آخر تحديث :الإثنين-03 يونيو 2024-02:35م

الحاكم وخيانة العامل

السبت - 10 يونيو 2023 - الساعة 01:15 م

وليد الشرفي
بقلم: وليد الشرفي
- ارشيف الكاتب


يحكى أن أحد الحكام في أرض خضراء كان تقياً عابداً يحب أهل بلاده وما جاورها من القرى فقرر الحاكم أن يكرم الفقراء و المحتاجين دون استثناء من مال المسلمين فسأل كبير الحكماء أن يدله عن عامل يقوم بتوزيع المواد الغذائية للفقراء*

*فقال له كبير الحكماء إنني اعرف شاباً مشهوداً له بالاخلاص والكفاءة والصدق*

*فقال الحاكم أحضره غداً معك*

*وفي صبيحة اليوم الثاني بكر كبير الحكماء ومعه الشاب فدخلا معاً فرأى الشاب هيبة الدولة فتقدم الشاب إلى مقربة من الحاكم فعجب الحاكم بحديثه وما سمع عنه*

*فقال الحاكم لقد وجدت من كنت أبحث عنه*

*فقال بصوت عال ياكبير الحكماء أوكل إليه مهام توزيع المواد الغذائية وجعل له عمالاً يعملون معه و يحاسبهم بنظام الحسبة فنفذ كبير الحكماء أوامر الحاكم بحذافيرها*

*لم يعلم الشاب أن فوق كل ذي علم عليم وأن الحاكم ما كان ليضعه في هذا المكان إلا لأمر عظيم يرتب له في ديوان الإمارة ومكاتبها*

*فاستلم الشاب كشوفات من سيتم الصرف لهم من المعونة الغذائية فظل يصرف المواد الغذائية ويسلم الكشوفات إلى صاحب الحسبة وما كان من صاحب الحسبة إلا أن يضع الكشوفات التي تم صرفها للفقراء على الطاولة دون مراجعة أمامه واستمر الحال على هذا الشكل عدة أيام لا يراجعها أمامه والشاب لا يعلم أن الحاكم أرسل مسؤولاً العسس رجالاً بعده من يتتبعون أثره وأخباره*

*فظن الشاب أن الحاكم لن يسأل عن ما تم صرفه من المواد الغذائية مثل سكوته على مافعل عمال مدينة الضباع المجاورة لمدينته فلم يفطن أنهم في اختبار طويل ليومٍ معلوم .. وأن النفس لإمارة بالسوء وفي ليلة من الليالي جهز عدة عربات محملة بالمواد الغذائية إلى مكان مجهول..!. فباع ما أخذ لأحد التجار واشتراها بأمر من الحاكم فاشترى الشاب له خيلاً و داراً ومتاعاً فعلم زملاؤه بما فعل فقال له أحدهم من أين لك الخيل والدار فتلعثم في كلامه فعلم كبير الحكماء إن الشاب مفتون لايصلح للعمل في ديوان الحاكم فقال بعض ممن يعيشون على الفضلات متمسحين بأحذية العمال من المسؤولين إنه لصادق وامين لايعلمون أنهم طبول مرتزقة لايحسنون إلا قرع الطبال للخونة*

*لم يعلم هؤلاء المتيهودون فكريا ً والناشرون لأفكارهم ويقفون ضد الحاكم أنه من يغش الحاكم ويكتم ما في قلبه يظهره الله وتظهر في فلتات لسانه أو تسطره يداه ظاناً منه أنه ذكي وإنما هو بخائن للأمانة فهل سألتم أنفسكم من أين له أن يشتري خيلاً و داراً ؟ إنها فترة ضياع الأمانة..! فلم يعلموا هؤلاء إنها سياسة الحاكم في اختيار عماله..*