحكومات قبل عام 90 وبعد 94 م هي ذاتها التي تستند على وصف الجنوب فرعاً من الأصل وكرس ذلك الخطاب السياسي والسلوك الاجتماعي لدى النخب التقليدية او تلك التي تدعي الحداثة على حداً سواء.

 

 

 

وأشار إلى أن النظام والحكومات السابقة والأحزاب السياسية أرسو مفاهيم أحادية جامدة صماء للوحدة بوصفها شي مقدس فقد حاولت هذه المفاهيم إلقاء ذلك التنوع الذي ممكن أن يشكل عامل قوة وإثراء للنظام والوحدة , وهو الأمر الذي مورس  من سابق في الشمال نفسه الذي القي التنوع الاجتماعي والطائفي ونتج عنة وعي قاصر ومشوه للواقع , مفاهيم خضعت للقوة  وأنتج عنها الضعف والدونية .

 

 

 

وقال : أن ما يمارس على الجنوب من مفاهيم تخضع لقوة الأغلبية فأنها في الأساس تهدف إضعاف الجنوب ليس إلا، ومن ثم أن مقاومتها مسالة تتحدد بالتمسك بالهوية الجنوبية والدفاع عنها خلافا لما تم في الشمال من سابق .

 

وأضاف الدكتور فضل الربيعي في ورقته أن فشل النظام في معالجة آثار الحرب وعدم الاعتراف بقضية شعب الجنوب، ونكف بتعهداته للمجتمع الدولي الذي تقدم بها بعد الحرب ومارس الظلم والتهميش والإقصاء للجنوب واعتمد منهج زرع الفتن وأحياء الثارات القبلية في الجنوب، وكرس خطابا سياسياً، وإعلامياً،  يؤلب  الشمال ضد الجنوب والعكس ، بدلاً من أن ينتبه لتلك المظالم والشكاوي ويقوم في معالجة أثار الحرب على الجنوب. ولم  يسعى لخلق  إطارا وطنياً قابل للتطبيق وإنتاج ديمقراطية سليمة للدولة الجديدة ( دولة الوحدة) قائمة على أساس التنوع، بل على عمل لتدمير الدولة في الجنوب ومنع إحداث التغيير في الشمال .

 

 

 

قال : أن منظومة الحكم التي قامت عليها الدولة بعد الحرب قد استندت على استحقاق الحرب وليس على أسس وطنية ووحدوية شاملة بل اكتنفها التعصب العسكري والحزبي والتحالف الجهوي فالتصورات  المشوهة للمجموعة الأغلبية تجاه الجنوب حاولت إلغاء الجنوب كمنظومة تاريخية وجغرافية و هوية عبر وحدة مشوهة وحدة القوة مع الشمال.هذا التشوه في الفكر  أعقل التفهم لقضية الجنوب لدى الكل في الشمال ، وكأنها لم تكن قضية وقد سمعنا الكثير من هذه الآراء مع الأسف خلال الجلسات السابقة أمس واليوم ، وحتى الآن مازال آثار هذا الفكر تفعل فعلها في الواقع إذ يعتبرها الكثير بأنها ردود أفعال مؤقتة وصاروا يسوقون هذا الفكر داخلياً وخارجياً الأمر الذي أدى إلى تمسك الجنوب بهويته الوطنية واستعادة دولته السابقة بوصفها الضمان الوحيدة للحفاظ على كيانه .

 

وأضاف : لقد  نمت في الواقع خلال 18 عام تنمية غير متكافئة حيث اختزله الدولة واليمن بوحدة كانت عناصرها غير موجودة وحدة انتقائية لمجموع المكونات الشمالية وإهمال واستبعاد مكونات الشراكة الفعلية الجنوبية فهي وحدة الواحد لا وحدة الاثنين ، مشيرا إلى أن النظام في صنعاء يتصف بالتعصب القبلي والطائفي والحزبي كمحددات سياسية تتحكم في شروط ممارسة السياسة على كل الأصعدة تجاه الجنوب وهذا أنتج واقع مرير بين الشعب بالجنوب والنظام بالشمال .

 

وقال : ظلت السلطة محتكرة في يد فئة قليلة سواء جاءوا لها  بزي الأحزاب أو القبيلة أو المدنية أو الأسرة ، ووضعت الجنوب خارج عنها تماما ، وكان تمثيل الجنوب يقوم على أساس رمزي هامشي بدون مشاركة فعالة فعملية تشكيل الحكومات السابقة كان يتم إشراك بعض من الجنوبيين فيها كطفيليين او متفرجين وليسوا شركاء متساويين وأصليين  وكان التعامل معهم يتم على هذا النحو . اذ ينظر للجنوبيين من خلال وجود مجموعات ذات مصالح نفعية فقط بينما ظلت الأغلبية مغيبه خارج المشاركة السياسية والاقتصادية وتعاملت السلطة معهم كأنهم تابعين يسهل التخلص منهم او مناوراتهم بالتحايل والنفاق السياسي والارتزاق و شراء الذمم .

 

 وخرج الدكتور في ورقته بعدة خلاصات في ورقته التي قدمها أهما :  

1.   لقد دلت جميع الشواهد على فشل الوحدة الاندماجية التي قامت بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والجمهورية العربية اليمنية عام 1990م وانه بدون حل ناجع لقضية الجنوب بما يلبي طموح الشعب الجنوبي سوف تبقى الازمة اليمنية مفتوحة ، وتدخل اليمن في مزيداً من التعقيدات ، التي تؤثر سلباً على اليمن ومصالح الاقليم والعالم اجمع .فحل قضية الجنوب لا يتم بالاجتزاء او الحاقها بقضايا الحوار المزمع قيامه في صنعاء او منح صدقات ، فالامر غير ذلك تما ما ً اذ وجب التفاوض بين الطرفين وبإشراف دولي  وهناك امثلة كثير في العالم على فض الشراكة بين الدول التي فشلت وحداتها مثل مصر وسوريا او تشيكسفاكيا التي تم فيها العودة الى او ضاعهم بسلام .

 

2.   ان الانتفاضة الشعبية العارمة في الشمال لم تؤدي الى أي نوع من التقارب بين الشمال والجنوب ، ولم يتم الاعتراف الواضح والصريح بقضية الجنوب مما جعل هذه الثورة تسير وفق سياسة النظام السابق على طريقة فرض سياسة الامر الواقع كما تم بعد حرب 1994م ، ومن المؤسف أن بعض الساسة والنخب المثقفة في المؤسسات الحديثة كالأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لم تولي أي اهتمام في التفهم والتفاهم للقضية الجنوبية ، بأبعادها المختلفة ، بل سوقوا فهماً خاطئ عن القضية الجنوبية في الداخل والخارج والتقليل منها ، والتعامل معها بصورة سطحية ، مما تنامي الإحباط وانعدام ثقة الجنوبيين من إن نتائج الثورة قد تحسن من أوضاعهم وتعالج قضيتهم وتبين للجنوبيين من انهم يواجهون ثقافة واحدة مختلفة عنهم  تقف ضد مصالحهم .

 

3.   لقد كشفت الحقائق عن عمق الانقسام النفسي والثقافي بين جهة تربطها المصلحة بالوحدة وجهة افقدتها الوحدة كل مصالحها ومقوماتها مما يستبعد دوام الوحدة او فرضها بالقوة.

 

4.    بينت الحركة الاحتجاجية السلمية في الجنوب ضعف وعجز الاحزاب السياسية المعارضة للنظام ومنظمات المجتمع المدني وموقفها السلبي من الحراك السلمي في الجنوب  وأظهرت اضطرابها الذي يتمثلّ بين خوفها من السلطة وبين الدور المطلوب منها في دعم الحراك ، الامر الذي زاد من الاستياء والشعور عند قوى الحراك السلمي الجنوبي من عدم اطمئنانهم من خطاب الثورة والقوى المعارضة في الشمال فهم مستهدفين من الكل وفي مواجهة الكل .

 

5.   هناك اتجاهين محتملة لمعالجة القضية الجنوبية، يجرى الحديث عنها بين مختلف الأوساط الاجتماعية والسياسية، تتمتع بدرجات متفاوتة من التأييد.

 

الاتجاه الأولى:  هو التحرير والاستقلال باستعادة دولة الجنوب وهو الخيار المتنامي بين صفوف الجنوبيين بصفة عامة وفي مقدمتهم جيل الشباب ، وقد عبر عنه خروج مئات الالف من الناس في المسيرات والمهرجات التي يقيمها الحراك الجنوبي منذ اكثر من سبعة اعوام في كل مناطق الجنوب ، وسقوط ألآلف من الشهداء والجرحى والمعتقلين .

الاتجاه الثاني : يرى هذا الاتجاه أن معالجة القضية الجنوبية سوف يتم من خلال أقامة دولة فيدرالية من إقليمين شمال وجنوب ، فيدرالية مشروطة بزمن محدد وبعدها يستفتى أبناء الجنوب  حول خيارهم البقاء في الوحدة أو الانفصال " حق تقرير المصير "  ولا يمثل سوى 12% تقريباً.

يمكن القول  ان كلا الاتجاهين يصبا في هدف واحد هو حق شعب الجنوب في استعادة كيانه السياسي على سيادته الوطنية ، والذي يتطلع للمجتمع  الاقليمي والعالمي ان يستوعبوا خيار الشعب المشروع كما نصت عليه كل المواثيق والعهود الدولية .  وان أي حلول مجزؤه  لن تطمئن الجنوبيين بالبته .

وفي الأخير نود التأكيد هنا على الاختلاف الجوهري في فهم قضية الجنوب بأبعادها السياسية والثقافية والأخلاقية بين  المتابع والمراقب الخارجي ولاسيما العربي ، المشبع بثقافة الوحدة والقومية، وبين  من يعيش مرارة وخبرة الواقع في الداخل الذي كان هو الضحية بسبب اندفاعه للوحدة تحت التأثير الوعي الزائف للوحدة القومية.

   فالمتابع والمهتم بقضية الجنوب ، عليه الإلمام بها، والإطلاع  بعمق عن التدمير الممنهج الذي لحق بالجنوب كتاريخ وثروة وإنسان والذي بدأ في فخ الوحدة والغزو الهمجي منذ عام 1994م، الذي أوصل الجنوب اليوم إلى غيابه الفعلي  عن الوجود ،  وتجريده من كل عناصر القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأقصاه  تماما من المعادلة والمشاركة السياسية والاقتصادية .

لذا جاءت ثورة المقاومة السلمية المتمثلة في الحراك السلمي الجنوبي التي تتكالب علية كل القوى اليوم وفي مقدمتها القوى التي اختطفت ثورة الشباب وبقايا نظام صالح.بهدف اضعاف هذه الثورة ودفن قضية الجنوب ، حيث يواجه الحراك الجنوبي السلمي والشعب في الجنوب شتى انواع القمع والتنكيل .

ملحوظة : كما عرض بعض من النقاط والقضايا التي اعتبرها اسباب للقضية بعشرين نقطة احتوت على كل الممارسات التي استهدفت الانسان وهويتة وثروته وحياته في الجنوب  وهي ضمن الورق ة التي تشمل 30 صفحة .

 

 د. فضل الربيعي

استاذ علم الاجتماع المشارك / بجامعة عدن

رئيس مركز مدار للدراسات" منظمة غير حكومية "