آخر تحديث :السبت-18 مايو 2024-11:02م

النطيحة بلا قرون

الجمعة - 03 مايو 2024 - الساعة 06:13 م

القاضي عبدالناصر سنيد
بقلم: القاضي عبدالناصر سنيد
- ارشيف الكاتب


تساءلت لماذا خص الله تبارك وتعالى بذكر المتردية والنطيحة؟ سؤال أثار الكثير من الحماس في النفس فمثل هذا الأمر يستحق الوقوف والتأمل بالمعاني المراد أن نفهمها من هذه الإشارة ، فكل الصفات السيئة تقريبا التي يتباهى بها البعض تختفي خلف هذا الوصف ،فالمتردية في اللغة العربية هو كل من يسقط ويتدحرج من مكان عال إلى أن يستقر في الاسفل سواء خرج من هذا السقوط بجروح طفيفة أو خرج من هذا السقوط بجروح بليغه أو خرج من هذا السقوط بإعاقة دائمة أو خرج من هذا السقوط بإعاقة مؤقته أو كان هذا السقوط نهاية لمسيرته أو كان هذا السقوط عبارة عن درس بليغ يجب عليه أن يتعلمه ، أما النطيحة فهي الشاة ذات القرون التي تستخدم قرونها في نطح نظيراتها من الشياه ،
فتساءلت هل نمتلك نحن البشر بعض من هذه الصفات ؟ الكل سيحرك رأسه رافضا القبول بمثل هذه الفكرة و سينا بالنفس عن هذا الوصف على اعتبار أنه ناجح ويسطع نجمه في التعيينات وبمختلف انواع القرارات ومسمياتها فهو لازال يعتقد بانه مخلوق غير عادي خلق من طين نوعيه خاصه تم استيرادها من كوكب زحل أو نبتون و بطلبيه خاصه ،بينما الأخريين خلقوا من طين عادي ليس له اي قيمه سواء في التعينات أو القبول يمكنها أن تضاهي أو حتى تقترب من قيمته ، فقلت إن الغرور الذي يصيب البعض يلحق الضرر بصورته و شخصية هذا الشخص أمام الناس وقد يطال هذا الضرر ليشمل ما تبقى من ريحته ، فالمغرور انسان يمتلك اعتقاد فاسد بأنه أكثر الناس كفاءة واشدهم ذكاء و دهاء وأنه يطوف و يسموا في مراتب لا يستطيع احد من العامة مهما ما كانت قدراته الاقتراب منها أو الوصول إليها ، من خلال التباهي بالقوة والمناصب التي يختبئ خلفها اسمه ، ، فقلت في نفسي ان المناصب ليس لها عند الله تبارك وتعالى اي قيمه أو مكانه إنما القيمة الحقيقية في العمل فنحن جميعا عباره عن خدم نقدم خدمه عامه نعمل بكل طاقاتنا في خدمة عامة الناس وارضائهم قياسا على الحق الذي يقف إلى جوارهم فقد يساوي هذا العمل عند الله مكانا يليق بنا في الجنان وان فسد فالنيران حتما في انتظارنا.
ليس هناك من بضاعه نتاجر بها مع الناس ونكسب بها رضى الله تبارك وتعالى أكثر قيمة من التواضع ، فهو من يعطي قيمة لا سمائنا و شرفا ننال به رضى واحترام الجميع و إرثا أشد لمعانا وتقديرا وقيمة في عيون الناس من قيمة المناصب ، فبعد حين لن يتذكر أحد اسمائنا وستنسى الصحافة الإشادة بنا و بمناقبنا أو المناصب الذي تقلدناها أو الانجازات التي حققناها ،فلن يتذكر أحد سوى تلك الأخلاق التي ظهرنا بها وذلك التواضع الذي رفع إلى الثريا اسمائنا..