آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-11:28م

ملفات وتحقيقات


قصة إعادة دفن شهداء أحد من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم

الخميس - 28 يونيو 2012 - 08:07 ص بتوقيت عدن

قصة إعادة دفن شهداء أحد من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
قبر أحد الصحابة رضوان الله عليهم (بالمملكة العربية السعودية )

الرياض ((عدن الغد)) خاص

يقول تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) [البقرة: 154]. هؤلاء الذين وضعوا بعد مرتبة الصديقين وقبل الصالحين في قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69-70].


الذي يتأمل الآية الكريمة ويتدبر عبارة (بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) سيجد فيها إعجازاً رائعاً، لأن مصيرنا الفناء إلا أجساد الأنبياء كما روي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) في سنن أبي داوود والنسائي.


إن الشهداء تبقى أجسادهم بيننا غضة طرية لأن أرواحهم تتغذى من ثمار الجنة و هذا ما يعلل رائحة المسك ونزفهم للدم ونمو اللحية وتعرقهم مع أن بعض الشهداء قد مضى على استشهادهم سنين وعقود وحتى قرون، وهو يعلل عدم تحلل الخلايا وعدم اقتراب الميكروبات والحشرات والقوارض منها.


فناء الأجساد طبياً: 

من المعلوم أن فناء اللحم يكون بين ستة أشهر إلى عام والعظم بين عشرين إلى خمسين عاماً، ويتحلل الجسد حسب طبيعة الجو المحيط (الرطوبة والحرارة والتعرض للشمس ومكان وطبيعة الموت وطبيعة الجسد) (1).


مراحل التحلل: عند موت الإنسان يبدأ التحلل داخلياً بعد أربع دقائق و هو ما يسمى علمياً التحلل الذاتي فيستهلك الأوكسجين و تزداد نسبة ثاني أكسيد الكربون و الفضلات التي تسمم الخلايا ثم تبدأ بعض الأنزيمات بتحليل الخلايا من الداخل بسبب ازدياد نسبة الحموضة فتفكك الشحوم والبروتينات والسكريات لعناصر أبسط و هذا التحلل لا يكون ظاهر للعيان في الأيام الأولى ولكنها تكون كثيفة في الكبد بسبب كثافة الأنزيمات و الدماغ بسبب نسبة السوائل الموجودة به ويتغير لون الدم ويتجمع الدم تحت الجلد و بسبب ازدياد نسبة الحموضة تتجلط السيتوبلازما ثم تبدأ مرحلة البلاء أو الاهتراء حيث تقوم البكتريا اللاهوائية والهوائية والفطور بتحليل الخلايا بعد أن قضت على الدفاعات المتبقية من الكريات البيض و تجعلها تنهار بالكامل و تحولها لغازات و سوائل و مواد أولية و يتغير لون الدم إلى الأخضر القاتم و الغازات الناتجة عن التحلل هي الميثان وثاني أكسيد الكربون وسلفيد الهيدروجين و الأمونيا. و إن لم تخرج من الفتحات الطبيعية قد تتسبب بانفجار الجسد، و هذه الغازات هي التي تعطي رائحة الإنتان لجسد الميت و كل هذا ضمن الأسبوع الثالث ثم تقوم بعض الحشرات التي لها دور هام في الفناء بوضع بيوضها في الفتحات الموجودة و تقوم يرقاتها بالغذاء على الجسد المتحلل ثم تتعاون كل هذه المخلوقات على تحليل اللحم والعظم ويفنى اللحم قبل العظم بسبب طبيعته و هنا تبدأ مرحلة التحلل الجاف حيث ينبت على العظم المتبقي طحالب تساهم في تفتيته و ذلك حسب الرطوبة المتوفرة و في العقد الأول تظهر على العظام شقوق و يتقشر و لكنه يتحول إلى غبار مع مرور الوقت ( أي من التراب و إلى التراب نعود ) (2).

 

شهداء أحد : 

في عهد الملك (فيصل بن عبد العزيز) ـ رحمه الله ـ هطلت أمطار غزيرة على المدينة المنورة ـ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ـ وقد شكلت هذه الأمطار سيولاً شديدة في منطقة (جبل أحد) حيث تم دفن سبعين صحابياً من شهداء معركة أحد ـ رضوان الله عليهم .


 يقول عالم الدين العراقي (محمد محمود الصواف) ـ رحمه الله ـ عندما هطلت هذه الأمطار الغزيرة وشكلت تلك السيول العنيفة ، كشفت هذه السيول قبور الصحابة الكرام ، فشكل الملك (فيصل) لجنة من علماء المسلمين لإعادة دفن هؤلاء الصحابة الكرام ونقلهم إلى مكان آخر،يقول الشيخ الصواف)

 ـ كنت ممن فتح قبر سيد الشهداء (حمزة بن عبد المطلب) رضي الله عنه ورأيته عظيم الجثة قوي البنية وقد بُقر بطنه وجُدع أنفه ومُثل به ، وقد تم وضع يديه على بطنه ، فلما رفعناه سقطت يده عن بطنه وتدفق الدم القاني من جديد وكأنه قتل اللحظة ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ .  

 وفي عقد الثمانينات من القرن الماضي وأثناء شق بعض الطرق السريعة في منطقة اليمامة القريبة من مدينة (الرياض) ، تم اكتشاف قبر قديم أثناء الحفر، فإذا هو قبر لأحد الصحابة وقد أصيب بعدة طعنات في الصدر والبطن وقد بُترت إحدى يديه .. فتم نقله إلى مقبرة البقيع في المدينة المنورة . وأثناء نقله سال الدم على جانبيه ـ الدم الساخن ـ وكأنه قد مات هذه اللحظة ، وانبعثت من هذا الدم رائحة المسك ، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : اللون لون الدم والريح ريح المسك .

 وفي الثمانينات ـ كذلك ـ حدثني الشيخ الشهيد بإذنه تعالى ـ الدكتور عبد الله عزام عن رجل من (جزيرة العرب) من مدينة (بُريده) التي تقع شمال مدينة الرياض ، وقد سافر هذا الرجل مجاهداً في سبيل الله إلى أرض (أفغانستان) ، ومكث فيها أربع سنوات قبل استشهاده ، يقول الشيخ عبد الله عزام .


 ـ كنا نرى الشهادة في وجهه ، كان كثير الصيام والقيام وقراءة القرآن .. والجهاد في سبيل الله ضد المحتل السوفييتي ، ولطول مكوثه في الجهاد والاستشهاد نسي حتى وجه زوجته وأولاده وبناته ، كان هدفه الأول والأخير أن يرزقه الله الشهادة في سبيله ، وقد منّ الله عليه بالشهادة لصدق نيته ، وقد دفناه في أحد الأودية القريبة من مدينة (كابول) ، يقول الشيخ عزام .

 ـ العجيب أننا كلما مررنا بقبره سمعنا تكبيرات تخرج من قبره ، حدث ذلك أكثر من مرة وعلى مدى أسابيع وشهوراً وليس ليوم أو يومين .


 لقد أكرمه الله بالشهادة والتكبير والتهليل حتى وهو في عالم البرزخ رحمه الله رحمة واسعة .

 وفي إحدى الدول الإسلامية تم القبض على مجموعة من الشباب المؤمن ، وتحت التعذيب الوحشي اعترف بعضهم على زعيم المجموعة وكان هذا القائد قد أصيب بطلقات وجراحات قاتلة فتم دفنه من قبل إخوانه في حديقة أحد المنازل بعد استشهاده 

 وعندما تم القبض على بعض أعضاء المجموعة وتحت التحقيق المصاحب للتعذيب الوحشي ، تم إرشادهم إلى مكان دفنه ، وذهبت مفرزة يقودها (عقيد ركن) إلى مكان الدفن ، وعندما تم فتح القبر إذ برائحة المسك تفوح عليهم من داخل القبر، وإذ بالشهيد ، أو قل بجثة الشهيد هي .. هي لم تتغير ولم تتحلل وكأن صاحبها قد مات منذ أقل من ساعة أو ساعتين ، ودمه ما زال ينزف من جروحه ، مع أنه مات منذ حوالي ثلاثة شهور أو أكثر.


   وقال عليه الصلاة والسلام : للشهيد خمس خصال : يُغفر له عند أول دفقة من دمه ، ويؤمن من عذاب القبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة فيه خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج باثنتين وسبعين من الحور العين ، ويُشفع في سبعين من أهل بيته أو كما قال عليه الصلاة والسلام .


 ورب العالمين قال قبل هذا .. وبعد هذا : {ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ( آل عمران )

 

 

* من بسام البان