آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:22ص

ملفات وتحقيقات


أوصدت الباب على نفسها .. أسرة في عدن تقدس الحجارة !

الثلاثاء - 14 ديسمبر 2010 - 01:44 م بتوقيت عدن

أوصدت الباب على نفسها .. أسرة في عدن تقدس الحجارة !
صورة لباحة المنزل وتظهر فيه اكوام الاحجار ومدخل صغير الى داخل المنزل كثافة الاحجار خاص ((عدن الغد ))

عدن(( عدن الغد)) خاص:


قبل أشهر تحدثت الصحافة في عدن عن أسرة بمديرية المنصورة أوصدت أبواب شقتها منذ 15 عام وانطوت على نفسها تاركة كل شيء خلفها ، لم تهتم هذه الأسرة بكل مايدور حولها وانصب كل اهتمامها على مايدور داخل أركان شقتهم الصغيرة بحي حاشد السكني إلى الغرب من المنصورة.


حينما نشرت الصحافة خبرا عن هذه الأسرة بدا للكثيرين ان هذه الأسرة قد تكون الأغرب من بين كل الأسر العدنية في عدن وحينها أثار الخبر الذي نشر بصحيفة محلية حالة من الاستغراب والتعجب وسارع مسئولون في السلطة المحلية إلى إبداء الكثير من الاهتمام بهذه الأسرة والتصريح بأنهم سيحاولون اكتشاف الأسباب الداعية لانطواء هذه الأسرة على نفسها منذ أكثر من 15 عام لم تفتح خلاله باب شقته للعالم اجمع .


وقد لاتكون قصة هذه قصة هذه الأسرة هي الأغرب في عدن بل  إننا وفي تحقيقنا هذا والذي ينشر في " عدن الغد" حصريا  وكأول وسيلة إعلامية ستسلط الضوء على اغرب أسرة في عدن وربما في الجزيرة العربية والعالم .


وعنوان تحقيقنا هذا هو "أسرة في عدن تقدس الحجارة"


من هنا البداية


حينما تلقيت اتصال من احد أصدقائي قبل أيام  يفيدني بأنه اكتشف وجود أسرة بعدن تقضي كل أيامها بجمع الحجارة من الشوارع ، ضحكت وقلت له  بالتأكيد ان الوضع الاقتصادي الصعب اضطرها لبيعها لاحقا لأعمال البناء والإنشاءات  لكنه ضحك ساخرا وردد بصوت ضاحك :" أنهم لايبعونها بل يقومون بتربيتها .


أثارتني الجملة الأخيرة وعلمت من صديقي ان  ثمة أسرة تقطن بمنطقة القاهرة الواقعة بين مديريتي المنصورة والشيخ وينشغل جميع أفرادها منذ الصباح الباكر وحتى المساء بجمع الأحجار من الشوارع  وكل ذلك ليس بهدف بيعها ولكن  بهدف غسلها بالماء والصابون جيدا ومن ثم رعايتها وتنظيفها يوميا.


بدت لي القصة بداية كشيء من قصص الغرائب تلك التي نقرأ عنها في مجتمعات أخرى كالهند أو غيرها وخيل لي الأمر هو اقرب منه إلى خبر قصير بصفحات العجائب والغرائب بالصحف والمجلات لا إلى واقع نعيشه ومجتمع نحيا فيه.


كنت هناك


قررت ان اشد الرحال واتجه إلى ذات المكان لكي أعايش الحدث بنفسي وقبل أيام كنت هناك وقفت وسط الحي الشعبي وسالت انا وصديقي عن هذا المنزل .


محمد صالح اليافعي رجل بالغ من العمر 45 واحد سكاني الحي ضحك ضحكة مطولة حينما سألته فيما إذا كانت القصة حقيقية وهل هنالك وجود حقيقي لهذه الأسرة  .


يقول اليافعي في معرض إفادته لـ"عدن الغد" ان هذه الأسرة  تعيش منذ أكثر من ثلاثين عاما بشارع عبد الحق احد أقدم أحياء القاهرة على الإطلاق وهي تتكون من امرأة عجوز تدعى الحاجة سعيدة وابنه لها تدعى نجاة واثنان من أبنائها.


يوضح اليافعي وهو يقودنا صوب المنزل بأنه منذ ان سكن هنا  وهو يشاهد هذه الأسرة تقوم صباحا بالنزول إلى الشوارع القريبة من منزلها وإحضار عشرات الأحجار ومن ثم الانشغال بغسلها ورصفها بداخل المنزل وفي باحته .


وحينما وصلنا إلى أمام المنزل هالني المنظر كانت باحة المنزل مليئة بالأحجار وعلى مداخله وفي كل الأمكنة  حتى ان الطرق إلى داخله أصبحت ضيقة للغاية بسبب كثافة الأحجار الموجود .


يقول "عبد القوي الشميري" هو احد جيران أسرة الحاجة سعيدة :" هذه الأسرة تقضي يومها بجمع الأحجار وغسلها ومن ثم تصنفيها فنوع معين من الأحجار يتم الاعتناء له بداخل غرف النوم وأخر يتم وضعه في الصالة ومن ثم الأحجار العادية يتم وضعها بباحة الحوش وهناك أيضا تفصيل آخر حيث تم فصل كل نوع من الأحجار على حده.


يضحك الشميري ويواصل قوله :" مثلما ترى الأحجار ملئت البيت والحوش وهي في طريقها إلى الشارع العام، بل ان الأمر وصل إلى ان الأسرة أصبحت تبحث عن قطع كرتونية بهدف حماية الأحجار من حرارة الشمس.


يشير بيده صوب قطع من الكرتون كانت تغطي عدد من الأحجار بباحة المنزل.


يتذكر الشميري  بأنه وفي أعقاب احتجاجات شعبية  حدثت في عدن قبل أشهر خرج العشرات من الشباب الغاضبين على انقطاعات الكهرباء يومها ليلا وقطعوا الطريق بالأحجار ، صباحا لم تكلف البلدية نفسها زيارة  الشارع الذي تقيم فيه هذه الأسرة لقد تكفلت الأسرة بكل شيء وبدأ الشارع صباحا نظيفا خالي الوفاض وكأن شيء لم يكن.


كيف تعيش هذه الأسرة؟


يؤكد عدد من الأهالي ان هذه الأسرة تفتقد إلى أي مصدر دخل ولكنها تعيش على التبرعات التي يقدمها رجال الخير من أهل الحي  ولا يعرف أفراد أسرتها شيء في الحياة سوى الانشغال بجمع الأحجار وغسلها والاعتناء بها .


وبحسبهم فان كل فرد من أفراد الأسرة يملك مجموعة من الأحجار بداخل المنزل خاصة به وتعتبر من أقدس الأحجار وكل شخص يعتني بها بطريقته فيما هناك ثمة حجر كبيرة بالداخل يقال بأنها أكثر الأحجار قداسة بالنسبة للأسرة وربما قد تكون ام الاحجار .


خلال زيارتنا حاولنا الالتقاء بالأسرة وطلب السماح منها لنا بالحديث إليهم وتصوير المنزل من الداخل إلا أنهم رفضوا الحديث وأغلقوا الباب ولم نتمكن إلا من التقاط صورة  لباحة المنزل .

تثير قضية هذه الأسرة الكثير من علامات الاستفهام الشيء الذي تم استنتاجه من خلال الحديث إلى عدد من الجيران ان الأسرة تعيش في حالة انطواء على نفسها ولاتملك علاقات اجتماعية قوية مع المحيط الذي تعيش فيه .


غادرت الحي  وبحوزتي  عشرات الأسئلة والاستفسارات عما رايته وشاهدته وتسألت عن الدور الذي يجب ان تضطلع به جهات الاختصاص تجاه اسر كهذه ؟؟ وتمنيت لو انني اعرف السر الذي يمكن ان تشكله أحجار عادية لمجموعة من الناس لكي يتم تقديسها هكذا، لكنني للأسف الشديد لم أتمكن من معرفة السر.


من فتحي بن لزرق