آخر تحديث :الجمعة-17 مايو 2024-01:31ص

نصف الكوب الفارغ

الإثنين - 09 مارس 2015 - الساعة 04:19 م

وليد محمد سيف
بقلم: وليد محمد سيف
- ارشيف الكاتب


ترتبط بحدث عارض بل هي تؤشر لبداية أفول عصر النفط، وانتهاء دولته الريعية في  عديد دول وفي مقدمتها دول الخليج واليمن.

 

النفط هو المصدر الرئيس للناتج القومي لدولة كاليمن، وهو كذلك لعديد دول أخرى مثل فنزويلا وإيران وكافة دول الخليج العربي، وهي الخاسر الأكبر من تدني أسعار النفط إلى ما يقارب النصف منذ أكثر من خمس سنوات. وبحسب خبراء ستتحول الولايات المتحدة الأمريكية، أهم دولة مستوردة للنفط إلى مصدر له، وربما تربعت قائمة الدولة المصدرة في العام 2017م لتتقدم دولا مثل روسيا والسعودية، بعدما نجحت باستخراج النفط الصخري من أراضيها بكميات تجارية وبجدوى اقتصادية عالية، وهذا هو سر انخفاض أسعار النفط عالميا،  إلى جانب حلول مصادر الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية والنووية وطاقة الرياح تدريجيا مكان النفط ومشتقاته.

 

استمرار وجود النفط لا يعني ديمومة عصره الذهبي، فشمسه توشك ان تؤذن بالمغيب.. وكما أن العصر الحجري لم ينتهِ بانعدام الحجارة فالحال كذلك مع النفط ...ما يفرض تحديات على الدول التي لازالت تعتمد عليه كمصدر وحيد للدخل القومي، البدء سريعا في تنويع مصادر دخلها وعدم الركون إلى هكذا ثروة توشك أن تنضب من المنطقة العربية بحلول العام 2040م وفق أكثر التقديرات تفاؤلا لتصبح دولة الرفاه في الخليج العربي أثرا بعد عين، إن لم تجهد في البحث عن مخارج من قبيل تطوير البنية التشريعية فيها لما يكفل جذب الاستثمارات وتنمية مواردها البشرية وتأهيلهم لمواجهة التغييرات، وتطوير فرص القطاع الخاص لامتصاص مزيد من العمالة.

 

ربما كانت اليمن أفضل حالا من جيرانها الخليجيين، فالمفارقة أن اليمن رغم كون النفط مصدرا رئيسيا للدخل إلا أن محدودية إنتاجها منه، وتنوع مصادر مدخولاتها من زراعية وحيوانية وسمكية، التي لن تعدو جهودها سوى في استثمارها على نحو أمثل إذا ما توافرت الإدارة الجيدة لهذا البلد، الذي لا يزال ينوء تحت عبء صراعات سياسية حادة أعاقت مسيرته التنموية.. لتشكل الأزمة السياسية الحالية مع تدني أسعار النفط ضلعي مثلث الأزمة المستفحلة في اليمن،  ينضاف إليها ضلعا ثالثا طالما جرى إهماله رغما عن توالي التحذيرات وتتصل بانخفاض منسوب المياه في بلد ريفي بالأساس، حيث تعيش الكتلة السكانية الكبيرة هناك، وتتوسل الزراعة كنشاط رئيسي في منظومة حياتها الاقتصادية، والمؤشرات تذهب إلى أن اليمن رغم كونه من اقل دول العالم استهلاكا للمياه إلا إن الدراسات تظهر عجزا في المخزون الجوفي يبلغ 900متر مكعب سنويا هو حصيلة الفارق بين معدل سحب المياه ومعدل تجددها.

 

لا أريد أن أكون متشائما، وأن انظر فقط إلى نصف الكوب الفارغ، لكنه كذلك تماما، ولا جدوي من أي طروحات (أكاديمية) عن ضرورة تنويع مصادر الدخل، دونما حلول ناجعة لمشكلة المياه التي يصبح معها كل حديث عن التوسع في الاستثمار الزراعي والحيواني أمر عبثيا لا طائل منه.