آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:40ص

صفحات من تاريخ عدن


الشوكي دار .. والحجة فطوم

السبت - 28 فبراير 2015 - 09:10 ص بتوقيت عدن

الشوكي دار .. والحجة فطوم

عدن ((عدن الغد)) خاص:

محمد أحمد البيضاني 

يا حجة فطوم حرصت بريطانيا على إستقرار الأمن في عدن وهذا عامل في غاية الأهمية فبدون أمن وسلام لا يمكن أن يتطور المجتمع والتنمية في البلاد.
قامت السلطات البريطانية بتأسيس قوة بوليس عدن البريطانية وهي قوة مدنية للحفاظ على الأمن في المستعمرة ، كانت هذه القوة متطورة وأنخرط فيها كثير من أبناء عدن والمحميات ، وقد حرصت بريطانيا على تدريب هذه القوة التي تتمتع بكفاءة عالية ، تم التدريب في معسكر البوليس المسلح - مدرسة التدريب وللحقيقة والتاريخ كان المقدم محسن بلال العدني من الضباط الذين قاموا بتطوير هذه المدرسة العسكرية التي تدرب الضباط والجنود وأشرف على التدريب العسكري العم النقيب سعيد الخضر الذي كان يتمتع بخبرة عسكرية عالية.
وأنشأت أيضا قوة البوليس المسلح التي كانت تقوم بحراسة الدوائر الحكومية والبنوك والخزانة العامة ، وتملك فرقة موسيقية نحاسية ، كانت إستعراضات هذه القوة في غاية الانضباط ، ويقوم البوليس المسلح بحراسة وحكم جزيرة كمران.


قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با أعمر ماي فيرست بوري وبا جيب لك عواف مطبق ولوب وشاهي ملبن وبعدين حازيني. قلت سأحازيك عن الأمن في عدن حين كانت عدن تملك أكبر وأحدث قوة أمن في الجزيرة العربية ، ذهب أبناء عدن من الضباط إلى بريطانيا للتدرب على إدارة المرور ومنهم الشهيد البطل الرائد هاشم عبد الله سيف عزعزي ، والرائد حامد مرشد، وكثير من الضباط في كافة إدارة الأمن.
واليوم با أحازيك عن الشخصية الظريفة شوكي دار عدن ، وكلمة الشوكي دار جاءت من اللغة الهندية وتعني الحارس. معظم الشوكي دارات كانوا من كبار السن الذين عملوا في البوليس أو متقاعدين من جيش محمية عدن ، والحرس الوطني الإتحادي ، وبعض الشوكي دارات من أبناء عدن المتقاعدين ، وكانوا يقوموا بحراسة الشركات وبعض الإدارات والمستودعات ، والشوكي دار يتميز بلباسه الكاكي والعمامة الحمراء ويحمل عصا بامبو ، و يجلس في كرسي خارج الإدارة وهو يمازح الموظفين وكل من يسير في الشارع ويمتاز بالمنجامة العدنية المشهورة.
يا حجة فطوم والظريف في الأمر إن عمل الشوكي دار وهذه المهنة قد أنقرضت ، ضحكت الحجة فطوم وقالت اليوم نرى شركات الحراسة Security Companies ، وكلهم من الشباب بملابسهم الأنيقة و لايحملوا بواكير زي أول أو لابسين مشدات حمراء ولا تسمع منهم مناجمه للموظفين أو الماشين في الشارع.
يا حجة فطوم من الشوكي دارات المشهورين وخاصة من حافة القاضي – سعيد مسكينة ، سعيد إيراني والشوكي دار المشهور في بيت البس الهوردال المتقاعد من بوليس عدن العم عبد الله الفروي الذي كانت له حكايات أسطورية في قصص السرق والمزفرين ، وكيف كانوا يخافوا من صوت الهوردال الفروي وهو يطوف حوافي عدن في الليل ، كان الفروي يعرف من نوع السرقة وطريقة الكسر .. يعرف المجرم الذي قام بذلك وقد أكتسب هذه الخبرة بعد أن عمل في بوليس عدن لمدة 40 سنة. قالت الحجة فطوم هذه شخصيات لن تتكرر مرة أخرى.

لطفي والمخبازه .. والحجة فطوم:
يا حجة فطوم كم أشعر بالسعادة وأنا اكتب هذه الذكريات والمحازي إنها قصة عمر – قالت الحجة فطوم يا محمد أصبر با اجيب لك قرطاس فوفل ملبس مطبوخ طبخة خاصة عملتها بالنارجيل وقلص فيمتو وبعدين حازيني .
قلت لها يا حجة فطوم .. لطفي والجرادة ساهموا في برامج إذاعة عدن . ففي أحد الأيام غادر لطفي والجراده الإذاعة في الظهر بعد المشاركة في أحد البرامج ، كان الجراده يسكن في الشيخ عثمان ولطفي في كريتر . قال الجراده للطفي : أسمع يا لطفي أيش شورك تقدمني بالبابور حقك إلى الشيخ عثمان ، وأنا أعزمك غذاء في مخبازه في الشيخ عثمان ، عليك البترول حق البابور وعلي الغذاء ، قال له لطفي : ساي - أي موافق يا جرادة . وصلوا إلى الشيخ عثمان ودخلوا المخبازه وبصفة الجراده صاحب العزومة زكن – أي طلب الجراده غذاء ديولي غنى عليه المغني وشعر عليه الشاعر - زكن الجرادة مكان فته مع العسل والسمن ، مكان فته حاف بالسمن ، مكان صحن خبز رشوش ، وحُلبه مع الحُمر ، 2 قوارير كوكا بارد للهضم ، وذيل حوت كبير زينوب مشوي موفى رهيب ، لما شافه لطفي هتف الله أكبر كأنه تينيس - أي مضرب التنس ، وتعطلت لغة الكلام بين لطفي والجرادة وهم في معركة مع هذه العزومة العباسية.
ذهل لطفي من كرم ضيافة الجرادة ولم يتسرب الشك إلى نفسه تحت أي سبب من ضخامة الغذاء ، وأعتقد في الأمر إن الجراده مبون – أي عنده فلوس ، لأن الجراده قبل يومين قبض من الإذاعة مبلغ محترم . أنتهى الغذاء وتأخر الجراده في القيام لغسل اليد و سبقه لطفي وأنتظره أمام صاحب المغل – أي المحاسب ، قام الجراده وكان يعرف تلك المخبازه جيدآ لأنه من أبناء الشيخ عثمان ، غسل الجراده يده ودخل إلى المطبخ ، كان للمطبخ باب في الخلف خرج منه الجراده إلى الشارع وهرب إلى بيت قريب في الحارة . شعر لطفي بتأخر وإختفاء الجراده – هنا عرف لطفي انه هرب وأدرك أسباب هذه العزومة الضخمة التاريخية، تلقى لطفي مقلب الجراده بدهشة وقال في نفسه .. " قدنا شكيت من ضخامة العزومة ولكن ما خليت بالي .. الأيام بيننا يا جراده". ودفع الحساب كاملآ وثمن البترول حق السيارة إلى الشيخ عثمان . ضحكت الحجة فطوم ضحكآ شديد من هذا المقلب التاريخي . قلت لها يا حجة فطوم ابو جهاد ما يرقد طارف ، عمل في الجراده 2 مقالب تاريخية أخرى تحدث عنها الركبان من بيت النورجي إلى بيت الزيدان – با حازيك فيها في حلقة أخرى. قالت الحجة فطوم يا محمد ايش تشتي من أكل .. قلت لها يا حجة فطوم خاور مثل لطفي والجرادة .. خاور مخبازه ..

*كاتب عدني ومؤرخ سياسي - القاهرة